الاسلوب الغرائبي في المجموعة القصصية ( واسألهم عن القرية ) انمار رحمة الله

الاسلوب الغرائبي في المجموعة القصصية ( واسألهم عن القرية ) انمار رحمة الله
نتوقف امام ابداع ناضج , في خوض معترك غمار اسلوب القصة الغرائبية في سردها العجائبي , الذي يصنف اذا جاز التعبير بالادب الغرائبي في القصة , في حكاياتها العجائبية , وفي لغة السرد التي توصف الاحداث بالغرابة اللاواقعية , لكنها تتفاعل مع معطيات الواقع , وتأخذ منه اشياءه وموجوداته لتضعها في مختبرها السريالي الغرائبي , لذا فأن الشخوص والاحداث تتحرك وفق هذا الجانب من الاسلوب الغرائبي , الذي يشحن العقل والخيال , بالتأمل والتأويل , ويحفز العقل بالاثارة , في احداث غرابتها . فأن المبدع ( انمار رحمة الله ) يقدم لنا عينات رائعة من حكاياته السردية , وفي اقتناص الخيال العجائبي في سريالته , لكي يعطينا الدلالة الدالة في معانيها الترميزية , وزبدة ذخيرتها الايحائية , المتفاعلة مع موجودات الوقع الغرائبي هو ايضاً , اي انه يعتقد ان هذا الاسلوب الغرائبي المؤهل , في مجابهة الواقع والتصدي له , وفي ايجاد صيغة في اخراج الفرد من ان يكون دمية الواقع , الى صيغة تناقش الثيمات الواقع بتفاعل , ليخرج من دائرتها بدرس وتجربة وحكمة معبرة . لقد قسمت المجموعة القصصية الى قسمين , رغم انهما يغرفان من ينابيع الغرائبية العجائبية .
× في القسم الاول يضم هذه القصص القصيرة وهي :
1 – قصة ( الرسام ) وهي تسرد احداث عجائبية , حول رسام يدخل القرية , من اجل اقتناص لوحات رسمية تشكيلية , من عينات القرية , المسماة ( القرية الجمال ) لان وجوه اهل القرية يكتسبون نور جمالي مبهر في دهشة الجمال في ملامح وجوههم , ورغم هذا الجمال الباهر في الوجوه , لكن القرية خالية تماماً من الاطفال , واسلوب معاملتهم فيها الغش والخداع والمكر , , ولكنهم يخشون المطر بخوف مرعب , الدلالة الترميزية , بأن الاطفال يمثلون البراءة والصدق , وهم ضد هذه السمات , والمطر يغسل الزيف وينزع الاقنعة المزيفة , فحين انهمر المطر الغزير , بانت حقيقتهم بوجوههم القبيحة والذميمة والمرعبة , بعدما كانوا ينظرون الى وجه الرسام , بأنه قبيح وذميم ووجه وحشي في ملامحه الذئبية , لكن عندما ظهرت الحقيقة في نزول المطر , كانت الصورة معكوسة . في الجوهر في وجوههم المرعبة والقبيحة والذميم , لذلك انتهز الرسام فرصة هطول المطر لينجو بجلده من العقاب
2 – قصة ( عودة الحكاء ) : القرية تعودت على الحاكي القديم في حكاياته المرعبة والمفزعة عن الجن والشياطين والوحوش الكاسرة , وساحرات الشريرات التي تجلب الوحشية السادية , والتي لا ترحم احداً في وحشيتها, ولكن عند موت هذا الحاكي القديم , ومجيء حاكي شاب يتحدث في حكاياته عن الاطفال والمستقبل , لذا خلب عقول الناس بالاستماع الى حكاياته التي لها طعم المستقبل الواعد , وعند عودت الحاكي القديم من موته , وجد عدم الاهتمام به , بعدما كان في منزلة وجاه ومقام مرموق في القرية , لذلك دبر عميلة قتل للشاب الحكائي الجديد , لكي يعود الى مجده السابق , . وهي تشير في رمزيتها بأن الانغلاق والتعصب لا يسمح بالرأي المعارض , او القديم يحارب الجديد , لانه يخشى على موقعه ونفوذه
3 – قصة ( المعلم ) : يدخل المعلم الجديد الى القرية , ويستقبل بحفاوة من الاطفال , لكن يلفت انتباهه , بأن سكان القرية يتعاملون بالايماءات والاشارات . وكذلك الفقر المدقع المعشعش في القرية , لكنه اصطدم في بكاء مرير من الحوذي , يندب حظه العاثر بهروب حماره الى الغابة , , وهو يعتبره المعيل الوحيد للعائلة الفقيرة , فيتطوع المعلم الجديد بأن يكون محل الحمار الهارب , ويربط نفسه بالعربة كالحمار , لحين توفير المال لشراء حمار جديد , لكن حالة الحوذي تحسنت مالياً , ولم يشتري حمار , بل انه يعامل المعلم بقسوة ووحشية وبالسوط الذي يلهب ظهره بنزيف الدماء , مما يضطر ان يهرب الى الغابة كالحمار الحوذي , الحكمة من مغزى القصة , بأن الجشع والاستغلال ليس لهما حدود بالطمع الجشع .
