السماوي في روضته العشقية ( حديقة من زهور الكلمات )

السماوي في روضته العشقية ( حديقة من زهور الكلمات )
السماوي برز بحق كقامة شعرية عملاقة , وكرمز شعري مرموق , في القصيدة المعاصرة , التي تحمل جمالية التكوين والصياغة والبناء المركب في نسيجها . وهو يترجم عصارة خياله الواسع بأفاقه اللامحدودة , في المتخيل في الرؤى والرؤية , في اطلالة الوحي الملهم , الذي يصوغ القصيدة في ثوبها البراق والمشع والمضيء , وهي تتلقف شحنات حزنه ووجدانه المحترق . لذلك فأن القصيدة تتنفس برئة أحاسيسه الوجدانية , ليجعل نبضاتها حية نابضة في مشاعرها , لتكون لها تأثير متحفز بالاثارة , في صورها الفنية , التي تتحكم بها تقنيات وادوات أبداعية منتجة وخلاقة , في براعة التنسيق المرتبط بترتيب مدهش , بان تكون الصور الفنية , تخوض عملية تركيبية , في جمالية , اللغة والايقاع والنغم والجرس الموسيقي , ليعطي هالة تكوينية لبراعة تصوير الصور الفنية , وله قدرة كبيرة في تحويل القصيدة في شحناتها المتنوعة , الى أن تتناغم مع الحلم العشقي الذي يحمل لوائه , بكل اقتدار , انه يوظف كل خزين امكانياته في القصيدة , لمقارعة الواقع الذي انحرف عن جادة الصوب , ودلف في طريق اعوج واعمى محفوف بالمخاطر , له قدرة فذة في فراغ شخناته بشكل خلاق في رضاب الرومانسية والصوفية والايروسية , في تفاعل مؤثر يكون صدى لمرآته الابداعية والوجدانية , مع التناغم في حلمه العشقي , ليكون حقيقة تمشي على ارض الواقع بكل عنفوان وجاذبية. انه بحق ( ساموراي ) العاشق , الذي يمشق حزام القصيدة ,ليقاوم , وينزل الى ساحة المنازلة , لكي يرمم الواقع الذي دلف الى السريالية الغرائبية , ولكي يظهر جمالية الحب والعشق بأنهما الاقوى , وبسبب الذي جاء في المقدمة الرائعة للاستاذ النقد الكبير . حسين سرمك بقوله ( تخلي الشعراء عن موضوعية الحب , تعزيز لسطوة اشباح الارهاب في حياتنا ) انه يقرع ناقوس الخطر , على الواقع المصاب بمرض الشخوخة المتصابية في مخالبها الجارحة والنزافة بالدماء المفتوحة . وفي سبيل ان تكون معادلة متكافئة بين الحب والارهاب , اذا كان ليس في مقدور الحب ان يكسب البرهان والجولة , انها منازلة ضارية لا هوادة فيها , لكن ( ساموراي ) العاشق يكافح من اجل انتصار حقيقة حلمه العشقي , في بناء مملكته العشقية المنشودة , ولا يمكن ان يكون الاقتحام مؤجل , بل حانت دقة ساعته , ان يكون التفعيل المؤثر ومحفز بالاثارة , احد الدوافع للاقتحام , انه يزرع بذور الامل والتفاؤل , في هالة روحية صوفية , متناغمة في نسيجها مع الحلم الرومانسي , ليحلق في الفضاء البعيد , الى السماء الخامسة , ليولد من جديد طفلاً رومانسياً ’ ارجوحته غيمة , ودميته القمر , نكاية بالشيطان وتقرباً الى الله
هي
عشقتني نكاية بالشيطان
وأنا
عشقتها تقرباً الى الله
حين تدحرجت من قعر بئري
الى قمة سمائها الخامسة
عدت طفلاً أرجوحته غيمة
ودميته القمر
هي
عاقلة حد الجنون
وأنا
مجنون حد الحكمة
× الامل : يبدأ بناء مملكته العشقية بالامل , الذي يعيد الامور الى مسارها الصحيح والصائب , ويعدل ميزان العدل المقلوب , ليخلق مسحات من التفاؤل , التي تخلق روحية جديدة , لمواكبة الحلم بالواقع الجديد المرمم بعدالة العشق , ليكون اكثر تفاعلاً وقبولاً في الاماني الامل
من أين لي
بازميل ينحت المستحيل
لأقيم
لحبيبتي
تمثالاً من القبلات
وللكادحين
نصباً من عرق الجباه ..
للأطفال :
أرجوحة من الكركرات ..
