بسم الله الرحمن الرحيم
هارت شورن.. اشهر عالم جغرافي امريكي.. في اشرافه على اطروحه علمية في جامعة هارفرد.. تضمنت لماذا ضمت بريطانيا .. (ولاية الموصل).. اي (جنوب كوردستان .. وجزء من بادية الشام).. وكذلك ضمت شرق نجد للعراق.. خلصت الاطروحة بان بريطانيا (ضمت تلك الاقاليم الجغرافية للعراق حتى تحكم بهم).. (اي انها لم تكن جزء من العراق).. وهذه حقيقة تاريخية.. (ليس لمؤامرة من بريطانيا ضد احد).. ولكن لعدم تعاون الاكثرية الشيعية في العراق بالمشاركة بالحكم.. وتسببهم بمتاعب على الارض بالضد من مصلحتهم قبل ان تكون ضد مصلحة بريطانيا.. حيث كان يتحكم بالشيعة العرب.. (رجال دين وشيوخ العشائر الاقطاعين).. واقعين تحت نفوذ رجال الدين الايرانيين.. وتأثيرات الثورة البلشفية بروسيا .. ووجود للاجندات العثمانية.. انذاك..
بالمحصلة هذه البيئة لم تكون طبقة سياسية مرتبطة بواقع الشيعة العرب.. بالنتيجة لم يكن لهؤلاء اي طموح سياسي وبالتالي فقدانهم ليس فقط للتجربة السياسية بالحكم.. بل فقدانهم لاي رؤية لمشروع .. (فالسنة كانوا يريدون استمرار الحكم سني .. بعد الدولة العثمانية باي دولة تصنعها القوى الاستعمارية بالمنطقة.. والكورد بزغت بينهم حركات التحرر والاستقلال.. الا الشيعة العرب اكثرية وسط وجنوب.. لم يكن لهم اي مشروع لكونهم (ايتام القيادة).. وارتهنت مشاريع مراكز اتخاذ القرار التي تهيمن عليهم.. باجندات بعيدة كل البعد عن مصلحتهم.. اي (هذه بيئة لم تكن مهيئة لبلورة شخصية للمكون الشيعي العربي)..
بمعنى (المرجعية بالنجف لم تثر يوما ضد العثمانيين رغم ظلمهم.. واحتلالهم لمئات السنيين لمنطقة العراق.. ولم تطالب باستقلال الشيعة العرب بدوله.. في حين المرجعية الايرانية ايدت قيام دولة للشيعة العجم بايران.. بل لم نسمع يوما المرجعية النجفية تطالب باستقلال شيء اسمه العراق عن الاحتلال العثماني).. وعندما جاء الانكليز كذلك لم نجد المرجعية تقدم اي مشروع سياسي.. فلم تصر مثلا على (حاكم شيعي عربي يعكس الاكثرية الشيعية العربية بمنطقة العراق).. ولم تطالب (باستقلال الشيعة العرب بدول).. في الخليج.. ولم تقدم اي رؤية (للشيعة العرب بمنطقة الشرق الاوسط قبل او خلال او بعد الانكليز.. )..
هذا كله جعل بريطانيا تلجئ لضم تلك المناطق السنية للعراق (مجبرة وليس مخيرة).. وخاصة ان بريطانيا ارادات اعادة انتشار قواتها بالمنطقة.. وهذا يتطلب ايجاد صيغة من التعاون مع ادارة محلية بالمنطقة الممتدة من الفاو لسامراء.. فلا المرجعية بالنجف تعاونت معهم لهيمنة مراجع ايرانيين لا يمتون بصلة ديمغرفية للاكثرية الشيعية العربية فيه بوسط وجنوب.. وعامة الشيعة العرب متخلفين وتحت خط الفقر يتحكم بهم شيوخ عشائر مرتهنين بقرار رجال الدين الايرانيين بالنجف الذين لم يعلنون ولا مرة الثورة ضد حكم الخلافة العثمانية السنية.. رغم اضطهاد الدولة العثمانية للشيعة وقتلها 40 الف شيعي علوي بحملة واحده بالانضول.. كما ذكرنا سابقا.
فلجئت بريطانيا الى ضم مناطق ذات اكثرية سنية.. تمثلت بولاية الموصل وشرق نجد وجنوب كوردستان للعراق.. (وسكان تلك المناطق لا يمتون باي صلة لابناء الشيعة العرب).. وفعلا تكونت ادارة محلية يراسها ملك سني من خارج العراق ..حجازي.. وادارة سنية.. وكان معظم قادة الجيش من ولاية الموصل .. وعقدت بريطانيا اتفاقيات.. ودخل العراق عصبة الامم..
