الحكمة بين الاسلامية والعلمانية

عمار جبار الكعبي

هنالك مجموعتان متباينتان من الأسس التي يقوم عليها مصطلحي الاسلامية والعلمانية ، والانتقال بينهما يحتاج الى تغير كل البنى الفكرية والمنهجية والمواقف الاستراتيجية تبعاً لهذا التغير ، لان الانتقال يكون بين كوكبين في مجرتين مختلفتين ، لكل واحد منه فضائه وبناءه ومجموعة من الكويكبات التي تدور في افقهما

الاسلام ليس نقيض المدنية ، وانما هو نقيض العلمانية ، فتبني مشروع محدد يتصف بالإسلامية إنما هو مشروع مدني بداهة ، والاصطلاح المشاع بين الجماهير بغية تشويش مواقفهم وفهمهم ينطلق من أسس لا تقوم على اي بعد عقلي او حتى نقلي ، كون المدنية نقيضة العسكرة واقصاء الاخر ، والمدنية عرفت بنقيضها ولم يكن لها وجود سياسي كمفهوم مستقل بمعزل عن نقيضه ، لكن اغلب التوجهات العلمانية ليس لها من سلاح تستخدمه ضد القوى الاسلامية لتسقيطها من حيث المنطلقات الفكرية والمنهجية الا محاولة سلبها مدنيتها التي تعتبر من صميم مشروعها الاسلامي ألحقيقي ، ان بعض التيارات الاسلامية التي جعلت من سلاحها عنوانا لها لا تمثل المشروع الاسلامي ، لان المشروع الاسلامي كل متكامل اما يؤخذ بكليته او يرفض بكليته ، ولا يمكن الايمان بجزء منه والكفر بجزء اخر

مشروع تيار الحكمة الوطني ينطلق من هذه الحقائق البديهية التي شُوّشت على المتلقي ليعرف الاسلامية بالسلاح ، والعلمانية بالتمدن ، ليكون منطلقه اسلامياً مدنياً بأمتياز ، كون الاسلامية قائمة على قبول الاخر والتعايش معه مع احترام خصوصيته الدينية والقومية والقبلية ، على ان يكون الانطلاق من أسس إسلامية في التعامل مع الاخر ، والحفاظ على الثوابت وفق منهج واستراتيجية تتلائم مع زمكانية هذه العلاقة ، متجاوزاً عقد الماضي وتحجر الافكار والبناءات التي لا يراد لها التطور ، لتنسجم مع عراق ديمقراطي يؤمن بالتعددية والاختلاف على ان يكون الوطن سقفاً لهذا الاختلاف .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here