الشهيد الصدر مفكراً كونياً

الشيخ صادق الحسناوي
1- جواهر تحت التراب ، هكذا عبّر الشهيد الصدر (قدس سره) عن كتابه (فقه الاخلاق) فماهي قيمة هذا الكتاب التي نجهلها؟ هل فيما اشار اليه من المستحبات ؟ أم فيما ناقشه ؟ ام في موضوعه ؟
لاشك ان هذا الكتاب (جواهر) بتمام المعنى فهو منهجياً وجه ضربة في الصميم للفلسفة الاخلاقية اليونانية القائمة على اعتبار الفضيلة كل وسط بين رذيلتين فيما اهملت الفضائل المتضادة كالصدق الذي لاتقابله الا رذيلة الكذب وغيره من فضائل كثيرة لاتقع وسطاً دائماً ، كما انه اعاد الاعتبار للاسس الميتافيزيقية للاخلاق بعدما اسقط الفيلسوف الالماني (كانط) هذه الاسس في كتابيه (تأسيس ميتافيزيقيا الاخلاق) و( ومقدمة لكل ميتافيزيقيا مقبلة يمكن ان تصبح علماً) قبل ان يضع اللمسات النهائية في كتابه (نقد العقل العملي) ويخضع قدرة العقل على الادراك للنقاش منتهيا الى حتمية الحس والتجربة !مدعياً صدور الفعل الاخلاقي عن ارادة خيّرة منفصلة عما هو غيبي (ميتافيزيقي)لكن شهيدنا الصدر (قدس سره) في كتابه هذا ينسف الفلسفة الكانطية الاخلاقية ويبرهن على تطابق العلم مع ذاته (وفقاً لنظريته المعرفية) ويوسع افق الفعل الاخلاقي ويثبت سعته ليشمل حتى العلاقة بين الخالق والمخلوق .
2-عملياً …ارتفع الشهيد الصدر (قدس سره ) بالخطاب الاسلامي الى مستوى رفيع جداً وانقذه من (الخطاب العجائزي) والوعظي الحكواتي الى خطاب علمي -عقلي يرضي العقل ويستند الى المعرفة اليقينية ويسخط المتاجرون بالكلام
3- في كتابه ( اليوم الموعود بين الفكر المادي والفكر الديني) انتزاع لمفاهيم ميتافيزيقية من الفكر المادي ولهذا اهمل الجمهور هذا الكتاب
كيف نقرأ محمد الصدر ؟
لنقرأه كما هو لابد ان نحدد السائد من القراءات ونشخص الادق منها فهناك فهم متدني وقراءة وفقا للمستوى الادنى من المعرفة البشرية من قبيل( ذهبت الى السيد الشهيد (قدس سره ) وكنت محتاجاً للمال فاعطاني دون سؤال او قول) أو كتب لي ورقة مساعدة ولم يكن في بيت المال مال فجاء المال على مقدارالمساعدة ) وغير ذلك وهي قصص واقعية وحصلت كثيراً مع طلبة الحوزة وغيرهم غير ان هذه القراءة او الفهم ليست هي الارقى لان العارف يدرك ببساطة حاجة الانسان من ملامحه ومن تعابير وجهه ومما يمتلكه من حدس أهلّه لمعرفة مايجري قبل ان يجري . هذه القراءة لاتصلح لتقييم عملاق كالشهيد الصدر رغم صلاحها لمن لايدرك غيرها لانها تصوره وكأنه انسان لاشباع حاجات الناس المادية دون الروحية منها لكنها تبقى قراءة كافية ونافعة لعامة الناس دون نخبهم الواعية
اما القراءة التي يجب ان تسود فهي قراءته بصفته فقيها مفكراً اشتغل على مسائل (كونية) متفرعة من كونية الرسالة التي آمن بها وارتفع الى مقام الشهداء لاجلها ، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا ، يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here