ولو تعاون الشيعة العرب مع بريطانيا بعد عام 1920 بعقد تلك الاتفاقيات.. لما حصل ما حصل منذ عام 1920 ولحد اليوم.. من حروب داخلية وخارجية وكوارث تسببت بها حالة عدم التوازن داخل العراق من حيث طبيعة السكان والحكومات الحاكمة.. بل لما وصل صدام والبعث وحكم الاقلية السنية للحكم.. ولما كانت اصلا هناك داعش.. ولا حرب ايران.. ولا مقابر جماعية.. وهذه حقائق تاريخيه..
وربطا بذلك.. ما طرحه تونبي اكبر مؤرخ بريطاني (مؤرخ الامبراطورية البريطانية).. بان (من يحكم اقليم البصرة التاريخي.. يحكم الشرق الاوسط..ومن يحكم الشرق الاوسط يحكم العالم).. واقليم البصرة التاريخي يمتد من البحرين لشمال بغداد مع الاحواز والاحساء والقطيف.. وجانبي الخليج.. وهذا هو اقليم البصرة التاريخي.. وليس من يدعون اليوم الى (اقليم قزمي)..باسم اقليم محافظة البصرة.. (اخذ العنوان بلا مضمون).. فهذا لا يمت بصلة لاقليم البصرة التاريخي.. بل هو تقزيم لعنوان البصرة..
(فاقليم البصرة التاريخي هو اقليم الواسع الشيعي العربي الكبير).. فكل شيعي عربي بمنطقة العراق والاحواز وغرب الخليج هو (بصري).. لذلك نرى الاجندات المعادية عمدت على منع بروز دولة كبرى للشيعة العرب.. من البحرين لسامراء.. فايران قامت على نهب نفط الشيعة العرب بالاحواز.. والسعودية قائمة على نهب نفط الشيعة العرب بالاحساء والقطيف.. وعراق سايكيس بيكو الانكلو فرنسي قائم على نهب نفط الشيعة العرب بالجنوب بمناطق الشيعة العرب..
والنتيجة حرمان الشيعة العرب من حقهم بدولة.. ومن حقهم بالتمتع بثرواتهم النفطية.. وبحقهم بحكم انفسهم بانفسهم ..بعيدا عن الاطماع الايرانية وتحكم السنة العرب برقابهم..
هذا كله يجعلنا نسأل لماذا لحد اليوم لم تتبلور شخصية للمكون الشيعي العربي تدفعه لقيام دول خاصة به بمناطق اكثريته؟؟ في حين نجد الكورد ناضلوا لعقود لتاسيس دولتهم بمناطق اكثريتهم الكوردية.. والسنة العرب استغلوا الفرص واسسوا 20 دولة سنية عربية.. والسنة العرب بالمثلث الغربي بالموصل والانبار وغيرها يسعون للعودة للحكم او تاسيس دولة سنية عربية مع اخوانهم السنة العرب بسوريا.. او اقليم سني عربي.. بالمقابل المكون الشيعي العربي مجهول الهوية والشخصية والانتماء.. تلاعب بهم قبل عام 2003 جحوش الشيعة الذين كانوا يتقربون للحكم السني بدماء الشيعة كمحمد حمزة الزبيدي.. الذي هيمن وامثاله على رقاب الشيعة بالسلطة السنية التي صنعت امثاله..
وايضا تلاعب بهم بالطرف الثاني جحوش الشيعة الذين يتقربون لايران بدماء الشيعة العرب.. الذين بدل ان يسعون لقيام دول للشيعة العرب بمناطق اكثريتهم لابناء جلدتهم.. ويناضلون في سبيل ذلك.. لتحرير اراضيهم بالاحواز والاحساء والقطيف ومن الفاو لسامراء من قبضة الاحتلالات الايرانية والسنية العربية.. نجدهم بدل ذلك يتقربون لطهران بدماء الشيعة العرب الذين يزجونهم بمليشيات.. لاشغالهم بحروب استنزاف لمصالح ايران القومية العليا بمد ممر بري امن للفرس من طهران للمتوسط.. بمستنقعات سنية بكوردستان وشمال سوريا والموصل.. بحروب ليس للشيعة العرب فيها ناقة ولا جمل..
