قبل بضعة أسابيع انتشر في الصحافة والإعلام البريطاني الخبر أدناه:
((طاولة فتاة صغيرة لبيع الليمون تؤدي إلى دفع غرامة 150 جنيه إسترليني الى مجلس بلدية تاور هامليت))
حيث أجهشت طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات بالبكاء بعد أن أصدر موظفي بلدية تاور هامليت غرامة قدرها 150 جنيه استرليني لبيعها أكواب من عصير الليمون لرواد مهرجان لوفيبوكس في نهاية الأسبوع الماضي. اذ ساعد اندريه سبايسر ابنته على إقامة كشك مؤقت بالقرب من منزلهم في ميل إند، شرق لندن، لأنها أرادت بيع كوب من المشروبات الغازية بقيمة جنيه او نصف جنيه للمشجعين المتجهين إلى المهرجان المذكور. وبعد ذلك بوقت قصير، جاء أربعة من موظفي تنفيذ القانون من بلدية تاور هامليت، وسلموهم غرامة للتداول دون تصريح رسمي من البلدية. وقال السيد سبايسر، وهو أستاذ في جامعة سيتي، أن ابنته البالغة من العمر خمس سنوات انفجرت في البكاء وقالت: “لقد فعلت شيئا سيئا”.
وقام موظفو المجلس بملء استمارة غرامة إشعار محددة للسيد سبايسر، الذي قال بدوره “إنه لم يكن يحاول الحصول على أرباح ضخمة، وهذه مجرد طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات وتحاول بيع عصير الليمون، وكانت مستاءة جدا لأنها فخورة ببيعها، وهذا ما أدى إلى تفاقم التجربة عندها”.
وقالت متحدثة باسم بلدية تاور هامليت ان الغرامة ستلغى وسيتم اصدار اعتذار للسيد سبايسر وابنته، وقالت: “نحن آسفون جدا لما حدث، ونتوقع أن يظهر موظفو التنفيذ لدينا الحس السليم وهم يطبقون القانون، وأن يستخدموا سلطاتهم بشكل معقول”)) أنتهى الخبر.
عندما أقارن هذا الخبر بمجريات الأحداث العراقية أجد نفسي امام مفارقة واضحة وجلية متعلقة بفهمنا نحن العراقيون للقانون ومدى تمسكنا بتطبيقه وإدراكنا لعدالة القانون مقابل الحس السليم في تشريعه وتطبيقه وإدامته.
لعل السنوات الماضية شهدت تمرير العديد من القوانين وتشريعها في مجلس النواب بعضها جاء نتيجةً لتوافقات سياسية والاخرى لحاجات ماسة الا انها أدت الى زيادة الحديث عن مدى ادراك المشرعين والتنفيذيين لعدالة بعض القوانين وأهميتها بالنسبة للشعب العراقي واولوياتها بالإضافة الى أهمية ادراكهم للحس السليم ومعقوليته في التطبيق. ياترى مع مرور البلاد بضيق مالي واستمرار التحدي الأمني فضلاً عن نخر آفة الفساد لجسم المجتمع فهل ندرك أهمية الحس السليم والتطبيق المعقول للقوانين قبل وبعد تشريعها، ام ان سعينا مثلاً نحو العدالة في التوزيع والتطبيق تجعلنا لا ندرك أهمية موازنة الحاجات مع الإمكانيات، او أهمية فهم تداعيات القوانين الضعيفة/غير الواقعية/غير المفيدة مع تراكمات التركة الثقيلة للدولة وأثرها السلبي على سلامة جسم المجتمع وتعافيه.
لعل المواطن يقول لمن انتخبهم من تشريعيين وتنفيذيين “أعطني قليل من الحس السليم والمعقولية وأخذ مني ما تشاء”.. ويستشهد بقول رسولنا الكريم عليه وعلى اله الصلاة والسلام (( أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)).
لقمان عبد الرحيم الفيلي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط