مجلس النواب يعمق الخراب

مرتضى عبد الحميد
في خطوة غير موفقة من ممثلي الشعب، اقدم البرلمان العراقي في مفتتح آب على تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات تعديلا سيئاً وسلبياً جداً لكي يتناغم وقانون الانتخابات البرلمانية الجائر، مع اضافة جديدة، بجعل القسمة على (1,9) من نظام سانت ليغو الانتخابي، بعد ان كانت على (1) فقط، قبل التشويه الاخير الذي لجأ اليه البرلمان، والذريعة جاهزة لدى دهاقنة المحاصصة الطائفية والقومية، وهي ان زيادة عدد القوى السياسية المشاركة في مجالس المحافظات سيضعف دورها ويعرقل عملية اتخاذ القرارات لصالح الشعب.
ان هذه الفرية لا يمكن ان تنطلي على احد، فأبناء شعبنا يعرفون جيدا ان الغالبية العظمى من مجالس المحافظات فاشلة بامتياز كبقية مؤسسات الدولة، ولا شغل لها سوى الصراع على النفوذ والمال، وما يتبعه من تآمر ومناورات للاستحواذ على حصة الاسد فيها، ويعرفون ايضا ان العدد القليل الذي نجح في الوصول الى هذه المجالس في الدورة الاخيرة من القوى المدنية الديمقراطية والمستقلين، قد لعبوا دورا استثنائياً في الحفاظ على المال العام وخدمة المواطن العراقي بصرف النظر عن دينه وقوميته او طائفته وكانت اياديهم بيضاء وتاج النزاهة يكلل هاماتهم.
ويبدو ان وجود هذا العدد القليل من الاكفاء والنزيهين في مجالس المحافظات وسط هذا العدد الكبير منهم (447) عضواً في جميع المحافظات، أثار حفيظة البعض من هؤلاء لانه يكشف مستوى ادائهم وفشلهم في تقديم الخدمات حتى للذين انتخبوهم واوصلوهم الى هذه المواقع الوظيفية المهمة.
التناقض الآخر الذي يؤشر الانحدار نحو الهاوية هو ان العديد من قادة البلد، وفي مجلس النواب تحديداً، صدعوا رؤوس العراقيين خلال الفترة الماضية بادعاءاتهم الكاذبة من انهم مؤيدون متحمسون لاصلاح وتغيير العملية السياسية التي تشكو من ثقوب دونها ثقوب أسمال المتسولين، وفي الصدارة منه تغيير المنظومة الانتخابية (المفوضية وقانون الانتخابات) وانهم عازمون على دفن المحاصصة بتلاوينها القبيحة في مقبرة جماعية مع الفساد السياسي والمالي والاداري وغياب الامن والخدمات والاستقواء بالاجنبي عربيا كان ام اقليميا، ام دولياً. لكن هذه الادعاءات الزائفة سرعان ما انكشفت وظهرت الحقيقة فاقعة لا يسترها غربال الغش والخداع.
لقد بادر مجلس النواب في الفترة الاخيرة الى اتخاذ عدد من القرارات والقوانين بالضد من مصلحة الشعب العراقي ومنها هذا القانون الظالم (اعتماد سانت ليغو 1,9) وقبله تكريس المحاصصة الطائفية والاثنية في مفوضية حقوق الانسان، وستلحقها مفوضية الانتخابات وقانون حرية التعبير، والحبل على الجرار.
وهذا الامر ليس غريبا على برلمان معروفة تركيبته وكيفية الوصول الى قبته، لكن الغريب حقا ان دروس الماضي ومصائر المستبدين لا احد يلتفت اليها، او يفكر فيها، وان الشعب العراقي مهما طال صبره لا بد وان يصل الى نهايته، وساعتها سيكون الشاطر من يجد مكانا او حفرة تؤويه من غضب الشعب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص2
الثلاثاء 8/ 8/ 2017

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here