بالأمس قتلوهم و اليوم يقاتلون بهم

بالأمس قتلوهم و اليوم يقاتلون بهم
حاول الكثير من المستفيدين من دمج الساحتين العراقية و السورية في ميدان واحد تكون المنازلة فيه بين القوى و الحركات الأرهابية من جهة و الجيوش النظامية و القوات الحليفة لها من جهة اخرى في كلا الدولتين و الغريب في هذا الأمر ان الفريقين المختلفين و المتناقضين في كل شيئ عدا توحيد بلدي النزاع العراق و سوريا في الحرب و القتال فكان هناك الطرف الأرهابي ( داعش ) الذي اعلن عن دولته و التي اسماها ( الدولة الأسلامية في العراق و الشام ) أي ان هذه الدولة المزعومة وحدت العراق و سوريا في ظل ( الدولة الأسلامية ) و كذلك فعلت القوى المعادية لداعش مثل أيران و الحكم السوري و حزب الله اللبناني حيث زجت بالعراق و قواته من الجيش النظامي و الحشد الشعبي في هذه المعركة من خلال بعض ( الشخصيات ) العراقية ممن استرخصوا دماء ابناء العراق و بذلوها سخية بخسة في الدفاع عن النظام السوري المهترئ و بأوامر مباشرة من الحكم الأيراني و حزب الله اللبناني .
كانت ( داعش ) و من المنطلق الفكري الأسلامي الذي يعتبر كل البلاد الأسلامية هي ارض واحدة موحدة طالما تمكن من التمترس فيها و اقام نظام حكم اسلامي وفق الرؤية الدينية التي يحكم بها فقهائه الشرعيين قد تحققت بأحتلال مدينة ( الموصل ) في العراق و مدينة ( الرقة ) في سوريا و هذا ما يجعل الدولة الأسلامية في هذين البلدين حقيقة واقعة على الأرض و ليس في عقول الفقهاء و كتبهم .
اما الطرف المناقض و الذي لا يقل شرآ من ( داعش ) و ان غلف دعواته السوداء تلك بأقنعة ملونة من الشعارات الطائفية و التي تجعل من النظام السوري الأستبدادي الظالم و هذا النمط من الأنظمة الدكتاتورية لا يدافع عن دين او قومية او مذهب بقدر ما يدافع عن وجوده و مصالح اركان حكمه و ان رفع الشعارات التي يحتاج اليها في وقت الأزمات و تشديد الخناق عليه يقينآ منه ان فكرة ( القطيع ) مازالت تستحوذ على العقل العربي والا ما تفسير تلك الحماسة في اظهار النظام السوري على انه نظام حكم ( شيعي ) يدافع عن المذهب الجعفري و اتباعه و لم تكن تمر سنين طويلة حين كان هذا النظام نفسه و اقطابه عينها يدرب الأرهابيين في المعسكرات السورية و يرسلهم على شكل قنابل بشرية موقوتة تنفجر وسط ابناء الشعب العراقي المتنوع القوميات و الأديان و المذاهب .
اذا كانت تلك المقولة صحيحة في ان التأريخ يعيد نفسه مرتين الأولى على شكل مهزلة و الأخرى على نمط المأساة يكون الشعب العراقي استعاد التأريخ في المأساة منه عندما زج ( صدام حسين ) العراق في تلك الحرب المدمرة مع أيران و بأيعاز من دول الخليج في صد الخطر الأيراني المحدق بدولهم و كان من السذاجة ان وقع في الفخ الذي نصب له بعد ان استنزف طاقات العراق البشرية و الأقتصادية في حرب لا معنى لها و لاجدوى ليعود نادمآ و منتقمآ من تلك الدول الخليجية كلها ان احتل ( الكويت ) في مغامرة عشوائية تنم عن اختلال في التوازن و مقامرة غير محسوبة العواقب و النتائج في مصير الشعب و مستقبل اجياله .
اذا كان لأيران مصلحة في بقاء النظام السوري و استمراريته في الحكم لأعتبارات كثيرة و مصالح متبادلة فأن حزب الله اللبناني له المصلحة ذاتها في بقاء الحكم السوري الذي يستمد منه المعونة و الخبرة و السلاح و لهما عدوآ مشتركآ هو ( أسرائيل ) فأن العراق لا يشترك معهما في تلك الآراء و المهام لا بل ان الحكومة العراقية و كذلك الشعب العراقي قد ذاقوا الويلات من تصرفات الحكم السوري في ارسال الأرهابيين و عليه فأن الشعب العراقي له مصلحة في رحيل النظام السوري و زبانيته و الذي لم يلقى منه اي مساعدة او عون انما فتح الحدود امام المجرمين القتلة من ارهابيي ( القاعدة ) للعبور و الفتك بالشعب العراقي بحجة قتال الأمريكان و هذا الأمر اعلن عنه مرارآ رئيس الوزراء العراقي السابق مهددآ وقتها باللجؤ الى مجلس الأمن الدولي للشكوى و طلب التدخل للجم النظام السوري و ايقاف تدخله الشائن في العراق فقبل ان ترسلوا ابناكم للدفاع عن انظمة و حكومات و احزاب كانت تقتلكم بحجج و ذرائع واهية لا قيمة لها و ان عادت قوية كما كانت سابقآ سوف لن تسلموا من شرها و اذاها فالذئب يبقى مفترسآ و لايمكن ان يغير جلده او يبدل طبعه انما هي استراحة الوحش الجريح .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close