ألعراق أمامَ خيارات أحلاها مُرّ!

[و لا يأتونكَ بمثلٍ إلّا جئناكَ بآلحقِّ و أحسن تفسيرا]33/ الفرقان.
ألحشد الشعبي أمام إختبار مصيري و خطير للغاية, قد يكون سبباً للتفكك الأجتماعي إذا لم يُحسن الأختيار في التحالفات الأنتخابية!
ألتوجهات الأمريكيّة و التركيّة و السّعودية تصبّ في أبقاء العراق على صفيح ساخن بل و ملتهب .. حيث الفلتان الأمني و الفساد و التناحر الكتلوي و آلفئوي الطائفي و فقدان الخدمات و طروحات المشاريع التصفوية في فرية (حكومة طواريء) أو حكومة أنقاذ أو عسكرية المشابهة للأحكام العرفيّة، و ربما هناك ما يلوح في الأفق القريب إعادة الأحتلال الأمريكي للعراق و خاصّة بعد أنتهاء سيطرة داعش على الموصل و تدفق جنود المارينز الذي وصل عددهم من 5 آلاف إلى 10 آلاف جندي أمريكي مع خمسة قواعد عسكرية بحجّة التدريب و التأهيل للمقاتلين العراقيين، و هذا الهاجس قد يدفع تيارات عراقية عديدة للأرتماء بأحضان روسيا في مجال التسليح و آلتعبئة, مقابل تيار مخالف مستسلم تماماً للأرادة الأمريكية بقيادة الحكومة الحالية.

إنّ وضع العراق اليوم وضعٌ مأزوم و مُعقّد للغاية, رغم أنه خرج منتصراً في حربه مع داعش في الموصل و لكنهُ اليوم يغلى على صفيحٍ ساخن و هو ما عبّرتُ عنه بآلأرهاب الناعم الأخطر من العنيف على المدى البعيد, فهناك ملفاتٍ كبيرة مأزومة منها؛ ألمحاصصة؛ الملف الكردستاني، و ملف الأقلمة، و ملف الحرب مع داعش، و ملف النازحين، و الطبقية في الحقوق و الرواتب, و الملف الأمني و ملف الفساد الأداري و المالي و هو الأخطر، و آلشريحة الوحيدة التي تتعذب و تحمّلت و لا يزال تتحمّل العبء الأكبر في هذا الوسط هم الفقراء الذين يتّصفون لوحدهم بثقافة المواطنة.

يضاف لذلك في الجانب الآخر السياسات العدوانية الأسرائيلية التي جعلت المنطقة تحت طائلة سياسات (المحاور)!
حيث إنتظمت الأمور على الخارطة إلى محورين:

الأول/ الولايات المتحدة الأمريكية و حليفاتها أسرائيل و تركيا و دول الخليج و على رأسها السعودية.
الثاني/ روسيا و سوريا و إيران و جنوب لبنان، فأصبح الأختيار و الأنتماء إلى أحدى الكتلتين ملزماً.

أما ما يخصُ مستقبل العراق الملتهب الذي أتخمتهُ فساد آلحُكّام و الحروب العبثية و أكلت منهُ الأخضر و آليابس؛ لا تتحمل أن تكون أراضيها ساحة أقتتال و تصفية حساب بين الجبهتين ألمعروفتين المتناحرتين, لأنّ الثمن سيكون غالياً و باهضاً للغاية و كما شهدنا بعض تلك الفصول، و لكن هذه المرة قد تجرّ الجيش العراقي للقتال خارج حدوده، بل لا بد من تعزيز تعاون العراق في مجال مكافحة الأرهاب و العلاقات الثنائية، و دعم وحدة العراق، و رفض أيّ تعرّض لهذه الوحدة للخطر، و تشجيع التعاون الأقتصادي و العسكري والطاقة، و معالجة أشكالات ملف الأستفتاء، و ملف تأجيل الانتخابات و مسألة الأعمار و الأمن داخل المدن و غيرها من الأمور الراهنة.

لكن المشكلة الأساسية تكمن بآلدرجة الأولى في طبيعة نهج و نظام الحكومة القائمة و ثقافة الأحزاب التي تُشكلّ هذه الحكومة و طبيعة القوانين الدستورية الظالمة التي تحكم العراق و التي سنّها ممثلي الأحزاب أنفسهم بعيدأً عن مصلحة المواطنين و بآلأخص الفقراء منهم!

