لصوص بثياب ملائكة! …. /1

قيس النجم

مخطئ مَنْ يتصور بأن البلد يمر بمحنة قاسية، ويعاني من نقص في البنى التحتية وتوفير الخدمات، ودماء أبنائه أرخص الدماء بين الدول، ومتوهم أيضاً مَنْ يقول عن العراق أنه الأول بين البلدان في الفساد، وبغداد هي أخطر عواصم دول العالم، لذا عليه تصحيح أفكاره، وأن يكون متفائلاً غير متشائم!

الإحصائية الأخيرة لوزارة التخطيط، التي أخذت الحكومة على عاتقها عدم نشرها، من أجل إختبار المواطن الشريف، ومدى صبره على التطور المذهل، في ظل الحكومات المتعاقبة على بلدنا العزيز.

سأنشر التقرير كما ورد من وزارة التخطيط، علماً بأن التقرير تم تسريبه الى بعض وسائل الإعلام من قبل الموظفين في الوزارة، وسوف أنسخه دون تدخل مني، بإضافة أو حذف كلمة أو رقم، وأنتم ستحكمون كم كنا ظالمين لهذه الحكومات المبجلة، التي سعت سعيها، للنهوض بالعراق نحو الهاوية!

لقد بلغ مجموع موازنات العراق المالية خلال السنوات الأربع عشرة الماضية نحو (تريليون دولار)، وهو رقم يعادل موازنات دول عربية مجتمعة للفترة نفسها، وقد حققت نمواً متفاوتاً على الصعيد الإقتصادي، رغم محدودية موارد بعضها، وتظهر البيانات الرسمية بلوغ الموازنات المالية، مستويات فلكية على مدى السنوات الماضية.

الميزانيات فلكية إلا أنها لم تضف شيئاً إلى حياة العراقيين، ولم توسع حجم إستفادتهم من الخدمات العامة، بل على العكس فقد زادت هذه الموازنات من معاناتهم اليومية بشكل واضح، وتفاقمت نسبة الفقر من ( 9% عام 2004 إلى 33% عام 2016) وبلغت البطالة معدلات قياسية، لتصل إلى (29%، بعدما كانت 11% عام 2005).

لقد شهد العراق، وفق تقرير حديث للبنك الدولي، واحدة من أدنى نسب العاملين الى السكان في المنطقة، حتى بين الرجال أما في ما يتعلق بالخدمات العامة، فيحصل العراقيون على عشر ساعات من التغذية الكهربائية فقط حالياً، بينما كانوا يحصلون (عام 2004 على 12 ساعة)، وكذلك ارتفعت نسبة المناطق التي لا تحصل على المياه النظيفة من (18% في عموم العراق عام 2003 إلى 41% عام 2016).

أما في مجال التعليم، فقد ارتفع عدد النقص في المدارس، من (2076) مدرسة في عموم العراق عام (2004)، إلى (ستة آلاف و480 مدرسة عام 2016)، وتراجعت حصة الفرد العراقي من الرعاية الصحية، بواقع سرير واحد لكل (39) عراقياً عام (2004)، إلى سرير واحد لكل (120) عراقياً اليوم.

تقارير خاصة وخطيرة أعدتها وزارة التخطيط العراقية، ولم تسمح الحكومة بنشرها، كما أن (95%) من العراقيين ما زالوا يعيشون على خدمات وبنى تحتية، تم إنشاؤها في الفترة التي سبقت عام (2003) من بينها الطرق والجسور، ومحطات الكهرباء، والمياه والمباني الحكومية، والمدارس والمستشفيات، وحتى المناطق الترفيهية، إلا أن هذه الخدمات تراجعت بفعل تقادمها، والتلاعب بمخصصات صيانتها، ووفقاً للمسؤولين في وزارة المالية العراقية، فإن (80%) من واردات العراق، للفترة الممتدة من (2003 وحتى 2016) كانت من بيع النفط، بينما (20%) كانت من منح ومساعدات مالية، حصل عليها العراق من الولايات المتحدة الأميركية، ودول أوروبية، وآسيوية، وعربية مختلف.

ختاماً: أرقام خيالية وتراجع ملفت في البنية التحتية، ومبالغ مخيفة جداً، نستطيع من خلالها أن تبني أكثر من دولة، وتلك المبالغ دخلت خزينة العراق، وتبخرت بقدرة قادر، لذا على المواطن أن يكون وطنياً ويسكت، وإذا تكلم فأنه مدفوع من جهات معادية للعراق، وعدو للحكومات المحرومة والمتفضلة، في تسنم قيادة البلد رغم مساوئه، إذن إصمت أيها المواطن المشاكس الى الأبد، فحكوماتنا لصوص بثياب ملائكة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here