مجلة اميركية: مسؤولون عراقيون صاروا سماسرة صفقات وباعوا سلاح الجيش إلى داعش

ترجمة/ أحمد الزبيدي

قبل سنوات، سافرت مجموعة من أقرب مساعدي رئيس الوزراء آنذاك إلى عمان، الأردن، واستأجروا عدة أجنحة في واحدة من أفخم الفنادق في المدينة. وكانت الغاية من زيارتهم تلك هي لغرض عقد لقاءات مع رجال أعمال أجانب توجهوا للحصول على عقد مربح لمشروع يتعلق بالطاقة، وهو المشروع الذي كان من شأنه ان يساعد في اعادة بناء البنية التحتية العراقية المدمرة.
وظلت بغداد، مثل الكثير من مدن العراق، في حالة من الفوضى، وبالتالي كانت مكاناً خطراً جدا للزوار. وكانت العاصمة عمان تمثل مكان أفضل من العاصمة العراقية، وكانت شرطا أساسياً للاجتماعات، وجاء رجال الأعمال لتقديم رشاوى للمالكي وكبار المسؤولين الحكوميين الآخرين مقابل الحصول على العقد.
وترأس الاجتماعات (ك.ر) وهو أحد مستشاري رئيس الوزراء، ووفقا لأحد رجال الأعمال الذين حضروا الاجتماعات في عمان، كانت شروط (ك.ر) بسيطة وهي: من يحصل على العقد سيسلم حصة قدرها 45 في المئة من الصفقة – بالإضافة إلى دفعة ضخمة مقدما – إلى شركة عراقية يسيطر عليها مسؤولون مقربون من رئيس الوزراء. وستستخدم الشركة العراقية، بدورها، المبلغ اللازم لدفع مبالغ نقدية إلى كبار السياسيين – معظمهم من الشيعة ولكن أيضا عدد قليل من المسؤولين الأكراد الذين يحتاجون إلى الموافقة عليها قبل إنشاء مشروع للطاقة في أراضيهم.
وقال رجل الأعمال: “إن الشيعة الذين كانوا يديرون الشركة لم يكونوا يعرفون شيئا عن المشروع – كانوا مجرد اشخاص متلهفين للإثراء. لا علاقة لهم بالمسائل التقنية ولا يملكون الخبرة الفنية: كان (ك.ر) يوزع المال فقط. واي مستثمر، قد لا يحصل على أي أرباح قبل مضي خمس أو ست سنوات، لكن السياسيين كانوا يشترطون ان يتم الدفع مقدما”.
ولم يفاجأ أي من رجال الأعمال المشاركين في الاجتماع بالحجم الذي وصل اليه الفساد. فكثيرا ما كانت الشركات الأجنبية التي تقدم العطاءات للمساعدة في إعادة بناء العراق تؤمر بأن تجعل المسؤولين العراقيين شركاء لها – وأحيانا مقاولين من الباطن – من أجل التوصل إلى اتفاق. وكثيرا ما كانت تتلاشى مبالغ دافعي الضريبة الأميركان المرسلة لتسليح الجنود العراقيين في المعركة ضد تنظيم القاعدة إلى الحسابات المصرفية السويسرية. إن الأسلحة لم تكن تصل أبداً، أو أسوأ من ذلك، فإنها في نهاية المطاف تصبح في أيدي أعداء أميركا. كان الكسب غير المشروع والاحتيال واسع الانتشار، وفي الواقع، ساعدوا على تمهيد الطريق أمام تهديد جديد تماما.
الشركة التي فازت بعقد الطاقة في عمان لم تتمكن من إكمال المشروع، لأن الأراضي التي كانت تقع فيها تجاوزها بسرعة تنظيم داعش.
