الفيس بوك وعصر الفردانية والنرجسية الذاتية المطلقة ..

الفيس بوك وعصر الفردانية والنرجسية الذاتية المطلقة ..

يُلاحظ أن ما يهيمن يوما بعد يوم ، طاغيا على صفحات الفيس بوك هو :
تزايد محاولات تضخيم نرجسية الفرد إلى أقصى حدودها …
و تأجيج هوس ونزعة حب الظهورأحيانا لحد الهلوسة …
و النفخ في بالونات العظمة الأناوية ومحاولة إبرازها بأي شكل كان ، وفي كل أحوال و أقوال ، وبشكل مثير للشفقة في بعض المرات …
والتي قد تصل ـــ أحيانا ــ لحد العشق و العبادة للذات المتضخمة و في هالة هائلة من نرجسية صارخة كعبادة شخصية ..
و يجب الاعتراف هنا بأنه يبدو الأمر :
و كإن الغالبية من الفيس بوكيات وبوكيين ــ أي على مستوى العالم أجمع ــ يكادون أن يتركوا أنفسهم منجرفين بين موجات هذا التيار الهادر نحو التركيز على الفردانية ..
طبعا ………………………….
سعيا وراء نيل إعجاب و تعظيم ذات متضورة !! ، تلك الذات النرجسية التي لم تُعد تعرف شبعا ولا تخمة على هذا الصعيد …
لكونها مندفعة بلهفة مهووسة للحصول على مزيد و مزيد بلا حدود أو سدود ..
أجل ……………………….
تلك الذات النرجسية المضخّمة التي تبد وكأنها محيط بلا قاع ، تتوسل آيات المديح والتعظيم و التبجيل من أي كان ومهما كان ..
فكل… هذا …ما كتبناه ــ أعلاه ــ ليس سوى أو مجرد نتفة مختزلة جدا جدا وبحذر شديد !! ، من دراسة لأحوال فيسبوكية ، طبعا بلا استطراد ، و ذلك تجنبا لإثارة ضجر أو ملل بعضهم ، بسبب الإفراط المفرط ، لكل شيء وعن كل شيء ، و الذي يقدم لحظة بلحظة ، و بأشكال وأنواع متعددة ومختلفة : جميلة وبشعة ، صادقة وكاذبة أو ملفقة ، رائعة أو تافهة ، وأشياء أخرى من هذا القبيل ..
أما ما هوجميل و قبيح ، رائع أو تافه ، صادق أوملفق ، فهذا سيرجع إلى رؤية الفرد ذاته وتصوراته الخيالية والفكرية !!..
غير أنه ………………………………….
فبفضل الفيس بوك سندخل ــ أو قد دخلنا فعلا ـــ في عصر الفردانية المنكمشة على ذاتها ، أملين لكي لا يكون على حساب جفاف التعاطف الإنساني العام إزاء معاناة الآخرين و عذاباتهم ..
بدليل أن ما يُكتب عن شأن عام لم يُعد يُثير اهتمام كثير من الناس بقدر ما يثير أو يهم ما يكتب عن أمور و نزعات ذاتية بحتة :
( فعلى سبيل المثال لا الحصر نقرأ لإحدى الفيسبوكيات عبارة تقول ما معناه :” أنها تحب المال وتتمنى أن تحصل على الملايين منه ” طبعا كحق مشروع ومفهوم !!ــ
ولكنها مع ذلك عبارة في منتهى العادية ومستهلكة جدا أليس كذلك ؟ أن لم تكن مضحكة في الوقت نفسه في نظر بعض آخر ..
و مع ذلك فإن هذه العبارة تحصل على مئات لايكات !! ، بل يقوم آخرون معجبون جدا بهذه العبارة ؟!! ، نقول يقومون ــ بمثابرة عجيبة ــ بنشرها على صفحاتهم الشخصية / كعملية إعجاب وترويج لها ، لتحصل على عشرات أو مئات لايكات أخرى ، في مقابل ذلك يكتب أحدهم عن جندي أمريكي يعترف بأنه قتل 2746 عراقيا ، و بروح سادية و منتشية ، ويطالب بمحاكمته مع الإدارة ألأمريكية سوية ، فلا يحصل ما يكتبه ــ كأمر يخص الشأن العام ـ سوى على بضعة لايكات فقيرة وخجولة فحسب ! )
ناهيك عن عدم نشرها أو الترويج لها ..
نقول كل هذا على سبيل المثال وليس الحصر…
ملحوظة لابد منها :
ركزتُ بين سطوري أعلاه ــ طبعا قصدا وعمدا ـــ مفردة ” الغالبية ” وانجرافها نحو الفردانية والنرجسية الذاتية ، و ذلك لكي لا يشعر أحدهم و كأنه هو المعني بالأمر .
فنحن نتكلم هنا عن حالة عامة و عالمية في الوقت نفسه و على حد سواء .
و يبقى أن نضيف أخيرا :
إنه ــ مع الأسف ــ أن شئنا أم أبينا ــ فأن عدد اللايكات هو الذي يحدد أهمية الموضوع أو المنشور على صفحات الفيسبوك وليس محتواه أو قيمته الجيدة أو الرديئة .

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here