“من الرهان على بيضة القبان.. الى استفلال كردستان ” 1/2/

سعد نادر
” لولا السرابُ، لَما كنتَ حياً الى الآن..

لولاه، لولا السرابُ، لما واصلَ السيرَ بَحثاً عن الماء”

بحلاوة صوته، أنشدها لنا درويش، وغادرنا ومات..

وها أنتَ، قد جاءَ دوركَ، وانت

مُستغرقاً كل سنواتِ عُمركَ بالرٍهانِ

بانتظار فارسك المُهان

يلوح من ذاك السرابُ

سؤالي المحوري هو: يا ترى ومن دون كل رهاناتنا الخائبة، أما كان الرهان على ترسيخ وتعزيز النهج الديمقراطي، هو الافضل للعراق ككل ولكل مكوناته، وللكرد بالخصوص.؟؟

حين نواجه هذا السؤال ، يضعنا فوراً أمام ما فرضته علينا من أمر واقع مرير، غطرسة وعنجهية “محررنا” الأحمق، يوم “احتلال” العراق ( لا حاجة لسجال مجتر بثنائية الاحتلال والتحرير.. يومها وقع الفاس بالراس)، وبقدر ما لفوضاه الخلاقة من واقع مرير، لم يكن للكثير من عشاق الحرية، خيارات او بديل حاسم، سوى الرهان على حركة التحرر الكردية، وعلى ثفلهم السياسي والنوعي، ولأهمية دور قوتهم، في دعم وحدة الوطن، وهو أقل ما ما كان قد تبقى لنا من رجاء، بعد نيسان 2003. فالكرد من دون سواهم من فرسان التحرير الآخرين، كانوا تاريخياً، يمثلون حركة تحرر وطني رائدة، و كل الفصائل لديها تجربة نضالية مشتركة معهم، لهذا كان رهان عشاق الحرية وقوى اليسار عليهم من منطلق “تقدمي” فطري،!: يتمثل بالخوف من ابعاد المشروع الأمريكي “التحرري” ذاته، الذي من دون حياء، اقر شرعنة الاحتلال أممياً، وعمد عن قصد على تقسيم مجتمعنا العراقي ومنذ البدء ، حسب هوياتنا الفرعية..

كان حلم عشاق الحرية وسؤالهم الحاسم يومها:

على أي فصيل مِن فرسان تحرير نيسان.! نراهن.؟ هل على الإسلاميين ومَن معهم من “لبراليين كبار” الغرقين للنخاع بـ “الهموم المذهبية”.؟ أيّ من هؤلاء اللصوص كان يوماً ما يؤمن، بعراق “ديمقراطي فدرالي تعددي موحد “،!! عدا امثالهم من فرسان التحرير الكرد، من عشاق الحرية .!

من منطلق قوتهم تلك، ظهر تعبير “بيضة القبان”، فهو مصطلح سياسي كردي بامتياز، استخدم مع تصاعد الفوضى والصراع السياسي والطائفي. حينها، كانت الفكرة نابعة من تشخيص سليم لدورهم المؤمل العظيم. حينها، سمعنا به كثيرا، ولم نراه على ارض الواقع، عدا ما صدَّع القادة التاريخيون الكرد رؤوسنا به:

” فهم أمام جميع العراقيين، أكراد من جهة القومية.. وأمام شركائهم الطائفيين الشيعة والسنة العرب والأقليات، فهم إسلامٌ سُنّة المذهب.!!”

وعندها بدأت فكرة وحكاية بيضة القبان. عذوبتها انها نابعة من واقعنا العراقي، فعلى مدى تاريخنا، كانت كردستان ملاذاً آمنا لكل ثائر عراقي تمرد على وحشية سلطة بغداد واستهتار قادتها. ومن هذا المنطلق الوطني، وحسب ما يُفترض ان تلعبه بيضتنا الذهبية تلك، كان على القيادة الكردية ان تستثمر هذا الدور بالاستمرار في لعب ذات دورها الوطني “العراقي” السابق، وتستلم مهام الريادة في ترسيخ الوحدة الوطنية، وتثبيت دعائم نظامنا الديمقراطي الهش، لمصلحة الكرد اولاً، ولمصلحة كل شركاء الصدفة الهواة ثانيا. خصوصا، بعد ان سُنَّ الدستور لصالح الأكراد بالتمام ، وتم تسنم مام جلال مهام رئاسة جمهورية “العراق الديمقراطي الفدرالي التعددي الموحد”.!! يا ليت شعري ما الصحيح !