وما تزال أسباب الخراب المدمر في العراق مصدرا دائما للنقاش، فكيف يمكن للولايات المتحدة بعد أن أنفقت ما يقدر بنحو 1.7 تريليون دولار من دولارات الولايات المتحدة الضريبية، ونشرت أكثر من 115 ألف جندي للإطاحة بصدام حسين وإعادة بناء البلاد، ان ينتهي بها الأمر الى ان يصبح العراق دولة فاشلة أدت إلى ظهور تنظيم ارهابي وحشي جديد؟ هل كان ذلك فشلا للستراتيجية العسكرية أم للإرادة السياسية؟ هل انهينا الحرب في وقت قريب جدا، أم كان علينا الانتظار وقتا طويلا للخروج من العراق؟ ألم ننفق مبالغ طائلة على إعادة بناء البنية التحتية للبلد، أم ان مساعداتنا ذهبت الى الأماكن الخاطئة؟
الجواب قد يكون أبسط بكثير، وفي نهاية المطاف أصبح مهينا أكثر: الرجال الذين وضعناهم في السلطة في العراق سرقونا في غفلة منا، ولو كانت الاموال الأميركية قد استخدمت على النحو المناسب، ولم تأخذ طريقها في نهاية المطاف نحو جيوب حلفائنا، فإن داعش كما نعرفها الآن ما كانت لتوجد.
ويقول رجل الأعمال الذي قدم عرضا لصفقة الطاقة: “كان رئيس الوزراء ورجاله يعلمون حق العلم .. لم تكن تعرف دائما من هو المسؤول، ولكن كان رئيس الوزراء والمسؤولون الحكوميون يحصلون دائما على نسب من كل صفقة. وقد وضعوا نظاما متقدما جعله يبدو أن الاتفاقات تجري في اطار التعاقدات والعطاءات المشروعة، ولكن كان كل ذلك كسباً غير مشروع. حيث اختفت الكثير من الاموال الاميركية”.
ومن الصعب المبالغة في تقدير الدور المدمر الذي لعبه الفساد في فشل العراق وصعود تنظيم داعش. ووفقا لتقرير أصدرته لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، فقد أنفقت وزارة الدفاع في البلاد 150 مليار دولار على الأسلحة خلال العقد الماضي، ولكنها حصلت على أسلحة بقيمة 20 مليار دولار فقط. وكثير من المعدات التي حصل عليها كانت عديمة الفائدة، والعتاد الذي يعود إلى حقبة السبعينات من دول الكتلة السوفيتية السابقة التي تم تحرير فواتيرها بأربعة أضعاف قيمتها الفعلية.
وفي أواخر عام 2015، ذكرت مصادر مطلعة أن البنتاغون سلم شحنة من الأسلحة الجديدة إلى الحكومة العراقية، بما في ذلك بنادق قناصة من عيار 50 ملم. كان من المفترض إرسالها إلى مقاتلين في محافظة الأنبار. وبدلاً من ذلك، قام المسؤولون الفاسدون في وزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين ببيع الأسلحة إلى تنظيم داعش الذي استخدمهما لقتل مقاتلي البيشمركة الكردية. ويقول مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) امضى وقتا طويلا في العراق: “لا يزال الأكراد يستخدمون المعدات التي قدمناها لهم في عام 2003″.
وأضاف انهم مجبرون على شراء الذخيرة والاسلحة التي تعطيها الحكومة الاميركية لبغداد من مسؤولى الحكومة العراقية الفاسدين”. فالأسلحة ليست الهدف الوحيد للفساد. وعندما يتعلق الأمر بالمبالغ الهائلة من الأموال التي تتدفق إلى العراق من أجل إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية، فإن المسؤولين في كل مستوى من مستويات الحكومة كانوا أكثر تركيزا على ملء جيوبهم الخاصة وليس على إعادة بناء بلدهم المدمر. وكثيرا ما تستخدم الشركات الأجنبية التي تسعى إلى الأعمال التجارية في العراق وسطاء ذوي صلات جيدة، ثم يقومون برشوة كبار المسؤولين مقابل عقود.
وفي إحدى الحالات التي ظهرت مؤخرا، تقاسم العديد من الشركات الاميركية العملاقة في مجال الطاقة ومن ضمنها ويثيرفورد واف ام سي تيكنولوجيز، ارباحها مع شركة قطاع الطاقة في موناكو ومقرها موناكو. وفي وقت سابق من عام 2012، قامت شركة “أونوايل” بتحويل ملايين الدولارات الى كبار المسؤولين العراقيين الذين منحوا عقود لعملاء “أونا اويل”، وكثيرا ما كانت أرباحهم مبالغ فيها، لأن الحكومة وافقت على شراء المنتجات والخدمات بأسعار مرتفعة جدا. أما الأموال التي كان من المفترض أن تخصص لإعادة الإعمار فقد كان يستولي عليها المسؤولون الفاسدون والشركات الخاصة.
