حديدة عقيل …رسالة واضحة من الرئيس للرعية.

الكاتب / ثائر الربيعي
وأنت تقرأ التأريخ بتمعن وتتفحصه بموضوعية تجد هنالك موقف لن تستطيع أن تمضي عنه إلا وعرجت عليه وأطلت التفكير به وهو عدم إعطاء مال أضافي لعقيل أخ الإمام علي (ع) لأن أطفاله بأمس الحاجة له ,يرفض الإمام تفضيله بالزيادة لأنه يريد أن يقول لنا بأن العدل والمساواة في العطاء جزء مهم يمارسه رئيس الدولة على شعبه ورعيته وعندما تختلف المعايير في توزيع الخراج على أساس الطبقية والمحسوبية والمنسوبية وتفضيل القوي على الضعيف بلا شك ستكون هنالك هوة كبيرة بين الحاكم والشعب ,هو درس يقدمه علي ليس له وإنما لكل الحكومات المتعاقبة على رمزية السلطة بأن الائتمان على المقدرات يجب أن يحقق النزاهة والعدالة حتى تشعر الناس بأن بالطمأنينة نحو دولتهم وتصبح الدولة هي ملك لكل فرد وليست عدواً ضدهم ,وهو يقول (ع) :{وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلًا وَقَدْ أَمْلَقَ حَتَّى اسْتَمَاحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً وَرَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ غُبْرَ الْأَلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ وَعَاوَدَنِي مُؤَكِّداً وَكَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمْعِي فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُهُ دِينِي وَأَتَّبِعُ قِيَادَهُ مُفَارِقاً طَرِيقَتِي فَأَحْمَيْتُ لَهُ حَدِيدَةً ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا وَكَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا فَقُلْتُ لَهُ ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ يَا عَقِيلُ أَ تَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ وَتَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ أَ تَئِنُّ مِنَ الْأَذَى وَلَا أَئِنُّ مِنْ لَظَى }ثم يأتيه عاصم بن ميثم وكان الإمام (ع) يقسم الأموال فقال: يا أمير المؤمنين أني شيخ مثقل.فقال(ع) :(والله ما هي بكد يدي ولا بتراثي عن والدي ولكنها أمانة أوعيتها ) ويدخل عليه عمرو بن العاص ليلة وهو في بيت المال يتولى بعض شؤون المسلمين فأطفأ الإمام السراج وجلس في ضوء القمر فالسراج ملك الأمة فلا يصح أن يستضئ به ابن العاص وهو في زيارة خاصة للإمام ,فحرصه الفريد على أموال الأمة وسهره الدائم على مصلحتها وعمله الدءوب من أجل إسعادها وهدايتها وإصلاح وصلاح شأنها ليس محصوراً في أطار المال وتوزيعه وإنما يمتد لكي يشعر الإنسان بكرامته ويعيد وعيه بحقه في الحياة الحرة الكريمة ويعلمه أن يتمرد على الظلم والكبت وسلب الإرادة وهو القائل 🙁 لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً) فالمال يشكل عصب الحياة وديمومة اقتصادها فعندما يتوفر للمرء المال الكافي لسد احتياجاته عندئذ سيشعر بالحصانة الاجتماعية التي تقيه الفقر والعوز من آفات الدنيا وتقلباتها ,وهو القائل:{لو كان الفقر رجلاً لقتلته},لم يقرب أحد أولاده من موقع المسؤولية أو أسند أليهم منصباً مهماً من الدولة المترامية الأطراف بل كانوا معه في جميع حروبه التي خاضها ولم يكونوا في دول ينعمون بالرفاهية,أو كان أحدهم لديه علاقات يستخدمها لمصالح شخصية ينتفع منها,هنالك من يتسابق ويلهث وراء المنصب ليس حباً في قضاء حوائج مجتمعه وإنما لتحقيق غايات شخصية ومنافع مادية يتأمل بموقعه تحقيقها,أو لقصور ذاتي يعيشه يتصور ويستشعر أن المجتمع سيعطيه قيمة اعتبارية من خلال النظر أليه بحكم مكانته المتنفذة,قائلاً (ع):{انه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين, البخيل فتكون في أموالهم نهمته لا الجاهل فيضلهم بجهله ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ولا الحائف للدول فيتخذ قوما دون قوم ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة}هكذا كانت الحديد تحمل رسائل ودلالات ليس لعقيل وحده وإنما لي ولكل الذي يطمحون للسلطة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here