شناشيل : كم نوّاز شريف عندنا ؟

عدنان حسين

[email protected]

من دون تردّد، ومن دون خشية، قضت المحكمة العليا في باكستان بعدم أهليّة رئيس الوزراء نواز شريف لشغل منصبه، وأي منصب آخر، بعدما تحقّق لها أن الاتّهامات بالفساد الموجّهة اليه صحيحة. وفي الحال اضطر شريف للاستقالة من منصبه أمس (يبدو أنه لم يزل يحتفظ ببقية من الشرف).
الحكم استند إلى نتائج تحقيقات أُجريت حول ثروة عائلة شريف بعد صدور “وثائق بنما” في العام 2015 التي ربطت أفراد عائلة رئيس الوزراء بشركات مُسجّلة خارج باكستان. وقد أخفقت هذه العائلة في إثبات ان الثروة المتضخمة لهذه العائلة قد تحقّقت بالوسائل النزيهة وجاءت من مصادر قانونية.
بإجماع قضاة المحكمة الخمسة صدر الحكم على رئيس الوزراء الباكستاني الذي تولّى منصبه بعد فوز حزبه الإسلامي “الرابطة الاسلامية” في الانتخابات البرلمانية في العام 2013.
مثل كل الفسَدَة، نواز شريف نفى مراراً وتكراراً أنه أو أحد من أفراد عائلته قد اقترف أي مخالفة مالية، بيد أن القضاء وجد أنه وأبناءه وابنته وزوجها ضالعين في قضايا فساد تمتدّ الى سنوات عدّة.
وأجرى القضاء الباكستاني تحقيقات موسّعة في هذه القضية ووجد أن شريف وبقية أفراد عائلته مارسوا فسادهم عبر شركات أنشأوها خارج باكستان وأنهم اشتروا ، بين ما اشتروا، بأموال الفساد عقارات في الأحياء الراقية في العاصمة البريطانية، لندن، واستثمروا بعض الاموال في قطر.
لجنة التحقيق التي شكّلتها الدولة الباكستانية وبدأت عملها في نيسان الماضي أعلنت أنها وجدت فجوات كبيرة في حسابات العائلة ومصادر ثروتها ولم تحصل على تبريرات مقنعة من العائلة عن مصادرها، واتّهمت اللجنة شريف بإخفاء مصادر ثروته وتضخيم حجم الثروة التي ورثها عن أبيه لتبرير ثروة عائلته قانونياً. ولم ينفع شريف أنه قدّم الى لجنة التحقيق رسالة من رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني حاول فيها تزكية ثروة شريف قانونياً، لكنّ آل ثاني رفض المثول أمام اللجنة للإدلاء بشهادته.
ثبت الفساد على نواز شريف ، لأن القضاء في بلاده شريف ونزيه، ولأن مسؤولين كباراً في الدولة الباكستانية شرفاء ونزيهون ووطنيون، لم يهدأ لهم بال ولم يهنأ عيشهم إلا بعد أن تتحقّق العدالة، فلا هيئة النزاهة والمفتشون العموميون في باكستان خضعوا للضغوط كما يحصل عندنا، ولا أحد في القضاء ساوم على مبادئ الحق والعدل والإنصاف، كما يحصل عندنا أيضاً.
هنا في العراق يوجد لدينا العشرات، بل المئات، من أمثال نواز شريف، من رؤساء الوزارات والوزراء والنواب وسائر كبار موظفي الدولة، مدنيين وعسكريين. هؤلاء جميعا فسادهم ثابت بالأدلة القاطعة، لكنّ الكثير منهم ظلّ في منأى من الحساب والعقاب، لأن الأجهزة الموكلة بها مهام تقصّي الفساد والكشف عن الفاسدين وتقديمهم إلى العدالة، على اختلافها، لا تؤدي مهامها بنزاهة وشرف ووطنية.
عاجلاً أم آجلاً ستثبت تُهم الفساد على أمثال نواز شريف من العراقيين .. يومها لن يكون هؤلاء الأمثال وحدهم المدانين .. مسؤولون في هيئات تقصّي الفساد والقضاء سيكونون بين المدانين … بتهمة خيانة الأمانة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here