ورغم ما يقدمه جحوش الشيعة العرب لايران، فان ايران تدرك بان هؤلاء مصيرهم الزوال مهما ظهروا من قوة اليوم.. فالايرانيين يعترفون بان (الشيعة العرب اخطر على ايران من سنة ايران) وهذا ما يعترف به مسؤوليين ايرانيين.. فايران تمول نفسها من سرقة نفط الاحواز.. ايران تشغل الداخل الايراني بعيدا عن ازماته بتفجير ازمات بالبطن الرخوة بالشرق الاوسط وهم (الشيعة العرب).. ايران تقيم صناعة وزراعة قائمة على جعل مناطق الشيعة العرب مجرد سوق استهلاكية لبضائعها الايرانية الرديئة.. على حساب الصناعة والزراعة والخدمات بمناطق الشيعة العرب من الفاو لسامراء.. حيث حركت اجنداتها ببغداد لاهمال كل القطاعات المنتجة بالعراق لفسح المجال للبضائع الايرانية الرديئة وبمليارات الدولارات..
ايران استراتيجية تسخير ثروات الشيعة العرب واستنزاف دماء شبابهم ورجالهم .. لمصالح ايران القومية العليا.. كل ذلك يحتم بروز نخب سياسية واكاديمية وثقافية واعلامية.. تكشف هذه الحقائق وتعمل على التوعية بمشروع شيعي عربي تتبناه تلك النخب .. اساسه قيام دول للشيعة العرب بالمنطقة وخاصة من الفاو لسامراء.. يضمن حماية الشيعة العرب ومستقبل اجيالهم.. بالتخلص من حكم السنة العرب.. ومن هيمنة ايران معا.. بذلك نجعل الشيعة العرب مستقلين بانفسهم..
وهنا نعبر عن تعجبنا.. على الشيعة العرب في زمن الانترنت والاتصالات الحديثة .. (فاذا سالت احدهم هل اطلعت على خارطة الشرق الاوسط الجديد .. يقول لك “لا”.. تقول له لماذا اذن تعادي ما تجهله.. وخارطة الشرق الاوسط الجديد تتشكل فيها دولة كبرى للشيعة العرب من البحرين لسامراء مرورا بالاحساء والقطيف والاحواز ومن الفاو لسامراء وضفتي الخليج .. ).. هذه الدولة في حالة قيامها ان شاء الله قريبا.. ستكون اكثر الدول استقرارا داخليا بالعالم واثراها بالثروات.. وتكون مركز استقطاب دولي.. يتحكم بالعالم .. واؤكد باعتراف اشهر عالم بالتاريخ توينبي..
(فاليس عراقكم اليوم هو عراق صنعته بريطانيا بخارطة الشرق الاوسط القديم سايكيس بيكو الانكلو فرنسية) .. واتحداكم ان تذكرون لنا دولة باسم العراق عبر التاريخ.. فالعراق عبر تاريخه معرف لمنطقة جغرافية وليس دولة كمنطقة البلقان ومنطقة الشام والمنطقة الاسكندافية ومنطقة البلطيق .. فلماذا تتمسكون بوهم دولة باسم العراق ضمت اليه بريطانيا ثلاث مكونات متنافرة.. مكون كوردي يريد الاستقلال .. ومكون سني عربي جعلوا مثلثهم مقبرة للشيعة .. ووسط وجنوب شيعي مرتهن يستنزف ثرواته ودماءه في سبيل بقاء خرائط الاستعمار القديم.
…….
واخير يتأكد لشيعة العراق بمختلف شرائحهم.. ضرورة تبني (قضية شيعة العراق)…. بعشرين نقطة.. كمقياس ومنهاج يقاس عليه كل من يريد تمثيلهم ويطرح نفسه لقياداتهم .. علما ان هذا المشروع ينطلق من واقعية وبرغماتية بعيدا عن الشعارات والشموليات والعاطفيات، ويتعامل بعقلانية مع الواقع الشيعي العراقي، ويجعل شيعة العراق يتوحدون ككتلة جغرافية وسياسية واقتصادية وادارية.. ينشغلون بأنفسهم مما يمكنهم من معالجة قضاياهم بعيدا عن طائفية وارهاب المثلث السني وعدائية المحيط الاقليمي والجوار، وبعيدا عن استغلال قوى دولية للتنوع المذهبي والطائفي والاثني بالعراق،.. والموضوع بعنوان (20 نقطة قضية شيعة العراق، تأسيس كيان للوسط والجنوب واسترجاع الاراضي والتطبيع) وعلى الرابط التالي:
https://www.sotaliraq.com/latestarticles.php?id=222057#axzz4Vtp8YACr
………………………………
سجاد تقي كاظم
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط