مسعود بارزاني: سنسلك طريق الحوار مع بغداد لممارسة تقرير المصير

– أكد إن الاستفتاء يمنع وقوع صراع متوقع ويؤسس لصداقات ستراتيجية ومثمرة

– أبو الغيط: يتعين الانخراط فوراً في جهود حقيقية لتحقيق المصالحة بين أبناء الشعب العراقي

– رئيس الاقليم لأبو الغيط: يجب العتب على أصدقائنا في العراق وليس علينا

أكد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، ان حكومته ستسلك طريق الحوار مع بغداد لممارسة تقرير المصير، لافتاً الى أن هذا الطريق هو الخيار الوحيد أمامنا لإيماننا بالتعايش السلمي.وخاطب بارزاني، الامين العام لجامعة الدول العربية قائلا، إننا نحييكم، لكننا نتمنى دعمكم الكبير لحوارنا مع إخوتنا في بغداد للوصول إلى أنجع النتائج حفاظا على مصالح الشعبين وعلاقاتنا التاريخية مع الأمة العربية.جاء رد بارزاني، بعد يوم من رسالة بعثها له الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، يدعوه فيها إلى مراجعة قرار إجراء الاستفتاء المقرر في الـ25 من الشهر المقبل على استقلال الإقليم.
وفيما يلي نص الرسالة:
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط المحترم
“تحية طيبة
تلقينا رسالتكم الكريمة، ونشكركم على تهانيكم بالانتصارات الأخيرة على منظمة داعش الإرهابية في الموصل، التي شاركت فيها قوات بيشمركة كردستان وفتحت خطوط الصد الأولى للقوات العراقية التي دخلت عبر أراضي إقليم كردستان لتستكمل عملية تحرير الموصل، بعد أن نجحت قبل ذلك بأشهر قوات البيشمركة من تحرير مناطق حوض شنكال زمار ومدينة شنكال وزمار وربيعة وسد الموصل والكثير من سهل نينوى في شرق وشمال وغرب الموصل.
وفيما يتعلق بالاستفتاء على حق تقرير المصير وأسبابه وموجباته نود تبيان بعض الحقائق لمعاليكم حول هذا القرار.
إن تأسيس دولة العراق الحالية كان منقوصا في الأساس، وجاء بموجب اتفاقية سميت حينها وحتى يومنا هذا في الأدبيات العربية جميعها بأنها اتفاقية استعمارية، فالموصل مثلا كانت ولاية عثمانية تضم المحافظات الحالية (نينوى واربيل ودهوك وكركوك والسليمانية وقسم من صلاح الدين) وفي استفتاء عام 1924 الكرد هم من منحوا هوية هذه الولاية عراقيتها عبر تصويتهم لصالح الانضمام إلى المملكة العراقية التي تكونت من ولايتي بغداد والبصرة فقط مطلع العشرينيات من القرن الماضي.
وهذا القرار معالي الأمين العام بني على أساس الشراكة الحقيقية بين الكرد والعرب في إدارة العراق وخيراته مع احترام حقوق باقي قومياته الأخرى. ولكن في ارض الواقع وللأسف الشديد كانت حصتنا من هذه الشراكة وعبر مرحلتين منذ تأسيس الدولة العراقية، الأولى حتى 2003 حيث منحتنا هذه الدولة أقسى الحروب والقصف الكيمياوي في حلبجة وغيرها من المناطق في كردستان، وعمليات الأنفال سيئة الصيت التي أنتجت تهجير وتدمير 4500 قرية من مجموعة 5000 قرية وتغييب وإبادة 182 ألف مواطن من كردستان بعد تهجيرهم إلى جنوب العراق وصحاريه، ومع كل هذه المآسي ولأجل العيش المشترك والمحافظة على وحدة العراق واستقراره ومحاولة إيجاد فرصة للسلام المشرف ذهبنا إلى بغداد وصافحنا من اقترف تلك الجرائم ضد شعبنا عام 1991، إلا أنهم استمروا بذات النهج في إنكار قضيتنا ومأساة شعبنا واستمر ظلمهم.
