الأتجاه جنوبآ لا يعني الأستغناء عن بقية الأتجاهات

الأتجاه جنوبآ لا يعني الأستغناء عن بقية الأتجاهات
عندما ارادت ( ايران ) و حلفائها ( النظام السوري و حزب الله اللبناني ) منازلة ( امريكا ) و جيشها اختارت ( العراق ) ميدانآ دمويآ مدمرآ لذلك القتال المرير و الذي كانت المنظمة الأجرامية ( القاعدة ) رأس الحربة و العنوان الذي تختفي تحته الأجندات الأيرانية و حلفائها في دهاليز السياسة المقفرة حيث لا خطوط حمراء و لا حدود فكل شيئ مباح و متاح اذا التقت و تقاطعت المصالح و اتفقت الأهواء ان دعمت ( امريكا ) الدولة العظمى ذات التوجه الديمقراطي العلماني الذي يفصل الدين عن الدولة فصائل المجاهدين الأفغان المسلمين الغارقين في التطرف و العنف و سلحتهم و مدتهم بالأموال و المتطوعين و الأعلام في تلك الحرب التي كانت تدور في ( افغانستان ) ضد الجيش السوفييتي المحتل .
انه ليس من الذكاء الخارق للساسة الأيرانيين و دهائهم بقدر ما ( يتمتع ) به ( الساسة ) العراقيون الجدد من سذاجة في التفكير الأستراتيجي الى حد البلاهة او العمالة لا فرق ان وافقوا على جعل بلدهم ( العراق ) ساحة مواجهة و تصفية حسابات الدول الأقليمية و العالمية فبدلآ من ابعاد تلك النزاعات المسلحة عن الساحة العراقية لما تلحقه من اذى و ضرر كبير جدآ اذكى لهيبها من جديد هؤلاء ( الحكام ) و اذا بهم يتباهون بأولئك الالاف من العراقيين الذين سقطوا صرعى في ميادين القتال اما دفاعآ عن أيران و الحكم فيها او عن النظام السوري الآيل للأندثار او في تخفيف الضغط العسكري الذي يعاني منه حزب الله اللبناني في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا و كما هو الحال دائمآ فالعراقيون لا يدافعون عن بلدهم انما عن الآخرين في بلدهم .
منذ سقوط النظام العراقي السابق و على الرغم من ادعاء اركان ( النظام ) الجديد في الوقوف على مسافة واحدة من جميع الدول الأقليمية و بالخصوص الجارة منها الا ان الواقع يشهد عكس ذلك فكانت سياسة العهد الجديد في العراق تسير وفق الرؤية و الأرادة الأيرانية فكان اعداء ( ايران ) هم اعداء ( الحكومات ) العراقية المتعاقبة و حلفائها هم اصدقاء ( الحكومة ) العراقية و على هذا المنوال كانت النبرة العدائية تجاه ( السعودية ) تزداد كلما كان هناك توتر مع ( ايران ) على الرغم من ان الحدود السعودية مع العراق هي الأكثر ضبطآ و صرامة و لم تشهد أي خرق او تسلل على العكس من تلك الدول التي فتحت حدودها امام تدفق الأرهابيين الى داخل العراق .
ان تكون العلاقة مع السعودية طبيعية و ودية لا يعني ان تكون العلاقة مع أيران عدائية و متوترة و العكس صحيح ايضآ خاصة و ان الوضع الهش في العراق يحتاج ان تكون علاقاته حسنة و متوازنة مع جميع دول العالم المختلفة و بالخصوص منها دول الأقليم الجغرافي و اذا ضيقت الخصوصية فتكون دول الجوار هي الأكثر اهمية و حيوية للتداخل في العلاقات الأنسانية و الحدود المشتركة و البيئة الأقتصادية المتبادلة و هذه الأمور تجعل من تلك الدول ان تحافظ على توازن علاقاتها مع باقي الدول الأخرى و ان تكون الوسيط المحايد في المشاكل و الأزمات التي قد تحدث بين الدول و التي تحظى وساطتها بتقبل و احترام الجميع .
ان ما يحفظ للدولة هيبتها و للحكم القائم فيها قوته و احترامه هو القرار السياسي المستقل الذي ينبع من الأرادة الحقيقية التي تعبر عن مصالح الشعب الحيوية في الأمن و الأستقرار و الرخاء الأقتصادي و الأزدهار الأجتماعي و هذا لم يتحقق في العراق بعد سقوط نظام ( صدام حسن ) بعد ان ارتهن القرار العراقي و اصبح تابع يسير وفق مصالح دول اخرى .
مهما يكن من وراء ذلك الدافع في التقارب العراقي مع السعودية ان كان بفعل ضغط دولي اجباري و المقصود هو من جانب ( امريكا ) او صحوة من غفلة و ان كانت متأخرة في ضرورة التوازن في التعامل مع الدول الجارة و تلك المؤثرة منها على وجه الخصوص و السعودية من تلك الدول ذات التأثير الكبير في الوقت الحاضر على الأقل و العراق الذي يزخر بالتنوع القومي و الديني ما يمكن التقارب به مع تلك الدول المجاورة و استخدام هذا التنوع في تحسين علاقات العراق بجواره جميعهم و دون استثناء فالكل جيران و أشقاء و ان كانت هناك سنين من الأبتعاد و الجفوة لكن الأمور و العلاقات بدأت تعود الى مجراها و وضعها الطبيعي و هو الهدف المنشود للجميع فالمنطقة لا تتحمل المزيد من الصراعات و قد آن الوقت لهذه الحروب و المشاحنات ان تضع أوزارها و تتوقف .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here