بسبب تزايد الهدم العشوائي وتحويلها الى محال تجارية.. المدن التراثية في بابل مهددة بالضياع

بابل/ إقبال محمد

دعا مختصون بالتراث البابلي، أمس الاثنين، إلى المزيد من الاهتمام بآثار المحافظة، وفيما طالبوا بـ”منع هدم المناطق التراثية واستملاكها من قبل الدولة”، أكدوا على ضرورة “تحويلها إلى مواقع سياحية لتعزيز الاقتصاد المحلي”.
وأكد الباحث في تراث الحلة حسام الشلاه حديث لـ”المدى”، ان “مدينة الحلة مدينة عريقة تأسست عام 495هجرية من قبل الامير صدقة الاسدي وكانت واحة واسعة للعلم والثقافة وتوسعت مدينة الحلة وأصبحت تحمل بين ثناياه من معالم معمارية تمثل تحفاً فنية مهمة وإن ما يميز الحلة القديمة هي المحلات الشعبية القديمة ووجود محلات ضيقة جدا قد لا يتجاوز عرض بعضها المتر أو المترين وقد يصل مساحة بعضها 40 مترا قليل منها بمساحة مئة متر فقط وتشكل بمجملها تشكيلة رائعة من التصاميم الهندسية من شناشيل وأبواب مزخرفة وان جميعها لايوجد فيها حديقة منزلية”.
وأضاف إن “تعرض المواقع التراثية في محلات الحلة القديمة للإهمال هو أمر مؤلم ومحزن جداً لأنها جزء مهم من تراث المدينة الخالد”.
ويضيف “إننا نشعر بالأسف الشديد بسبب ما تتعرض له المعالم التراثية في المدينة من إهمال وتخريب ونتمنى أن تكون هناك بادرة لاطلاق حملة تدعم البيوتات والمعالم التراثية وتمنع التلاعب بها لأنها إرث حضاري وهي موجودة بكثرة في أحياء الحلة القديمة وطالب الشلاه بالاهتمام بالمحلات القديمة وبيوتاتها وعدم هدم أي بيت تراثي إلا بعلم وموافقة الجهات المختصة”.
ويقول مدير متحف الحلة المعاصر علي عبد الجليل شعابث في تصريح لجريدة “المدى”، ان “قضية الأبنية التراثية لها علم وعالم مستقل وكتب عنها مئات البحوث والمؤلفات وهنا لا بد من ذكر حقيقة مهمة وهي أن ما آلت إليه البيوت التراثية الحلية من إهمال وهدم وسقوط وعدم اهتمام لأسباب أهمها طريقة البناء غير المتين وإهمال هذه البيوت لعقود طويلة وتركها بدون صيانة وخصوصا تلك التي بنيت بشكل بسيط فكانت عرضة للتآكل والاندثار وكذلك تعرض هذه البيوت لتهديم عشوائي من قبل الأنظمة السابقة التي توالت على إدارة مدينة الحلة بحجج واهية أتى بها المسؤولون من أصحاب الفكر الضيق الذين لا يعرفون القيمة الحضارية لتراث المدينة وكان الهم الوحيد لهم هو فتح الشوارع والساحات العامة على حساب طمر معالم المدينة وهذا الأمر لا يقتصر على الحلة فقط بل جرى في بعض المدن العراقية مثل بغداد والنجف وكربلاء وكذلك قيام بعض المواطنين بهدم دورهم لانها قديمة”.
وانتقد شعابث “ما تتعرض له مدينة الحلة من تخريب واضح يطال محلاتها القديمة وهي الكراد والتعيس والجباويين والمهدية والطاق والجامعين وجبران والوردية التي تمثل البعد الحضاري والتراثي لمدينة الحلة و لاحضنا منذ فترة عمليات تهديم عشوائية لاغلب الدور القديمة وبدون رادع او محاسبة مما أدى الى فقدان الكثير من الابنية والبيوت التراثية المهمة رغم أن هناك قانون خاص للابنية التراثية وفيه فقرات تنظم العمل والصيانة والحفاظ على الابنية التراثية ولكنه لا يطبق”.
وشدد شعابث ان “الحفاظ على تراث الحلة من بيوت هو من مسؤولية الحكومة المحلية في بابل التي عليها اصدار تعليمات تنص بعدم هدم أي بيت تراثي ونطالب ان تأخذ الحكومة المحلية دورها في الحفاظ على الابنية القديمة عن طريق استملاكها او استئجارها اوتغيروظيفتها من دور سكنية الى دور ثقافية”.
وكشف ان “متحف الحلة المعاصر في الحلة لديه مخططات كاملة وقاعدة بيانات ومعلومات رصينة عن الابنية التراثية في مدينة الحلة”.
وصرح الحاج محمد كريم من سكان الحلة القديمة لجريدة “المدى”، “انا اسكن محلة المهدية وهي من أقدم الاحياء في مدينة الحلة وكانت تضم البيوتات الجميلة الموشحة بالشناشيل والزخارف الهندسية الجميلة وبعد التطور الحاصل بالمدينة وانشاء أحياء جديدة بدأ الاهمال بالمحلات القديمة وبدأت معه معاول الهدم للبيوتات القديمة بحجة البناء الحديث والتقدم علما أن اكثرية البيوت تتراوح مساحتها بين 50 متراً الى 100 متر ورغم صغرها إلا انها كانت بيوت جميلة بكل شيء”.
وبين أن “عشرات المعالم القديمة في الحلة القديمة هدّمت خلال فترة القرن العشرين منها منارة جامع الحلة الكبير ومرقد السيد محمد ابن الإمام زيد الشهيد وعدد كبير من مراقد علماء المدينة التي بنيت قبل وبعد تأسيس الحلة عام 495هـ على يد الأمير صدقة بن مزيد الأسدي وأن التأريخ الطويل لهذه المدينة يؤكد وجود الكثير من البنايات والمدارس والحوزات العلمية والبيوت التراثية ويجب الاهتمام بها من قبل الحكومة المحلية باصدار قرارات بعدم هدم البيوت القديمة كما هو موجود بكل بلدان العالم”.
وأكد الاعلامي والمختص بتراث الحلة محمد هادي في تصريح لجريدة “المدى”، “تعد مدينة الحلة من اهم مدن العراق التراثية لأنها تضم محلات موغلة بالقدم وهي محلات الجامعين والمهدية والكراد والطاق والجباوين وجبران والتعيس في الصوب الكبيرمن الحلة ومحلات الوردية والكلج وكريطعة في الصوب الصغير من المدينة وتضم هذه المحلات الكثيرمن الصروح والشواهد والبيوتات القديمة وكانت تستعمل سابقاً كدوائرومستشفيات”.
وأشار إن “غالبية البيوتات في تلك المحلات كانت تزينها الشناشيل والزخارف والاقواس وهي الآن آيلة للسقوط ومتهالكة لعدم قيام اصحابها بعمليات الترميم والرعاية والاهتمام وهناك العديد من اصحابها قام بعمليات الهدم وبناء دور سكنية رغم ضيق مساحة الدار”.
وطالب هادي الحكومة المحلية ومتحف الحلة المعاصر بـ “الرعاية والاهتمام بهذه البيوتات الحلية القديمة ومحلاتها الجميلة التي تتحدث بعبق الزمن الجميل من أجل أن تكون شواهد لتاريخ الحلة القديم”.
يذكر أن محافظة بابل، مركزها مدينة الحلة،(100 كم جنوب العاصمة بغداد)، تضم آثار الحضارة البابلية، فضلاً عن الكثير من المواقع الدينية المهمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here