المرحلة الثانية بدأت مباشرة بعد سقوط نظام صدام حسين في نيسان 2003 حيث ذهبنا إلى بغداد مستبشرين خيرا بسقوط الدكتاتورية وأساليبها وسلوكياتها الطاغية والظالمة، إيمانا منا بالشراكة الحقيقية وحفاظا على وحدة العراق وبناء دولة تسود فيها الديمقراطية والشراكة الحقيقية والمواطنة الحقة، وساهمنا بكل ما كنا نتمتع به من مؤسسات دولة حيث مارسنا استقلالنا الذاتي بعد انبثاق المجلس الوطني الكردستاني والحكومة المحلية في 1992، مساهمة كبيرة ومشهودة في استقرار أوضاع العراق بعد سقوط نظامه في 2003.
لقد شاركنا في كتابة الدستور الحالي وإنجاح التصويت عليه في 2005، والمساهمة في الحكومات العراقية المتعاقبة بعد ذلك، كما شاركنا في وضع النواة الأولى للجيش العراقي، ولكن ومع الأسف الشديد أيضا، كانت حصتنا من هذه المشاركات في تلك المرحلة (المرحلة الثانية) هي خرقهم لكل بنود الدستور التي تتعلق بإقليم كردستان وعدم تطبيقها بل والتضييق على الإقليم من كل النواحي، ومن أهم خروقاتهم:
– عملوا على عدم تطبيق المادة 140 من الدستور وعدم  حل مشاكل تلك المناطق.
– تقليص دور الكرد وكردستان في  المؤسسات العسكرية (الجيش والمؤسسات الأمنية والمدنية إلى درجة العدم تقريبا).
– خرق كل الاتفاقيات السياسية مع الإقليم
-محاربة قوات البيشمركة بعدم تدريبها وإهمالها وحرمانها من التجهيزات العسكرية والتسليح كونها جزء من  المنظومة العسكرية العراقية.
– قطع حصة الإقليم البالغة 17% من الميزانية العراقية منذ عام 2014 دون أي مستند دستوري، فالخلافات بين الإقليم وبينهم لا تعطي مسوغا شرعيا لتجويع شعب بأكمله وحرمان أطفاله من الحليب وحتى بقية المواد الأخرى بما فيها حصة الإقليم من الأدوية بجرة قلم من شخص لا يملك صلاحية دستورية تؤهله تنفيذ هكذا إجراء ظالم وطاغي لا يقل في تأثيراته عن جرائم القصف الكيمياوي والحرب الاقتصادية على شعبنا، مع ذلك لم نر أي اعتراض لا من الأحزاب العراقية السياسية ولا من المراجع الدينية هناك وكأنما ما يجري هو أمر اعتيادي.
وفي حربنا مع منظمة داعش الارهابية لم نتلق أي مساعدة عراقية عسكرية أو اقتصادية خاصة وان الإقليم آوى أكثر من مليون وثمانمائة ألف عراقي نازح من المحافظات التي سقطت بيد داعش (الموصل والانبار وصلاح الدين)، حيث قاتلت البيشمركة قتالا أسطوريا وحطمت أسطورة الخوف من هذه المنظمة الإرهابية وساندت الجيش العراقي بكل ما تمثله من قوة معهودة وخبرة كبيرة في معركة تحرير الموصل.
معالي الأمين العام المحترم
بعد هاتين المرحلتين من البقاء ضمن كيان هذه الدولة وصلنا إلى قناعة تامة بأننا غير مرغوب فينا وغير مقبولين كمواطنين وشركاء حقيقيين، وعليه وإزاء كل هذه التضحيات والدماء الغالية التي بذلت أساسا من اجل عراق ديمقراطي يحفظ كرامة أبنائه جميعا، لا يمكن القبول بالتبعية والاقصاء، ولذلك يجب العتب على أصدقائنا في العراق وليس علينا نحن، لأنهم هم من دفعونا إلى ذلك.
