تعريف بكتاب “فرق يهودية معاصرة”

صدر في لندن قبل أسابيع كتاب بعنوان “فرق يهودية معاصرة” للدكتور جعفر هادي حسن.وقد قدم المؤلف للكتاب بمقدمة وافية تعرف بمضمونه ومحتواه وتتحدث عما ضمته فصوله التي كانت قد نشرت متفرقة في أوقات مختلفة. ومن المفيد أن نعرض هذه المقدمة بإيجاز لتعريف القارئ على طبيعة الكتاب.وقد جاء فيها قول المؤلف : أردت من تأليف هذا الكتاب أن أطلع القارئ على بعض الفرق اليهودية المعاصرة غير المعروفة أو المعروفة قليلا، والتي مازات نشيطة وفاعلة في عالمنا اليوم، والظاهرة التي تجمع هذه الفرق هو عدم وجود دراسات باللغة العربية عنها (عدا يهود أثيوبيا –الفلاشا). وأكثر هذه الفرق منتشر في أصقاع كثيرة من العالم ولاتتركز في منطقة واحدة. وقد حاولت أن تضم الدراسة عنها تفاصيل تتناول أغلب جوانبها في العقيدة والتقاليد والممارسة الدينية وغيرها. فمن الفرق التي ضمها الكتاب ، فرقة اليهود الأفارقة الأمريكيين، وهي فرقة أصبحت اليوم كبيرة وذات خصوصية، تميزها كثيرا عن بقية الفرق اليهودية الأخرى معتقدا وممارسة دينية.ولذلك توسعت في الحديث عنها، وذكرت بعض تفاصيل ممارستها الدينية وأفكارها ،لأنني لم أطلع حتى ولا على مقالة واحدة عنها باللغة العربية، ناهيك عن وجود دراسة فيها شيئ من التفصيل،- ولأن الدراسة عنها قد أصبحت طويلة واسعة ومتشعبة- ،فقد رأيت تفاديا لإرهاق القارئ بطولهاأن أقسمها إلى قسمين في فصلين،تحدثت في الفصل الأول عن بدايات تاريخ ظهورها وبعض الأفكار العامة التي تتميز بها عن بقية الفرق الأخرى، وكذلك عن ظهور بعض مجموعاتها، التي أخذت تظهر الواحدة تلو الأخرى. وفي القسم الثاني منها، تحدثت عن أحد أشهر مجموعاتها التي أصبحت ذات شهرة عالمية، ولها نظرية خاصة بها بل وخطط لإقامة دولة، تعمل اليوم على تطبيقها .
ومن هذه الفرق ،فرقة يهود أثيوبيا –الفلاشا التي ضمها الكتاب، وهي من الفرق التي تناولها الإعلام كثيرا،
وكتبت عنها دراسات باللغة العربية،عدا ما كتب عنها باللغات الأخرى. ولكن على الرغم مما كتب عنها باللغة العربية ،فإن الموضوع يفتقر إلى بعض المعلومات المهمة،وهي معلومات حري بالقارئ أن يطلع عليه ويستفيد منها ،ولهذا السبب أدخلت موضوع الفلاشا في الكتاب وخصصت فصلا له. ومن هذه الفرق غير المعروفة للقارئ كما أعتقد، والتي ضمها الكتاب ، فرقة تسمى بالإنجليزية ادMessianic Jews s “وتترجم باليهود المسيحانيين، ولكني أسميتهم أنا باليهود اليسوعيين إذ رأيت أن هذا الإسم أكثر صحة ودقة، وأقرب لمعناه المقصود بالإسم الإنجليزي، لأسباب يجدها القارئ في الكتاب، وهي فرقة لا أعتقد أن القراء أو أكثرهم قد سمعوا بها. وما تختلف به هذه الفرقة عن غيرها من الفرق اليهودية،هو أنها لاتؤمن بمسيح يهودي مخلص يأتي في آخر الزمان، كما تؤمن أغلب الفرق اليهودية، بل تعتقد كما يعتقد المسيحيون، بأن الذي سيظهر هو اليسوع عيسى، وسيكون ظهوره هذا هو الظهور الثاني بعد الأول، الذي حدث قبل ألفي عام. وعدا عن هذا الفرق الرئيس بينها وبين الفرق الأخرى، هناك تفصيلات تتعلق بهذه الفرقة ترتبط بتقاليدها وسلوكها وممارستها الدينية .ومن هذه الفرق التي ضمها الكتاب، فرقة تعتبر حديثة إلى حد ما،حيث ظهرت في منتصف القرن الماضي،وهي أيضا غير معروفة للقارئ العربي ،وقد أسميتها بفرقة اليهودية البشرية وهي ترجمتي لإسمها بالإنجليزية. Huministic Judaism
وقد ترجمت الكلمة الأولى بالبشرية، لأن هذا المعنى هو المقصود هنا، فهم يقولون إن الديانة اليهودية أسسها اليهود أنفسهم(البشر)، ولم تأت من وحي أوحى به إله، بل هم لايعتقدون بوجوده، بل ولايعترفون حتى بآباء بني إسرائيل القدماء مثل يعقوب واسحق وداوود، ولايعتقدون حتى بموسى ويعتبرون هذه الشخصيات رموزا اسطورية لاوجود لهم.ولهذه الفرقة اليوم أتباع في كثير من أقطار العالم،ولهم عشرات المراكز للعبادة حتى في إسرائيل. وسيطلع القارئ خلال قراءته للكتاب على تفاصيل أخرى تتعلق بطبيعة هذه الفرقة ومعتقداتها .
