(رفحاء ) البث التجريبي لمؤامرة ما بعد داعش

الاستاذ الدكتور حميد سراج جابر/استاذ الفكر الإسلامي /جامعة البصرة
[email protected]
هناك مفردات معنوية كثيرة تواترت وازدحمت في قاموسنا حتى وصلت الى الاطراد ، ولكن اللافت للنظر إنها لم تشغل أي حيز من التجربة وما يترتب عليها من آثار صحية في منظومتنا الفكرية، بل هي تتجدد كلما تجددت الأحداث وكأن لسان حالها يقول(..لا حياة لمن تنادي..) ومنها مفردة النجاح والفشل والمؤامرة وسرقة النصر والالتفاف عليه وغيرها مما شاع في وسائل التواصل الاجتماعية والسياسية وحتى العبادية.
هذه المقدمة هي تعبير عن لحظة يأس شعرت بها للوهلة الأولى في خضم هذه التجاذبات الكثيرة في الساحة العراقية ولكن سرعان ما تحول هذا اليأس الى طموح وثقة بالعقلاء وقد بني هذا الطموح وتلك الثقة على كرم الباري عز وجل ولطفه بعباده الذي يقوم على مقدمات الاستحقاق التي أسسها الشهداء وأهل الجهاد بأصنافه كلها.
لقد لاحظ أغلب من أبتهج بالنصر على داعش وجود الكم الهائل من النصائح والتوصيات بالتهيؤ للتصدي الى هجمة جديدة مغلفة هدفها سرقة النصر أولا” وإكمال ما بدأه داعش ثانيا” ، وقد مثل الجهد التشخيصي لنوعية وشكل تلك المؤامرة علامة فارقة في التدقيق والتمحيص وهو جهد يدل على الإخلاص ومن ثم التوفيق ، وهذه المؤامرة التكميلية تقوم على التشكيك بالمعتقد تارة وبالاتجاه تارة أخرى والتركيز على نقاط الخلاف في البيت الواحد تارة ثالثة ، وقد تفاعل أكثر الناس مع هذا التشخيص وهذه النصائح وبدأوا بإعادة إرسالها عبر الوسائل التي أشرنا إليها سابقا” الى درجة إن الفرد الواحد قد يستلمها عشرات المرات وهذا دليل صحة.
الغريب في الأمر إنه لم تفصلنا على ذلك التواصل وتلك النصائح مدة زمنية كأن تكون سنة أو شهر أو يوم الاّ وحدث النكوص دون أن نستفيد من التجارب أو النصائح فما هي إلاّ ساعات لنجد نفس وسائل التواصل تقع في المحذور وتفشل في أول تجربة بعد الدورة التدريبية المتواصلة التي تعب عليها أصحابها بشكل كبير.
فلم يعي الناس إن ما أثير عن (رفحاء) هو الحلقة الأولى أو (البث التجريبي) لمؤامرة ما بعد داعش تلك المؤامرة التي نحن بصددها والتي ذكرنا مقدمات التحذير منها ، والنقاش هنا ليس في مشروعية ومقدار تعويضات معسكر رفحاء فهو أمر خاضع لحسابات كثيرة تحتاج الى دراسة حالة وليس حادثة أو إجراء أو قانون وإنما دراسة المنظومة الفكرية للدولة ومن يقوم عليها في كل القرارات السابقة ولا سيما ما يتعلق منها بغياب التقنين العادل وليس الشامل، والتي ربما نفرد لها الحيز والزمن المناسب.
ما نريد قوله إننا لم نرتب أثر على ما نقلناه من توصيات وإنما فشلنا في أول تجربة (لبث الحلقة الجديدة من المؤامرة) فلم ندرك حينما روجنا لموضوع رفحاء إن هناك حيثيات كفيلة بحصول الوعي بالخبر اذا ما تابعناها ومنها:
1- إن قانون رفحاء او ما يسمى التعديل الاول لقانون السجناء قد أقر في الدورة السابقة وقد حصل كل رفحاوي على مستحقاته فلماذا ظهر على السطح بعد سنوات وبالأخص بعد أيام قلائل من هزيمة داعش.
2- إن المقاطع الفيديوية التي نشرت تعود الى ذلك الزمن والى تلك الدورة فلماذا أعيدت بهذا الشكل وذلك المضمون.
3- إن أغلب الوسائل الإعلامية التي بدأت بطرح المسألة هي نفسها التي عرفت بتأجيج الشارع لتحقيق غايات خاصة ولم يكن هدفها تنموي أو إصلاحي.
4- توجيه الاتهامات على مذهب وفئة من الشعب وربط أسمها بالفساد وبإطار عام لم يخصص به سياسي او سلطة حكومية وتشريعية وكأن إقرار القوانين في البرلمان يقوم على أساس مذهب وليس كيانات وكتل وهذا فيه تقصير منا بحق ذلك المذهب المتهم وللأسف ، على الرغم من إن أصحاب هذه الحلقة من المؤامرة هم ممن استفادوا من عطايا الدولة ومنهم البعثي ورجل الأمن الظالم والفدائي.
ولنرجع قليلا” الى قول الإمام علي عليه السلام(إعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل) إذ يجب أن يكون هذا الدستور الذي حدده سيد البلغاء هو الأداة التي نواجه بها الحلقة الثانية من حلقات التآمر على هذه الوطن وفئاته ، بل ونعالج بها آثار الحلقة الأولى حينما نوجه الرسالة الآتية ( لقد أفشلنا بثكم التجريبي ، ومن حاربنا حار..بنا).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here