-لقد فشل كل من حكم العراق منذ تأسيسه  وبكل تجارب أنظمته القانونية والدستورية معنا في اللامركزية والحكم الذاتي والفيدرالية، في بناء الدولة الديمقراطية والشراكة الحقيقية.
عليه فان البقاء على هذا الحال وضمن الإطار الحالي للعلاقة بين كردستان والعراق أصبح يشكل خطرا كبيرا، لأننا سوف نتجه إلى صراعات لن تريح شعبينا في كردستان والعراق، ولأجل قطع الطريق أمام أي احتمال لوقوع صراع  جديد ولكي يعيش شعبينا بسلام فإننا نعمل من اجل تحويل ذلك الصراع المتوقع إلى تعاون مثمر ونكون جيراناً وحلفاءً وعمقاً استراتيجياً لبعضنا البعض.
-ومع تأكيدنا على نهجنا هذا فإننا نؤكد إن طريق الحوار مع الإخوة في بغداد هو خيارنا الوحيد لإيماننا  بالتعايش السلمي واستخدام كل الأساليب الحضارية في ممارسة حق تقرير المصير.
إننا نحييكم معالي الأمين العام للجامعة العربية المحترم، متمنين دعمكم الكبير لحوارنا مع إخوتنا في بغداد للوصول إلى أنجع النتائج حفاظا لمصالح شعبينا وعلاقاتنا التاريخية مع الأمة العربية الشقيقة.
وجاء رد رئيس الاقليم مسعود بارزاني، بعد رسالة تلقاها من الامين العام لجامعة الدول العربية،
واعتبر أبو الغيط في رسالته أن “الاستفتاء المزمع إجراؤه سيحمل رسالة سلبية لأبناء الشعب العراقي من غير الأكراد، ويفتح الباب أمام رياح الشرذمة والتفتيت، ويزيد من تعقيد الأوضاع الإقليمية، بل قد يسهم في تعقيد المشهد الكردي ذاته بصورة لا يرغب فيها أحد. ففضلاً عن دقة التوقيت الحالي وخطورة الظرف الذي يستلزم تكاتفاً أكبر وتوافقاً أوسع، فإن التحرك بغير إجماع وطني ومن دون تنسيق وتوافق مع الحكومة في بغداد قد يكون من شأنه تأزم الموقف ودفع الأطراف جميعاً إلى اتخاذ مواقف مُتصلبة لا تخدم مستقبل العراقيين، بمن فيهم الأكراد”.
وأضاف ابو الغيط، “ينبغي الاعتراف بأن (داعش) تسلل إلى المجتمع لأسباب – وفي ظل ظروف – لا ينبغي السماح بتكرارها، بل يتعين الانخراط فوراً، ومن دون تأخير في جهود حقيقية وجادة ومتواصلة لتحقيق المصالحة الشاملة بين أبناء الشعب العراقي”.
وأشار الامين العام لجامعة الدول العربية، الى ان “حقوق الأكراد لا يمكن تلبيتها بصورة كاملة إلا في إطار الدولة العراقية الفيدرالية الديمقراطية”. وناشد أبو الغيط بارزاني أن “تأتي المساعي الكردية من أجل تأمين هذه الحقوق وصيانتها في إطار الوطن العراقي وليس بالتحرك بعيداً عنه، وأن تكون هذه المساعي بالانسجام مع الدستور وليس بتهميشه، علماً بأن هذا الدستور سبق التوافق عليه بين مكونات الطيف السياسي كافة بديمقراطية كاملة”.
وأضاف ابو الغيط، إن “الجامعة العربية تعترف بتنوع المجتمعات العربية، وترى فيه مصدر إثراء وعنصر قوة، وهي تعد بمثابة إطار حاضن لكل العالم العربي. وفي الوقت الذي تحرص فيه الجامعة كل الحرص على وحدة أراضي الدول العربية وعدم تفتيتها أو تجزئتها، فهي تبدي حرصاً مماثلاً على حث جميع الدول الأعضاء على الوفاء بالتزاماتها في تطبيق المفاهيم العصرية للمواطنة والمساواة في الحقوق بين جميع أبناء الشعب الواحد”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here