وقد ألحقت بهذه الفرق فرقة أنشأها واعظ ياباني، اسمه إيكورو تشيما ،اسمها “مكويا” .وهي كانت قد ظهرت في منتصف القرن الماضي على أنها فرقة مسيحية تتميز ببعض المعتقدات والتقاليد، التي تختلف عن الفرق المسيحية الأخرى، فهي تعتقد بالأصل اليهودي للمسيحية، وترى بأن فهم المسيحية يعتمد على فهم اليهودية والتاريخ اليهودي، وغير هذه من أفكار،ولكنها بمرور الزمن أخذت تميل إلى اليهودية أكثر، وتمارس بعض معتقداتها المهمة مثل أهمية السبت كيوم للراحة والإحتفال بالأعياد اليهودية وغيرها من ممارسات،وتتبنى أهم رموزها ،مثل المنوراه ونجمة داوود وغيرهما . وهي اليوم تستعمل أسماء يهودية لأعضائها،إضافة إلى أسمائهم اليابانية. وكما سيرى القارئ فإن زعيمها الذي خلف المؤسس صرح أكثر من مرة بأن فرقة مكويا هي فرقة يهودية، بل ادعت الفرقة أن أصولها تعود إلى قبائل بني إسرائيل الضائعة(إلى قبيلة زبولون)، وهي منذ بداية ظهورها تتبنى الأفكار الصهيونية، فيما يتعلق بأرض فلسطين ، وهي تساند إسرائيل ماديا ومعنويا وتؤيد سياساتها.لهذا كله رأيت أن أدخلها في كتابي هذا واعتبرها من الفرق اليهودية على الرغم من نشأتها المسيحية،لأنها في واقعها وممارستها الدينية فرقة يهودية. وقد استثنيت من هذه الفرق المعاصرة تلك التي كتبت عنها كتبا، مثل اليهود القرائين و الدونمه، والحسيديم، أو التي كتبت عنها دراسات مطولة كالحريديم، إذ يمكن للقارئ المهتم بهذه الفرق أن يراجعها في مظانها.كما أنني لم أدخل بعض الفرق المعروفة مثل فرقة اليهودية الإصلاحية والمحافظة وغيرهما ،لأن كلا منها تحتاج إلى دراسة مطولة ،لو أضيفت إلى الكتاب لأصبح كتابا ضخما ومرهقا للقارئ ، وقد يشيح بوجهه عنه بسبب ذلك ولايرغب في قراءته ، ولذلك أجلت دراستي لها إلى وقت آخرولكتاب آخر ،ولأنني لم أدخل كل الفرق اليهودية المعاصرة في الكتاب، فقد جعلت عنوانه غير معرف بأل التعريف أي الفرق اليهودية المعاصرة ، بل جعلت عنوانه منكرا “فرق يهودية معاصرة” ،للدلالة على أن المقصود هو البعض منها وليس كلها.وأملي في أن يجد فيه من يقرؤه بعض المتعة والفائدة.ويضم الكتاب بين دفتيه أكثر من 280.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here