وتظهر رسائل البريد الإلكتروني الداخلية أن “أونا اويل” دفعت رشاواها الأكبر إلى مسؤولين عراقيين أطلق عليهما اسم “م” و”المعلم”، وهما مسؤولان كبيران في الحكومة آنذاك .. ومن بين المتلقين الآخرين لرشاوى اونا اويل (ض.ج.م) المعروف باسم المنارة في رسائل البريد الإلكتروني الداخلية، وهو مستشار ومسؤول نفطي.
وقال إيريك غوستافسون، مدير مركز التعليم من أجل السلام في العراق: انه “تم استبدال التكنوقراط في الوزارات الرئيسية من قبل اشخاص سياسيين يعملون لصالح أحزابهم”. وأضاف “ليس هناك منافسة على العقود الحكومية لانها تذهب الى الاحزاب المتنفذة”، وقد ساعد نهب المساعدات الأميركية الطبقة السياسية في العراق على التمتع بأنماط الحياة الفخمة.
وهناك شكل من أشكال الفساد الذي يتسم بالوقاحة وهو حديث نسبيا، ويتمثل في توقيع عقود كبرى مع شركات وهمية. ففي عام 2013، وقعت الحكومة صفقة بقيمة 6 مليارات دولار مع شركة سويسرية تدعى ساتاريم لبناء وتشغيل مصفاة يمكنها معالجة 150ألف برميل من النفط يوميا. ولكن اتضح أن ساتاريم كانت غير قادرة على الوفاء بالعقد، وقد تم تسجيلها في مكتب محاماة في بلدة زوغ الصغيرة، وأصحابها مجهولون، وبلغ رأس مالها المتاح 450 ألف دولار فقط. وعندما ظهرت عملية الاحتيال، علقت الحكومة العقد وأطلقت تحقيقا. وبعد فترة وجيزة أعادت الحكومة تأكيد الاتفاق بهدوء، الذي ضمن امتياز المصفاة الى ساتاريم لمدة 50 عاما.
ويقول أحمد موسى جياد، المسؤول الأقدم السابق في شركة النفط الوطنية العراقية، الذي عمل مستشارا لهيئة النزاهة، وهي الوكالة المستقلة التي أنشأها المسؤولون الأميركيون في عام 2004، أن “المصفاة لن يتم بناؤها أبداً”. فهي شركة غير معروفة ولا تمتلك الموارد المالية اللازمة أو الخبرة اللوجستية. ومن الواضح ان العقد منح لساتاريم لانها أقامت علاقات مع المسؤولين الفاسدين”.
إن مثل هذا الفساد ليس غير قانوني فحسب، بل إنه عقبة كبيرة أمام خلق عراق مستقر. ولأغراض عملية، لم يعد العراق بلدا موحدا. ويتوقع العديد من المحللين أنه سوف ينهار قريبا تماما، أو ينتقل إلى ثلاث ولايات متحدة: نظام شيعي يسيطر على كل شيء من بغداد إلى البصرة؛ حكومة كردية في الشمال؛ ودولة سنية متمركزة في محافظة الأنبار تنافس فلسطين في بؤسها.
ومع تنامي تنظيم داعش إلى أخطر منظمة إرهابية في العالم، فإن الحكومة العراقية تدفع ثمن معاملات ضخمة في المحافظات مع نقل النقود من بغداد، وما تزال الأحزاب السياسية حرة بموجب القانون العراقي لقبول تمويل غير محدود من الدول الأجنبية.
ويقول جوستافسون: “هناك تركيز كبير على تحقيق مكاسب ضد داعش، وهو أمر مفهوم. لكن قبل تنظيم داعش كان هناك تنظيم القاعدة في العراق. إذا تم القضاء على داعش، فإن مجموعة أخرى تحل محلها. طالما لديك الفساد والبؤس على هذا النطاق، سيكون لديك بيئة حيث الإرهاب يمكن أن تزدهر”.
