«جنيه وربع» وكارت شحن يوديان بحياة 12 رجلا وامرأة

«أبو تشت» تدخل دوامة الثأر
كتب ــ أحمد يحيى جادالله ــ وقنا ــ مكتب الأهرام
 ما بين حين وآخر نستيقظ فجأة على كارثة ثأرية وقتلى وجرحى وعندما نتساءل عن السبب، لا نجد أى مبرر لهذه الجرائم وربما يكون السبب تافها، ويدفع الثمن فى أحيان كثيرة أبرياء لا حول لهم ولا قوة،

 هذا المشهد عاشته محافظة قنا، عندما تفجرت الفتن الثأرية النائمة منذ سنوات طويلة بين عائلتى الغنائم والطوايل، ليصل عدد القتلى حتى الآن إلى 13 قتيلا، بينهم سيدة، فطلقات النار العشوائية  على جدران المنازل منذ ان تطأ أقدامك لها يكشف حالة الفزع التى يعيشها اطفال القرية وهم يتلصصون خلف الجدران خشية من طلقات الرصاص، التى ظلت تحاصرهم منذ قرابة العام ونصف عام.

بداية يروى أحد أبناء كوم هتيم التابعة لمركز أبو تشت أسباب المأساة التى تعود إلى 5 سنوات مضت، قائلاً: المشكلة بدأت، كما ينتشر بالقرية، بمشاجرة بسيطة بين شباب صغار من طلبة المدارس والجامعات من أبناء عائلتى الغنائم والطوايل ويتردد أن المشاجرة حدثت بسبب كارت شحن ثم تطورت الأمور بعد أن سقط قتيل من عائلة الغنائم ومن بعده سقط قتيل آخر ومصاب من عائلة الطوايل، وجرى صلح بعد أن لملم الكبار حادثة الدم، إلا أن الأمور تجددت مرة أخرى وحدثت فتنة جديدة بين الطرفين.

وما يزيد الامر كارثية ان 7 مساجد ظلت مغلقة عاما ونصف العام خشية طلقات الرصاص واعتمد نَفَر قليل من اهل القرية على مسجد واحد هو مسجد الرحمن ناهيك عن المدرسة التى اغلقت ابوابها كلما أطلقت طلقات الرصاص والمعهد الأزهرى بالقرية .وبسؤال «الـمدنى عبد المنعم محمود» عمدة قرية الأميرية التابع لها نجع «كوم هتيم» حول بداية الصراع، فقال: المسألة تعود إلى عام 2004 عندما قتل شخص يدعى «زغلول أمين سليم» بسبب كارت شحن، وبعدها تم الصلح بالجودة بعد أن تقدم جعفر على نور الدين بـ«الكفن» وانتهى الموضوع، وعاش الجميع فى أمان حتى عام 2015، حيث تجدد الثأر عندما كان يستقل أحد أفراد العائلتين سيارة أجرة بنظام النفر واختلف على ثمن الأجرة «جنيه وربع» وحدثت مشاجرة وبدأ مسلسل القتل من جديد بين العائلتين حتى وصل العدد مساء أمس الأول إلى 13 قتيلا من العائلتين، منهم سيدة.

سألناه.. وهل تقتل سيدة ثأراً فى الصعيد؟

أجاب العمدة بأن الانفلات والفوضى بين الشباب لم يفرقا بين سيدة ورجل، خاصة أن منازل القرية محاطة بزراعات القصب مما يساعد على سهولة التربص، مشيرا إلى فشل كل مساعى الصلح.

يقول على محمود من أبناء القرية انا لست طرفا فى الخصومة ولكن منزلى مثل عشرات المنازل تضرر من ضرب النار العشوائي، وهذا هو الخطر الأكبر ان تتسع دائرة الخصومة بين أبناء القرية وكشف عن ان الأزمة بدأت فى ملعب لكرة القدم على كارت شحن ثم مات على أثر المشاحنات احد أبناء العائلتين ثم تدخل كبار العائلات فى وقتها وانتهت الخصومة.ويوضح محمد محمود كان يعمل فى الخليج وجاء فى إجازة أنه صدمه ما وصل اليه حال القرية وقال لم تعد قريتى التى كنت استشعر فيها بالامان فطلقات الرصاص تحاصر الجميع.

أما اللواء جمال عبد العال عضو مجلس النواب عن دائرة أبو تشت ومساعد وزير الداخلية الأسبق، فيعيد المشكلة إلى التعصب والقبلية، قائلا: لا يخفى على أحد فى مصر كلها أن قضية الثأر سببها الأول والأخير العصبية وأن أطراف العائلات ينفذون قانونهم الخاص «فيما هو معروف بأخذ الحق باليد» ، فكل طرف يتربص بالآخر ويلجأ إلى العنف فى ظل غياب القانون وأجهزة الدولة المعنية، الأمر الذى يسقط بسببه قتلى مظلومون، ولم يكونوا راغبين فى الدخول إلى هذه الدوامة، لكن قانون العائلات يفرض عليهم الاستمرار.

وفى أزمة أبو تشت تدخلت شخصيا منذ سقوط أول قتيل وتم الصلح وتجدد القتل مرة أخرى وتوجهت أيضا لعائلة الغنائم وطالبتهم بقبول الجودة والحل الودى وفقا للتقاليد والأعراف ورغم أن ابن القتيل كان حاصلاً على ليسانس «شريعة وقانون» فإنهم رفضوا الصلح وبدأ يسقط قتيل تلو الآخر، وحاولنا التدخل لكننا فشلنا فى الحل، فقلنا نعقد لجان مصالحات وتمت الاستعانة بالشيخ كمال تقادم «ابن أسوان» المعروف بقدرته على انهاء الخصومات الثأرية وكذلك إمام مسجد سيدى عبد الرحيم القناوى وغيرها ولكن أهالى العائلتين تعنتوا ورفضوا الصلح، حتى فوجئنا بقتلى جدد أمس الاول، وفى تقديرى كرجل أمن سابق يجب تطبيق القانون بكل الحزم على كل متهم هارب يحمل السلاح فهو هارب هنا خوفا من العائلة الأخرى أو من رجال الشرطة، وأذكر هنا على سبيل المثال انه فى إحدى المداهمات بهذه القرية أصيب ضابط منذ عدة أشهر.وناشد العمدة المدنى قيادات ورموز الدولة بإيجاد حلول نهائية راجيا من فضيلة الإمام الأكبر ورجال الأزهر الشريف التدخل لعقد الصلح بين العائلات حتى لا تتفاقم الكارثة.

احد أبناء القرية المتعلمين رفض ذكر اسمه قال ان القرية بلا خدمات ومنسية فلا وحدة صحية ولا مستشفى ولا نقطة شرطة ولا مياه شرب سقطنا من كل الحسابات وكانت النتيجة أننا فى بئر الثأر.لا يغيب عن المشهد داخل القرية الوجود الأمنى المكثف الذى يشرف عليه مساعد وزير الداخلية لمنطقة جنوب الصعيد اللواء عصام الحملى والذى امضى الساعات الماضية برفقة اللواء علاء العياط مدير امن قنا مع القوات لتأمين شوارع القرية بينما اشرف العميدان اشرف رياض مدير ادارة البحث الجنائى ومحمد الجمسى رئيس فرع الامن العام على تأمين دفن جثث الضحايا الستة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here