أَيَّةُ مَعْرِفَةٍ؟! [٣] وَالْأَخِيرة

نـــــــــزار حيدر

٤/ علمٌ ومعرفةٌ تنمِّي الذَّكاء والفِطنة حتَّى لا تمرُّ علينا الأَكاذيب والفبركات كما هو حالُنا اليوم وللأَسف الشَّديد!.

لقد أَشار الامام جعفرُ بنُ محمَّد الصَّادق (ع) الى هذا المعنى بقولهِ {العَارِفُ بِزَمانِهِ لا تهجُم علَيهِ اللَّوابِس}.

لقد إِنشغلنا بطلبِ أَو متابعةِ علومٍ ومعارفَ لا تمسَّ واقعَنا لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، ولذلك لُبِّسَ علينا الأَمرُ وتِهنا في دهاليزِ واقعِنا المظلمةِ! وتضخَّم حجم الفئة الثَّالثة من النّاسِ الذين قسَّمهم أَميرُ المؤمنين (ع) بقولهِ {النَّاسُ ثَلاَثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاة، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِق، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيح، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَؤُوا إِلَى رُكْن وَثِيق} ومصداقهُ هتاف [علي وياك علي] لكلِّ فاسدٍ وفاشلٍ ولصٍّ!.

لقد بِتْنا نركُض وراءَ كلِّ ناعقٍ فيخدعنا ويُضلَّنا أَو على الأَقلِّ يُلهينا! فيما أَوصانا أَميرُ المؤمنين (ع) الى عدمِ الالتفاتِ إِليهم بقولهِ (ع) {وَلاَ تَلْتَفِتُوا إِلى نَاعِق نَعَقَ: إِنْ أُجِيبَ أَضَلَّ، وَإِنْ تُرِكَ ذَلَّ}.

ولقد قال أَميرُ المؤمنين (ع) وقد مرَّ بقتلى الخوارِج يَوْمَ النَّهْرَوَان: بُؤْساً لَكُمْ، لَقَدْ ضَرَّكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ.

وإِنَّما اتَّبعوا مَن غرَّهم لجهلهِم! أَليسَ كذلك؟! وهو حالُنا اليوم!.

٥/ العلمُ الذي يكسبنا ثقافةً والمعرفةُ التي تكسبناالثَّقافة وليست معرفة العلومِ فقط، والمقصودُ بالثَّقافة هي منظومة المعارف التي تعلِّمنا كيف نعيش بسعادةٍ وأَمنٍ واستقرارٍ، وتعلِّمنا كيف نتعايش مع الآخر! في الأُسرةِ وفِي المحلَّةِ وفِي الصفِّ الدِّراسي وفِي محلِّ العمل وفِي السِّياسة ومع شُركاء الوطن!.

أَلا ترى اليوم كلَّ هذا التخبُّط في علاقاتِنا؟! بدءً بالأُسرةِ وليس انتهاءً بالعمليَّة السِّياسيَّة؟! أَلا ترى علاقاتنا قائمةٌ على الإفراطِ والتَّفريطِ؟! وهي صفةُ الجاهل بكلِّ تأكيد كما يصفهُ أَميرُ المؤمنين (ع) بقولهِ {لاَتَرَى الْجَاهِلَ إِلاَّ مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً}.

أَلّا يعني أَنَّ الحاكميَّة في المجتمعِ هي للجهلِ وللجهلِ المركَّب وليس للعلمِ والمعرفةِ؟!.

ولذلك ترى كلَّ واحِدٍ منّا يُغنِّي على [تسويَتهِ التَّاريخيَّة] من دونِ أَن يلتفتَ لأَحدٍ!.

٦/ عِلْمُ العملِ الذي يصفهُ أَميرُ المؤمنين (ع) بقولهِ {الْعِلْمُ مَقْرُونٌ بِالْعَمَلِ فَمَنْ عَلِمَ عَمِلَ، وَالْعِلْمُ يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلاَّ ارْتَحَلَ} وهو العلمُ الذي نحقِّق به النَّجاحات والمعرفة التي تهدينا إِلى الانجاز من دونِ الاكتفاء بسردِ التَّضحيات وتدوينها وأَرشفتها!.

فالنَّاجِحون همُ الذين يعدِّدون نجاحاتهم ويفتخرون بإنجازاتهِم أَمّا الفاشلونَ فهم الذين يفخَرون بتضحياتهِم فقط!.

نحنُ بحاجةٍ إِلى علمٍ ينتقل بِنا من مجتمعِ التَّضحية المستدامةِ والاستهلاك والدَّولة الرَّيعيَّة الى مجتمعٍ مُنتجٍ ومُنجزٍ ودولةٍ مُنتجةٍ!.

وإِنَّ علمَ العمل هو الذي يُحقِّق اليَقين الذي تُنتجهُ البصيرة عند المرء وهي الصِّفة المطلوبة للنَّجاح فالمتردِّد في صوابِ خُططهِ مِن عدمِها لا يُحقِّق إِنجازاً أَو ينقطعَ عملهُ في مُنتصفِ الطَّريق ولذلك قَالَ الصَّادق (ع) {إِنَّ العَمَلَ الدَّائِمَ القَلِيل على يَقينٍ، أَفضلُ عِنْدَ الله مِن العَملِ الكَثيرِ على غَيرِ يَقِينٍ}.

وصدقَ الله تعالى في مُحكمِ كتابهِ الكريمِ عِندما قَالَ {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ}.

٧/ عِلْمُ الاختيار، وهو الذين يهدينا الى تخيُّرِ الأَصدقاء والرِّفاق والزُّعماء والقادة والرُّموز والنَّماذج والقَدَوات! ليس على أَساس الانتماء الحِزبي والعشائري أَو على قاعدة المُحاصَصة المقيتة والوَلاء الشَّخصي والمنافِع الشَّخصيَّة! وإِنَّما على أَساس معايير النَّجاح والانجاز.

أَلا ترى أُمورنا تتدهور اليوم؟! لأَننا لم نختَر المسؤول على أَساس النَّجاح والانجاز وإِنَّما على أُسُسٍ جاهليَّةٍ لا يمكنُ أَن يتقدَّمَ كلُّ مَن يأخذَ بها كائِناً مَن كان.

يقولُ الامامُ الصَّادق (ع) {مَن دَعا النَّاسَ إِلى نَفْسهِ وفيهِم مَن هوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فهوَ مُبتدِعٌ ضالٌّ} فما بالُك إِذا ساعدهُ المجتمع في تحقيقِ غايتهِ؟! فصفَّق لَهُ الامَّعات والأَبواق وبرَّر الذُّيولُ فسادهُ وفشلهُ! ليصنعُوا مِنْهُ القائِد الضَّرورة ومُختار عصرهِم ووحيدِ زمانهِم! وفيهم مَن هو أَفهمُ وأَنزهُ وأَنجحُ وأَقدرُ على قيادةِ البلدِ نحوَ بَرُّ الأَمان؟!.

بجهلِنا مازِلنا نثقُ بـ [العِصابةِ الحاكِمةِ] بِمن فيها عمائِم فاسدة و [مُتديِّنين] لُصوص! ننتظرُ على أَحرِّ من الجمرِ يَوْمَ الانتخاباتِ لِنستنسِخَ نَفْسِ الوجوهِ الكالِحةِ التي لم تجلِب الخَير للبَلد! على حدِّ وصفِ الخِطابِ المرجعي!.

٢١ تمُّوز ٢٠١٧

لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com

‏Face Book: Nazar Haidar

‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1

(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here