من الجانب آلآخر .. في الشام الذي يرتبط مصيره بمصير العراق و بآلمقاومة ككل , نرى إنّ التقارب في العلاقات الثنائية و آلدعم الرّوسي الغير محدود لسوريا ، و أرتياح في الصمود السوري لخمسة سنوات أمام أعتى هجمة عدائية على جغرافية و تأريخ هذا الوطن المسالم الذي يفترض أن يكون الشعب السوري هو المعني (بالتغيير) .. لا أن تكون ضحية لصوص و قطاع طرق من بهائم الأرهاب الدولي الداعشي و الأخواني الذين يعتاشون على دماء الشعب السوري, حيث كان لهذا آلموقف الأيجابي الرّوسي من سوريا أثراً بعيداً و كبيراً في بثّ روح الأمل و التفاؤل بين شعوب المنطقة و بآلذات في الجيش السوري و ذلك للمساعدات اللوجستية و العسكرية و القيام بمهمة التسليح و التدريب، و الدبلوماسية بأستعمال روسيا خمسة (فيتوات) في الأمم المتحدة منعت سقوط النظام السوري و هو صامد أمام أشرس أعداء للأنسانية المدفوعة الثمن من المال السعودي و القطري و الأجندات الأجنبية الأمريكية و الأسرائيلية و التركية و لمدة خمسة سنوات عجاف و الجيش و الشعب السوري يُقاتل بضراوة و صمود و تحدي لـ ( 86 ) وحدة عسكرية و منظمة و فصيل و كتيبة و لواء من ثلاثة تكوينات أرهابية مدمنة على أبادة الجنس البشري و محاربة السلام العالمي و هم المعارضة السورية؛ (42 فصيل) ، قوات سوريا الديمقراطية (35 لواء و كتيبة و وحدة عسكرية) ( مدعومة من واشنطن بالتدريب و السلاح ) و صحيح أنها تقاتل داعش و لكنها بالتالي هي وحدات مسلحة غير قانونية وخارجة على الحكومة السورية ، و تنظيم الدولة الأسلامية(9 منظمات أرهابية) فيكون المجموع ( 86 ) وحدة عسكرية و كتيبة و لواء و منظمة، و طبعاً تغذى من منابع السيولة السعودية و القطرية بمليارات الدولارات و تدفق الأسلحة بأنواعها أضافة إلى الخبرات التدريبية.

و هكذا إستَتَبّ الوضع على الساحة الجيوسياسية في الشرق الأوسط عموماً أتجاهين:

الأول: سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، و التي تختلف عن الأمس, فهي اليوم تستحضر أعلامها الديماغوجي الكاذب و بميكافيلية بغيضة تجاه شعوب المنطقة(الخليج و الشام) و التي هي مناطق الطاقة في الشرق الأوسط و بذاكرة مثقوبة في تجاهل تطلعات شعوبها و معطيات زمكنتها, لذا أنها ليست هي تلك القوّة الرهيبة التي تخيف العالم لتدهور قدراتها الأقتصادية خصوصاً بعد الأزمة المالية في عام 2008 لم تعد تتسيّد تلك الأحادية على صعيد القدرات العسكرية في وضع مأزوم أقتصادياً و تنمّر الدول الأوربية و آلآسيوية ككوريا و الصين، و بالتالي لم تعد قادرة على تمويل حروب عديدة في مختلف أنحاء العالم كما كان وضعها السياسي في القرن التاسع عشر حيث كانت أذرعها الأخطبوطية تمتد إلى جنوب شرق آسيا و أفريقيا الوسطى و دول بحر الكاريبي و حتى أوربا، فأتجهت أفكار صقورها إلى التخلي عن منطقة الشرق الأوسط و خاصة بتصاعد الخطر الأقتصاد الصيني و أغراقه أسواق المنطقة، لذا أتجهت نحو ( دول الخليج ) العربي و من ضمنه العراق لوجود مستدودعات الطاقة، و فيها أنظمة و أحزاب رخوة و دكتاتورية تستجدي الصّمود و الحفاظ على كرسي الحكم لأطول مدة و لو على حساب خيرات الناس و حقوقهم.

الثاني: الموقف الروسي من هذه الأستراتيجية الجديدة, حيث دخلت منطقة الشرق الأوسط في لعبة ( المساومة ) بقوة بأسم روسيا الأتحادية مع قوى دولية تتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية و دول الغرب، حيث أتجهت سياسة البنتاكون منذ 2012 في أطلاق يد روسيا في سوريا ربما كان الهدف من ذلك إستنزافها و جرها في حروب جانبية كتلك التي كانت في أفغانستان.

