الحكمة وبيت الحكيم

فراس الغضبان الحمداني

الحكمة مدرسة دينية عريقة تمتد لعشرات السنين في منظومة الحوزة العلمية في النجف الاشرف وهي عريقة الى الحد الذي كانت سببا في ظهور اجيال من الطلاب والعلماء الربانيين وامتد نفوذها الى مدن مختلفة في العراق وخارجه وتعرضت للانتقام من البعثيين لكنها ظلت منارة شامخة وعالية لم تهتز ولم يقع بنيانها ولم يتاثر وهي مشتقة من إسم عائلة الحكيم الدينية .

الحكيم بيت عريق سبق اسماء عديدة كبيرة نجفية وكان في المقدمة وسيبقى زعيم الطائفة الجعفرية السيد محسن الحكيم اشهر واكبر مرجع ديني أنجبته النجف في تاريخها الممتد والحافل وقد عاش وقاد الحوزة في اواخر العهد الملكي وبدايات العهد الجمهوري وكان له دور في تعميق حضور الحوزة في الحياة العراقية إذ يعود له الفضل في تأسيس عشرات المساجد والمدارس والمعاهد والجمعيات الاسلامية التي كان هو وعدد من اولاده مهتمين بها الى مستوى لم يصله مرجع ديني وكان اولاده ومنهم السيد مهدي الذي قتل على يد مخابرات البعث حريصين على انضاج تلك التجربة وقد سجل التاريخ حضورهم الميداني وسط الجماهير العراقية .

في ذلك الوقت كان الشيعة يتعرضون الى الاضطهاد في القارة الهندية وكانت الحركات التكفيرية نشطة للغاية وقد تم ذبح المئات من المسلمين الشيعة على يد تكفيريين مدعومين من الوهابية في السعودية بينما كان هولاء الوهابية يتربصون بالنجف وكربلاء لتدمير المعالم المقدسة وكانوا يفشلون ولكنهم لم يستسلموا حتى يومنا هذا الذي شهد جرائم مروعة وقتل وتهجير وتدمير للعتبات المقدسة في سامراء والموصل واستهداف للمراقد ولاتزال شاخصة تلك الجريمة النكراء باستهداف مرقد الامام علي (ع) بعد فترة قصيرة على سقوط صدام وعودة السيد محمد باقر الحكيم الذي زار المرقد الطاهر طوال عام 2003 الى ان استهدفه التفجير المروع واستشهد ومعه عشرات المصلين الى جوار أمير المؤمنين .

قبل ايام قليلة اعلن السيد عمار عبد العزيز محسن الحكيم عن تغيير جوهري في بنية المجلس الاعلى بعد ان اعلن تشكيل تيار الحكمة الذي انهى فعليا كل وجود للمجلس الاعلى وتركه لبعض القيادات منتهية الصلاحية وبالتالي اسس لطريقة في العمل السياسي لتغيير انماط العمل والذهاب مع الجماهير لا جرها الى التيه والضياع كما هو مألوف في السياسة العراقية وكان عماد التشكيل الجديد هم الشباب الصاعد من المثقفين والمدنيين ورجال الدين والكتاب والصحفيين والشعراء والاطباء والمهندسين والجامعيين والتدريسيين وجماعات من النساء والرجال من عامة الشعب والصناعيين والتجار والفلاحين وذوي المهن المختلفة الذين اعلنوا البيعة الكاملة للسيد الحكيم وتقدمهم السياسيون والموظفون والبرلمانيون ورؤساء المجالس والمحافظون .

السيد الحكيم نجح في اعادة هيكلة حركته السياسية واقترب كثيرا من المجتمع وقرأ جيدا المرحلة المقبلة ومتطلباتها وكان جريئا في إتخاذ القرار دون تردد فالسياسة تتطلب الحسم والحزم والعزم وهو كان كذلك .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here