ونهب المساعدات الأميركية والعقود مكّن نخبة العراق من التمتع بأنماط الحياة الفخمة. وقد برزت أحياء خاصة على غرار أحياء نيويورك يحميها حراس مسلحون في جميع أنحاء البلاد، والأرستقراطيون يجوبون الشوارع المعبدة بسياراتهم الفاخرة الأجنبية الصنع، ويتناولون الطعام في المطاعم التي تنافس تلك الموجودة في العواصم الغربية. وقد قام المسؤولون الفاسدون ورجال الأعمال بتحويل مبالغ هائلة إلى الأردن ودبي وسنغافورة، ولندن.
ووفقا للجنة النزاهة، تم اكتشاف 6 مليارات دولار من الأموال المملوكة للحكومة العراقية مؤخرا في قبو في لبنان، و14 مليار دولار أخرى أرسلت بشكل غير قانوني إلى الإمارات العربية المتحدة وتركيا وإيران والولايات المتحدة ودول أوروبية مختلفة.
واعلن عادل نوري عضو البرلمان ولجنة لجنة النزاهة البرلمانية ان عشرة وزراء سابقين بينهم مسؤولون عن الدفاع والنفط والداخلية والنقل والتجارة، ارتكبوا اعمال احتيال واسعة النطاق.
وقال نوري “لدينا وزراء مطالبين بالتعويض عن 900 مليون دولار”. “وبعض العقود المزيفة لبعض الوزارات تبلغ قيمتها حوالي 1.5 مليار دولار”.
ويتجاوز الفساد في العراق الحدود المذهبية والعرقية، على الرغم من أن الأغلبية الشيعية قد جنت نصيب الأسد من المال القذر. لقد جرى تطوير بنية تحتية من الكسب غير المشروع من خلال تعزيز سيطرة رئيس الوزراء على وزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات، فضلا عن مفوضية الانتخابات، ولكن الفساد يمتد أيضا إلى الشمال الكردي، فاحد القياديين الكرد كان يعيش في منزل متواضع خارج البلاد قبل الغزو الأميركي في عام 2003، يمتلك اليوم عقارا كبيرا في اقليم كردستان، واحد القادة السنة يقسم وقته بين بغداد وعمان، حيث اشترى، وفقا لمصدر مطلع، ممتلكات ضخمة من أموال حكومية.
ويقول حميد الكعود، وهو رجل أعمال من محافظة الأنبار وابن شيخ قبلي سني من المنطقة: ان “الحكومة تشبه الكعكة. كل مسؤول حصل على قطعة منها”.
ما هو الأكثر إثارة للصدمة حول الفساد الواسع الانتشار هو الطريقة التي تعاملت بها الحكومة العراقية بشكل وحشي مع العاملين في مؤسسات النزاهة الذين يكافحون عمليات الاحتيال والكسب غير المشروع، وكيف تجاهلت إدارة أوباما عمليات الانتقام العلني.
وكان ناظم نعيم، الموظف في وزارة التجارة العراقية، قد قتل في انفجار سيارة مفخخة بينما كان يستعد لتسليم وثائق الى هيئة النزاهة تكشف عن الفساد في الوزارة (تم التحقيق مع وزير التجارة ملاس عبد الكريم فيما يتعلق بالقتل، ولكن سرعان ما تم اخلاء سبيله).
والواقع أن هيئة النزاهة نفسها واجهت تخويفا منذ تأسيسها. وتلقى القاضي راضي حمزة الراضي، أول رئيس للهيئة تهديدات بالقتل بعد أن ضغطت عليه حكومة المالكي لتخفيف ملاحقته المسؤولين الفاسدين. واستقال راضي وهرب إلى الولايات المتحدة، حيث منح حق اللجوء في عام 2008.
والحكمة التقليدية هي أن جورج دبليو بوش هو المسؤول عن الكارثة في العراق، وأن باراك أوباما بذل قصارى جهده لإدارة الكارثة التي ورثها. لكن فترة ولاية بوش كقائد عام انتهت بعد خمس سنوات من الغزو. وأدار أوباما هذه المعركة من بعده وامضى المالكي، ستة من ثماني سنوات له رئيسا للوزراء في ظل أدارة أوباما. وقام خليفته، رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، بعدة تدابير من اجل الإصلاح، لكنه لم يتمكن من مساءلة آلاف الموظفين الفاسدين في الوزارات الحكومية. والواقع أن الفساد أصبح الآن راسخا تماما في العراق، وأنه سيكون من المستحيل تقريبا القضاء عليه.