و روسيا الأتحاديّة و رئيسها بوتين و وزير خارجيتها لافروف و رئيسة المجلس الفيدرالي الروسي ( ماتفيينينكا )، كشفوا عن السياسة الخارجية لحكومتهم الروسية تجاه الشرق الأوسط منذ عام 2011 و2014 حيث بدأت روسيا تظهر من جديد على الساحة الدّولية منذ وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة في عام 2000م و الذي لديه رؤية لأستعادة المكانة الروسية على الساحة الدولية، و أثبات روسيا كقوة عظمى من جديد و تنمية علاقاتها الثنائية مع العراق على أساس المصالح المتبادلة ( لا ) المصالح النفعية الأبتزازية الطفيلية التي تُمثّل النهج الأمريكي، و أن الموقف الروسي كان صريحاً دائماً منذ الأحتلال الأمريكي للعراق في 2003 م , حيث أكدت وقتها على وحدة العراق و أنها ضد أجندة التقسيم التي تقوده أمريكا وعرابها في التقسيم ( بايدن ) و هو في صالح العراق حتماً لآنهُ صادر من دولة عظمى كروسيا الأتحادية العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي, كما إن موقف روسيا كان رسالة تحذير لموضوع الأستفتاء الكردي وكذلك ملف عدم تأجيل الانتخابات العراقية.

هذان الأتجاهان (ألروسي و الأمريكي) و حلفاؤهما .. قد إنعكس تأثيرهما بقوّة و وضوح على الساحة العراقية, بدايتها ظهرت بعد ما لم يعد خافيا على أحد أن هناك صراعا حادّاً و ليس ناعماً و إن كان غير معلن، لكنه بيّنٌ حتى للأصمّ و الأعمى، و هو ليس وليد اليوم، بل قائم منذ خسارة المالكي للدّورة الثالثة لرئاسة الوزراء، و إختيار العبادي بديلا له لرئاسة مجلس الوزراء؛ ذلك (الصراع) و ليس (التنافس) بين رئيس الوزراء الحالي و رئيس الوزراء السابق الأمين العام لحزبهما، و رئيس ائتلافهما (ائتلاف دولة القانون), يصطف مع هذين الأتجاهين تياراً ثالثاً هو التيار المدني – العلماني الذي يميل لتيار المؤتلفين في حكومة العبادي القريبة من أمريكا.

و هكذا يمكننا القول, بأن هناك جبهتان متصارعتان في خضم الأوضاع داخل العراق, هما:
جبهة العبادي و المقربين و الدّاعمين لهُ, برعاية أمريكا و السعودية و دول الخليج، و من هم الأقرب إليه، أو يمكن أن يكونوا مستقبلاً منضمين إلى جبهته، أو متعاونين معها، مع اختلاف درجات القرب و التنسيق.

و جبهة المالكي و الدّاعمين له، و من هم الأقرب إليه، أو يُمكن أن يكونوا مستقبلاً منضمّين إلى جبهته، أو متعاونين معها, بدعم و رعاية إيران و روسيا و سوريا و حزب الله اللبناني و قادة الحشد الشعبي المتمسكين بمبدأ ولاية الفقيه و نهج المرجعية الدّينية آلتي أفتَتْ بتشكيل و دعم الحشد الشعبي ضد داعش كأمل وحيد للعراقيين، أو المنسقين مع إيران بأي درجة كان التنسيق بقطع النظر عن الدوافع، استراتيجية عقائدية كانت؛ أم تكتيكية مصلحيّة، و كذلك كل فصائل المقاومة و قوى الإسلام السياسي الشيعية المؤمنة بولاية الفقيه.

أمّا جبهة العبادي، فإنها مدعومة من أمريكا و دول الخليج و إسرائيل، و يمكن أن تُدعَم أو يُتعاوَن معها من قبل التيار المدني، و القوى العلمانية و الليبرالية و المدنية، و التيار الصدري الذي عزف مؤخراً على وتر السعودية في المنطقة، مع ائتلاف الوطنية بقيادة علاوي و غيرها.

و يبدو أن هناك إنسجاماً بدأ يتشكل بين قوى التيار المدني و تيار مقتدى الصدر مع العبادي إلى حدٍّ كبير, رغم وجود ملاحظات من قبل القوى, بعضها على البعض الآخر، أو ربما حتى على العبادي نفسه، الذي يرى البعض أنه فوّتَ فرصاً كان يمكن له أن يستثمرها فيما سبق مدعوماً من جماهير الشعب و ربما المرجعيّة الدّينيّة و القوى المدنيّة و التيار الصدري و أمريكا و عدد من دول أورپا و الدّول الإقليمية.