4 – قصة ( العازف ) : يدخل العازف الى القرية المصابة بالصمم منذ مئات السنين , وهم يتوارثون الصمم من جيل الى جيل , ويحتفلون كل عام بيوم الصرخة , , ويحاول العازف ان يثير انتباه اهالي القرية الى معزوفاته الموسيقية , لك عبثاً , وهو يتلقى الازدراء والاستهجان , والنظرات التهديدية بالويل والوعيد , , فينقل اهتمامه بالعزف الى الحيوانات , الذي يتلقى الاستجابة الكاملة والانشراح والفراح , مما يغيض عضب واستنكار اهالي القرية , ويحاولون بتهديهدهم بالقتل والاقتناص منه , ليكون عبرة للمتطفلين عليهم , لكنه ينجو بجلده من الهرب من القرية , ودالتها الترميزية بأن الانغلاق والتعصب , لا يسمح بالانفتاح
5 – قصة ( حارس المكتبة ) : تأخذنا الى حكايات الف ليلة وليلة الغرائبية . وهي تتحدث عن ( حارس المكتبة ) التي ورثها من ابيه المتوفي , الذي كان منغمراً في قراءة الكتب , ولا يرفع عينه عن الكتاب , حتى احتل مكانة مرموقة عند اهالي القرية , عكس ابنه , التي تتمثل حياته بالعبث والتسكع في المقاهي , وعدم محاباة الكتاب , بل يشعر بالاشمئزاز والكره من الكتاب , وفي ليلة الحلم يداهمه ابيه , ليؤنبه ويشجبه على السلوك الشائن تجاه الكتاب , , بأن ترك غرفته المليئة بالكتب , يعبث بها التراب والجرذان , ويأخذنا السرد الغرائبي , الى مطاردة الكتاب بالارهاب والسجن والاعدام والحرق . حتى لا تخلق من بطون الكتب ردة فعل متمردة وثورية على الواقع
6 – قصة ( الجرو ) : تتحدث عن جرو وديع يود مصاحبة الاطفال , واللعب معهم , لكن صاحبه حارس بوابة القرية , يقف بالمرصاد بالمعارضة , لكي يخلق منه كلب وحشي , يفزع الناس بالرعب , ويدربه على الاساليب الوحشية الخشنة , ولكن حين تعلم الوحشية الدموية , كان اول ضحاياه صاحبه , حارس بوابة القرية , وهي تشير في مكونها الترميز , بأن الوحشية من صنع الواقع والناس .
× القسم الثاني :
1 – قصة ( الاضراس ) : نحن امام شخصية جسدها الكاتب الكبير نجيب محفوظ , في رواية ( زقاق المدق ) بالشخصية دفان المقبرة , الذي يسرق الاسنان الذهبية من الموتى , ولكن هذه القصة جاءت برؤية ابداعية خلاقة جديدة , وهي تدل في مغزاها التعبيري , بأن الجشع والاستغلال , يصل بهما الفرد الى ارتكاب الجرائم .
2 – قصة ( التضاؤل ) : يضعنا القاص امام اجواء كافكا السريالية , بأن يستيقظ ( وديع ) صباحاً , ليجد جسمة تضاءل ويتقزم ويصغر شيئاً فشيئاً , حتى يصل برؤيته بالمجهر , ويجد ان ملابسه اصبحت عملاقة علية , إلا بدلة العمل في مشغل الرسم .
3 – قصة ( الصبار ) : بالضبط عكس رؤية مضمون قصة ( التضاؤل ) بشتلة صغيرة من (صبار) يتضخم حجمها بشكل غرائبي مخيف , حتى تحتل في كبرها صالة الشقة , وتكسر في ابرها نافذة الصالة , وتبث سائلها اللزج ارجاء الصالة , مما تشعر الزوجة بالاختناق والمحاصرة , بين فكي الابر الصبار , وصمغه اللزج . ولكن في الاخير نعرف انها من هلوسات كابوس الحلم
4 – قصة ( التؤام ) : هي ولادة تؤام برأسين في جسد واحد , وهما على خلاف وصراع عنيف , بين الرأس الايمن , والرأس الايسر , في التناقض في كل شيء, وينتهي هذا الصراع الناشب في عنفوانه بقتل احد الرأسين , والقصة تشير الى دلالة بليغة , بأن الصراع بين قوتيين تحتل السطوة على الحياة , لابد ان ينتهي باندحار او كسر احدى القوتين , واخراجها من حلبة المنازلة
5 – قصة ( مرايا ) : وهي تشير ان الواقع المعكوس والمتناقض , يشوه حقيقة بالمرآة المقلوبة
6 – قصة ( موعد ) يحاول الاب بكل جهد واهتمام ان يلبي ويوفر كل طلبيات اطفاله وعائلته مهما كانت حجم الطلبيات , المهم ان يدخل السعادة والفرح في قلوبهم , فمثلاً في الكهرباء المتعطلة , يبدلها بنور عينيه , ولكننا نعرف في النهاية المأساة الدامغة والمروعة , حين يتذكر موعد تعليق الصورة الكبيرة . لاربعة راحلين .
وبقية القصص القصيرة , او الاقصوصات القصيرة , تحمل حالة حياتية معينة , في حالة دهشة في تصويرها الايحائي
جمعة عبدالله

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here