وقبل عام من انتخاب أوباما، فرّ كبير محققي هيئة النزاهة إلى الولايات المتحدة. ومثل رئيسه راضي الراضي، تلقى سلام تهديدات بالقتل، وقتل أكثر من 30 من زملائه في العمل. وأعلن أمام مجلس الشيوخ الاميركي ان “الفساد والهدر المالي” منتشران في جميع زوايا الحكومة العراقية وخصوصا في وزارة الدفاع “حيث افضت المحاباة والمحسوبية الحزبية والافتقار الى الحد الادنى من الضوابط المالية الى انتشار اعمال الاختلاس والسرقة، وهدر مليارات الدولارات الأميركية”.
وفي إحدى حالات الغش من بين المئات، اكتشف سلام شركة وهمية تدعى العين الجارية كان يسيطر عليها أحد اقرباء وزير الدفاع، وقد أثرى هذا الشخص من خلال تلقيه رشاوى من الشركات الأميركية التي حصلت على عقود من الحكومة العراقية. وكان بين زبائنها شركة آم جنرال، التي يقع مقرها في ساوث بيند، في ولاية إنديانا الاميركية التي يزعم أنها حولت الملايين من الدولارات لتلك الشركة كجزء من عقد لتزويد الجيش العراقي بعربات همفي.
ووفقا لمحقق هيئة النزاهة، فقد قدمت شركة آم جنرال فواتير بلغ مجموعها 18.4 مليون دولار الى الحكومة العراقية عن العمل الذي لم يؤد، وقدمت أقل من 170 من عربات همفي من أصل 520 المنصوص عليها في العقد.
أين ذهبت كل الأموال؟ بحسب المحقق، كان صاحب الشركة “من مؤيدي القاعدة المعروفين” الذين حولوا بعض الأموال إلى الحسابات البنكية لتنظيم القاعدة في عمان.
واضاف محقق النزاهة: “إنني مقتنع – بدون شك – بأن الجنود الأميركيين ماتوا بسبب هذا الفساد. ان العراق لم يستلم أبداً تلك العربات المدرعة وكان تنظيم القاعدة يمتلك اسلحة أفضل من الجيش العراقي بسبب هذا الفساد”.
ولم تتم مقاضاة صاحب الشركة مطلقا ولا تزال شركة آم جنرال، تنفي هذه التهم، وقامت هيلاري كلينتون، التي كانت تسعى إلى الفوز في الانتخابات بجولة في منشآتها وأشادت بالمؤسسة.
ومع عدم وجود بادرة للإصلاح تأتي من واشنطن، خرج العراقيون في مظاهرات إلى الشوارع في بغداد.
وفى الشهر نفسه الذي قامت فيه هيلاري كلينتون بجولة فى شركة ام ايه جنرال، اقتحم مئات العراقيين المنطقة الخضراء واجتاحوا مبنى البرلمان. ودعا مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي وخصم اميركا، إلى المظاهرات من اجل قيام “الانتفاضة الشعبية العظيمة والثورة العظيمة لوقف المسؤولين الفاسدين عند حدهم”.
واستمرت المظاهرات طوال الصيف. وفي احتجاج آخر ضد الفساد وما يتسببه من كوارث سار العراقيون في مسيرات غاضبة أثر قيام تنظيم داعش بتفجير سيارة قتلت أكثر من 200 شخص في حي الكرادة في تموز من العام الماضي.
وكان المهاجمون قد اقتحموا نقطة تفتيش أمنية لكن الحراس قاموا بفحص السيارة بأجهزة غير كفوءة. لم يكن في الأجهزة بطاريات أو مكونات إلكترونية – سوى هوائي راديوي. وقد كانت الحكومتان الأميركية والعراقية تعلمان لسنوات أن تلك الأجهزة – لا جدوى منها.
وأنفقت وزارة الدفاع العراقية ما لا يقل عن 85 مليون دولار لشرائها من رجل بريطاني يدعى جيمس ماكورميك الذي يقضي حاليا عقوبة السجن لمدة عشر سنوات بتهمة الاحتيال.
* عن: نيو ريبوبليك

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here