و لا أريد أن أتناول العقبة أمام العبادي، و هو كونه ما زال عضواً قياديا في حزب الدعوة الإسلامية، و في ائتلاف دولة القانون برئاسة نِدّه اللدود نوري المالكي، و عضواً في التحالف الوطني برئاسة المراهق السياسي عمار الحكيم صاحب «الحكمة»، إلا إذا فاجأنا بخروجه بكتلة باسم «دولة المواطنة» أو أي مسمى جديد قد يغطى على أخطائه و فساده في السابق لأيهام الناس و الشباب.

إن المؤسف عليه, هو أن القاسم المشترك بين جميع الأحزاب و الكتل و الأئتلافات العراقية و كنتيجة لواقع ثقافي عراقي مأزوم؛ هو عدم إيمانها الواقعي و المبدئي بمبدأ المواطنة و المساواة في الحقوق, و لذلك فأنّ الصراع بين التيارين/تيار العبادي و المالكي؛ ليس من أجل أحقاق الحقّ و المساواة أو العدالة في الحقوق و الرّواتب و بآلتالي محو الطبقية في العراق بمعاقبة الفاسدين و إرجاع الأموال التي نهبوها؛ بل صراعهم و كما أثبت الواقع هو؛ من أجل الحصول على المناصب و آلأمتيازات و الرّواتب و المخصصات و كما أثبت تحالفهم و مؤآمرت بعضهم على البعض, و هنا تكمن الأشكالية الكبيرة التي آخذت بها جميع السياسيين العراقيين الذين يشكلون طبقة خاصة بمعزل عن الشعب – خصوصا الفقراء – و في الحقوق و آلامتيازات و الحمايات و النثريات و غيرها!

مشكلة العراق هو فقدانهُ من الأزل لتيارٍ إنسانيّ – أو إسلاميّ – أو حتى وطني .. بل قائد مخلص واحد يؤمن بـ(آلدّيمقراطية الهادفة – و ليست المستهدفة) (1) و يسعى لتحقيق المساواة و آلعدالة و الحرية بلا تميز أو طبقية, لذلك فأنّ الصراع و التناحر و المؤآمرات و التي أصبحت ثقافة حزبية و شخصية معروفة في العراق .. ستبقى قائمةً للأبد على ما يبدو حتى يتسلط عليهم مرة أخرى في نهاية المطاف حزب دموي كحزب البعث الصدامي ليتمسك بزمام الأمور و يعيد نفس المراحل التي خطاها البعث سابقا!

ألحشد الشعبي أمام منعطف خطير للغاية:
إن الموقف المحزن جدّاً .. جداً هو موقف (الحشد الشعبي) و قيادته البدريّة التي حصلت لوحدها من دون جميع الأحزاب الأآخرى على حُبّ و ثقة العراقيين و حتى العالم جميعًأ بسبب تضحياتها و مواقفها البطوليّة في دحر داعش بعيدا عن الرياء و المساومة و الفساد, لكنها هي الأخرى إنضمّتْ في غفلة من الزمن إلى تيار السيد المالكي الذي فيه شخصيات غير نظيفة, بل عليها مئات التساؤولات و ملفات الفساد و النهب, و بذلك يكون هذا (الحشد الشعبي) الذي كان مقدساً يمثل أملنا الوحيد؛ قد فقد و أفْقَدَ الناس بدوره فرصة تأريخية كبيرة كانت يمكن أن تكون منطلقا لنجاة و لخلاص العراق و عموم الشعب خصوصا الطبقة الكادحة العامة من الأرهاب السياسي الناعم الذي يعدّ الأخطر بكثير من الأرهاب العسكري العنيف الذي تمّ القضاء عليه بضربات عسكرية خاطفة, و السبب قدْ بيّناهُ في مقال سابق بعنوان: [مستقبل العراق؛ بين الأرهاب الناعم و العنيف].

إنّ تفريط (الحشد الشعبي) و قياداته البدريّة بتضحيات دماء الشهداء و آمال الفقراء الذين كانوا ينتظرون منهم موقفاً مستقلّاً أسمى من موقفهم الحالي و الذي سَيّرتهُم كتيار ضمن آلتيارات و الأحزاب ألمشبوهة الأخرى المعروفة أو على الأقل يُمكن القول بأنها غير نظيفة و لا ترتبط بآلولاية؛ هذا الموقف أفقدتهم شعبيتهم الكبيرة التي حقّقوها بدماء الشهداء و بتضحياتهم العظيمة و التي تميّزوا بها لحدّ اليوم منذ ثلاث عقود و يزيد, خصوصاً لو علمنا بأنّ المجاهدين لا يأملون منصباً أو مالاً من وراء السّياسة و كما هو حال الأحزاب الأخرى جميعاً؛ بل هدفهم هو لله و في الله لتحقيق العدالة و المساواة في الحقوق!