وللعراق :
جدارية
من صلوات موسى الكاظم
وتسابيح
عبدالقادر الكيلاني
× المعجزة : للعشق له مشهيات رومانسية لذيذة في نكهتها , وفي بريق امنيتها ان تتحقق , بما يشبه المعجزة في هالة نورانية في المبتغى والمشتهى والمنشود
النيازك
كلها تنتهي بأنتحار الشهب
إلا
نيازك نهديك
تنتهي
برعود شبقي
———————–
هاتني شفتيك
فأنا اريد
أن انحت لكِ تمثالا
من القبلات
——————-
الماء الذي استحم به جسدكِ
سقيت به الشوك
فأضحى زهورا !!
– وكذلك المعجزة تفعل فعلها اذا تحققت , في معاقبة الطحالب الخضراء , الذين عملوا بشهية انتقامية لخراب وتحطيم الواقع وقيادته نحو الانحراف الاعوج , لذلك يحتاج الواقع الى ابي ذر الغفاري جديد , ليقود الجياع نحو الآلهة التمر
وليس من أبي ذر الغفاري جديد
يقود الجياع
نحو
الآلهة التمر ؟
———————
الذين وعدونا بالجنة
فأدخلونا الجحيم
ما الذي نقوله لهم
غير ما يقوله النمل للعقرب
والفأس للشجرة الميتة
——————————-
الساسة
يتناطحون في مستنقع المحاصصة
بكرة وعشيا
فاجعل لي
من تهشيم قرونهم
آية
× مفردات عشقية : السماوي له اسلوبية متميزة وخاصة في قاموسه العشقي التي تحمل شغاف ايروتيكي بهالته المشتهاة , وديوان ( حديقة من زهور الكلمات ) حافل بهذه المفردات الايروسية , بنهكة الاشتهاء المشهاة
رجولتي تحترق
فاطفئيها بنار أنوثتكِ !
——————————-
حتى محراثي
يأبى تقليب الجمر
إلا
في تنوركِ !
————————
يوم تسلقت عليك قبلة قبلة
سقطت مغشياً عليكِ
من أثر اللذة
× معاناة العاشق : انها معاناة مريرة وقاسية فوق طاقة التحمل , انها درب الالام والمعذبين , كأنهم محكوم عليهم بالمعاناة الابدية , في حمل صخرة سيزيف وتنقل بها عبر دروب المنافي الغربة والطرق المجهولة . كأنهم يتنقلون بثقل صخرتهم مثل القرود بين الاشجار
أبي
ليس سيزيف
فمن
اورثني هذه الصخرة المشدودة
الى ظهري ؟
وأمي لم ترضعني دموعا..
لم تقمطني بوسط ..
ولم تلدني على ظهر ناقة
فلماذا أمضيت نصف عمري
وأنا أتنقل
من شعبة تحقيقات الى الاخرى ..
من سوط الى سوط ..
ومن منفى الى منفى
كما يتنقل القرود
من شجرةٍ الى شجرة ؟
× كفاح العاشق : ان طريق النضال محفوف بالمخاطر والاهوال , وليس طريقاً معبداً بالورود والزهور , وانما هو كفاح عنيد وصلب, وصراع كسر العظم , من اجل ان يظل العشق اقوى من الموت , واعلى من اعواد المشانق
أحياناً تغدو المشنقة
منصة ضوئية
يعتليها العاشق لالقاء أخر منشور سري
عن عشقٍ
( أقوى من الموت وأعلى من اعواد المشانق )
× نزاهة العشاق : اثبت التاريخ والواقع الحياتي , بالبراهين الدامغة التي لاتقبل الشك والريبة , بنزاهة وصدق واخلاص احفاد عروة بن الورد ’ في قلوبهم واياديهم الناصعة البياض , في زمن الغش والفساد واللصوصية , وهي قصيدة موجهة الى الشيوعيين والديموقراطيين , الذين زكتهم الحياة بنزاهتم وعشقهم للانسان والارض
أحفاد عروة بن الورد
بسطاء
كثياب أبي ذر الغفاري
خفاف
كحصان عروة بن الورد
راسخون كالجبال
يكرهون الاستغلال
كراهة الشجرة للفأس
يحبون العدالة
وحيثما ساروا
تنهض المحبة من سباتها
عطرهم عرق الجباه ..
ومثل تنور يمنح خبزه للجياع
مكتفياً برماده
وقبل الختام , لابد من ذكر القصيدة التي تفوح بعطر الرياحين , الى سادن النقد الادبي الاستاذ الكبير حسين سرمك , بقلبه المشع بياضاً , وروحه المعطرة بالرياحين
أقسم ب ؛ حاء ؛ حياتك
وب ؛ سين ؛ سناك
وياء يقينك
ونون نقائك ؛
أنني سأبقى أتيمم بتراب يومك
حتى لو حضر ماء أمسي
كلما افترشت حصيرة الطين
ميمما قلبي الى العراق
ووجهي الى السماوة !
×× × ديوان ( حديقة من زهور الكلمات ) الشاعر يحيى السماوي , من اصدارات مؤسسة المثقف . سدني / استراليا
×× لوحة الغلاف : بريشة الفنان صادق طعمة
جمعة عبدالله

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here