دورٌ كهذا كان قد كفلة الدستور طبعاً، ولا يحتاج الى تذكيرنا به يوميا.

واستمر الحال، ان نسمع بدورها الوحدوي، ولا نرى تصرفاً يؤكده على الأرض، سوى العكس، فقد راحت “بيضتنا” الذهبية بثقلها النوعي، تلعب وتنزلق في حيّل والعاب ابتزاز سياسي واقتصادي من اجل مصالح غبية مفضوحة. ولم تكف قيادتها عن الايغال في صنع أزمات ابتزاز مفتعلة اخرى لا حصر لها.

لعبة البيضة للقيادة الكردية، تُذكرنا بالقائد الضرورة، ففي هذيانه المغرور ذات مرة، تواضع صدام ووصف الحكم بأنه لعين.!!؟ وكأي دكتاتور سافل، راح يحدثنا بالمبهما

وقوالب الجمل المفصلية التي بل معنى، وكالعادة نَسى عن عَمد، ان يذكر لنا أسباب ومكمن علّة اللعنة.!

تجربة العالم الديمقراطي تؤكد ان الحكم وعدالته، أكبر بكثير من ان يكون لعبة سياسية بيد جلاد حاذق، أو بيد قائد مغوار، جسور وطيب بلا موهبة. اما لعنة الحكم التي لم يفسرها لنا قادتنا العظام.! فقد رأينا لعناتها تنزل عليهم كالصواعق، وهم مستغرقون على كراسيهم يمارسون العابهم وهواياتهم “اللعينة”: الحكم.. انهم، حتى في وقتهم الضائع وعند انتهاء صلاحيتهم، نراهم يسرفون في سفاهاتهم وفي لصوصيتهم، غير مبالين لكل ما يجري حولهم وامامهم من مآسي ودم وخراب .. الغريب انهم ما زالوا مكابرين في الايغال بذات اللعبة.!! من قال ان السياسية لا تكوي من يمارسها من الهواة.؟

يقيناً، كل قادتنا المغرورين على هذا الشكل والحال، متشابهون معهم في السيرة والمسير على نفس هذا النهج والمنوال، فقد تناسَت القيادة التاريخية الكردية تأدية دورها الوطني والتاريخي المشرف، ونسِيَت أيضاً واجبها الأهم، وفيما يجب ان تفعله وهي ترتقي ببيضتنا الذهبية، هناك، في أعلى قمّة عصا وبار “ميزان المكونات” للسيراميك العراقي. أي دور وطني افضل من هذا.؟ يا لخيبة فارسنا التاريخي، لقد نسى الوزن وأضاع الميزان، وخسرنا نحن الرهان.!

أعود لسؤالي المحوري وما سيتفرع منه من أسئلة مؤرقة لا تنتهي ولا تستثني أحد من قادة مثلث نحسنا الوطني “شيعة سنة اكراد”:

ـ يا ترى ، أما كان الاصلح والأفضل للعراق ككل: شعبا وارضا واقتصادا ونفطاً ولكل مكوناته عموماً، ولمصلحة شعبنا الكري وساسته وقادته العظام بالخصوص، لو انهم وظّفوا ثفلهم واستثمروا جبروتهم السياسي القاهر.! للعب دورهم التاريخي الوطني المشرف، وقدموا لنا نصف جهودهم اللصوصية على الأقل، في تثبيت وتعزيز دعائم الوحدة الوطنية، بكونها أهم أسس ترسيخ نهجنا الديمقراطي؟؟

حينذاك، هل ثمة خسارة لأحد من مثلث نحسنا الوطني الفاشل هذا.؟

يا لخيبتكم جميعاً، لقد خذلتمونا.

يتبع 2/2

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here