لقد كان بإمكان (الحشد الشعبي) أن يُشكل لوحده جبهة قويّة نظيفة متماسكة محصّنة و رائدة تفرض نفسها و تجلب لصفوفها الكثير من فقراء الناس و من كل المذاهب و الطبقات و من المستقلين المعتدلين و من المتدينين و العلمانيين و فصائل المقاومة العراقية و من الشباب و الشيبة ، الذين جميعهم يحترم إيمانهم و تدينهم و تضحياتهم و قيادتهم، و بآلتالي كُنا نأمل أنْ تتشكل حكومة عراقيّة حشدية مخلصة و عادلة لها نهج إنسانيّ واضح لتحقيق دولة العدالة و الحرية و آلمساواة بدل دولة المحاصصة التي لم يعد العراقيين يثّقون بها .. لبناء العراق بعيداً عن الأحزاب و آلأئتلافات و المؤآمرات و هيمنة القوى العظمى بقيادة أمريكا!

إنّ جميع الأحزاب و الكتل التي تحاصصت الحكم ؛ قد شاركت في الفساد بلا إستثناء و بنسب عادلة, و لذلك حين لم تؤيد المرجعية آلعليا أياً من تلك الأحزاب و التيارات و وقفت بمسافة واحدة من الجميع كانت حكيمة في موقفها إلى حدٍّ بعيد, و لعلي أعتبر موقفها الحكيم هذا .. بمثابة الموقف التأريخيّ ألخالد الذي سيبقى ميزة عظيمة لها, خصوصا بعد أن تململ الحشد الشعبي هو الآخر في موقفه السياسي بحيث صعب عليه إستيعاب أشارات المرجعية العمومية و الصريحة منها بشأن ثقتها و إعتزازها – أيّ ثقة المرجعيّة – بآلحشد الشعبي كأمل وحيد للعراق الأنسانيّ المستقل, و لكن إنتماء (الحشد) لتيار السيد المالكي أخيراً قد أفقدته الكثير من الأحترام , بل كان بمثابة طلقة الرحمة على رأس الحشد الشعبي و جريمة تأريخية كبرى, لأنه الوحيد الذي كان يمثل المنهج الأسلامي الأصيل في العراق و المؤيد من قبل المرجعية الدينية.

إن عودة أيٍّ من التيارين؛ تيار العبادي أو المالكي المختلطين بأنواع الفاسدين و المجرمين للحكم؛ يعني إستمرار الفساد و النهب و التخريب في العراق, و نعوذ بآلله من دعاء الأمام الحسين المظلوم(ع), و الذي دعى على العراق بآلقول:
[أللهم فرّقهم تفريقاً و شتّت شملهم, و لا تُرضي الولاة عنهم أبداً ووووو].

و بهذا المصير الذي لو قرّره العراقيون في الانتخابات القادمة من دون تغيير قانون الانتخابات و تدخل المرجعية بقوّة لدعم المستقليين و الحشد بقائمة منفصلة؛ (فإنّ الوطن سيبقى للأغنياء و الوطنية للفقراء) الذين سيُواجهون خيارات مريرة أحلاها مرّ إنْ لم يعوا الحقيقة و يعودوا لصوابهم, و ينبذوا نهج و رموز الأحزاب و الكتل التي شوّهت العدالة و الدِّين بسبب تحاصصها و تقريرها لدستور ظالم نهب من خلاله المتسلطين أموال و قوت الفقراء و مسخوا أخلاق الشعب, بسبب فقدان آلولاية في أوساطهم و إنتشار الثقافة ألحزبيّة و العشائريّة العراقية الألتقاطية و التربية المدرسية و العمالة للأجنبي, و عدم وجود قيادة إلهية عليا على أرض الواقع يُؤمن بها الجميع ليتوحّدوا تحت رايتها بعيداً عن التحزب و الكتل و التيارات, بجانب عدم وجود قانون و دستور عادل مقبول يحكم و يحتكم إليه الجميع بصدق و تفان ليضمن كرامة الناس, و لا حول و لا قوّة إلا بآلله العلي العظيم.
عزيز الخزرجي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here