تعديلات العفو تشمل مستفيدين سابقين وتستثني جرائم الخطف

بغداد / محمد صباح

أنهت الحكومة خلافها مع البرلمان بشأن تعديلات قانون العفو العام، الأمر الذي يساعد على تمرير القانون بعد عام من الخلاف حول بنوده. وتوصلت السلطتان التشريعية والتنفيذية الى صيغة توافقية تنهي الجدل حول بنود القانون المثير للجدل. وصوّت البرلمان، نهاية آب 2016، على قانون العفو العام الذي استثنى 13 فئة من الجرائم، منها: الجريمة الإرهابية التي نشأ عنها قتل أو عاهة مستديمة، وجرائم الاتجار بالبشر وكل ما يندرج تحت عنوان (السبي).

كما استثنى القانون جرائم الخطف، التي نشأ عنها موت المخطوف أو مجهولية المصير، أو إحداث عاهة مستديمة، وجرائم الاغتصاب، وجرائم تهريب الآثار وجرائم غسل الأموال.
وبعد أشهر من إقرار العفو العام، صوّت مجلس النواب، في كانون الثاني الماضي، على قبول ثاني تعديل قدمته الحكومة للقانون. وكان البرلمان قد رفض التعديل الأول الذي أعدته حكومة العبادي، وقدمته أواخر العام الماضي.
ويقضي الاتفاق باستثناء بشمول بعض المستفيدين من إجراءات العفو السابق، وكذلك شمول جرائم الإرهاب التي وقعت قبل سقوط الموصل، واستبدال محكومية مزوّري الشهادات الدراسية ببدلات مالية.
وبحسب أعضاء في اللجنة القانونية فإن تعديلات القانون ستشمل بعض المحافظين المتورطين بقضايا فساد مالي وإداري.
ويكشف النائب زانا سعيد، عضو اللجنة القانونية البرلمانية لـ(المدى)، عن “توصل الحكومة واللجنة القانونية على إعادة تعديل قانون العفو العام الى مجلس النواب من أجل تمريره في الجلسات المقبلة بعد التوصل إلى صيغ توافقية بشأن النقاط الخلافية”.
وقررت الحكومة في شهر أيار الماضي سحب مشروع قانون العفو العام من البرلمان بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهها رئيس الوزراء لتعديلات بعض الفقرات والمواد من قبل اللجنة القانونية مطالبةً إدارات السجون بالتريث بإطلاق سراح المشمولين بالمادة أربعة إرهاب
وكانت (المدى) قد حصلت على إعمام أصدرته وزارة العدل، بتاريخ 22 من آذار الماضي، تطلب بموجبه من سجن الناصرية التريث بالإفراج عن المشمولين بالعفو من المحكومين وفق المادة 4 إرهاب. وأرفق الإعمام بتوصية مجلس الأمن الوطني، بتاريخ 15 كانون الثاني، التي تحثّ على الطعن بقانون العفو بهدف منع الإفراج عن المحكومين بقضايا الإرهاب.
ويستعرض عضو اللجنة القانونية النقاط التي تم الاتفاق عليها مؤخرا بين لجنته والجانب الحكومي، وأبرزها عدم شمول جرائم المادة 4 إرهاب، وعمليات الخطف بتعديلات قانون العفو العام، مؤكدا ان التعديلات المكونة من مواد ستعرض للتصويت قريبا.
وكانت اللجنة القانونية قد عقدت اجتماعا مهما لها، مطلع آب الجاري، مع وزراء الدفاع والداخلية والعدل ومستشار الأمن الوطني لمناقشة أهم النقاط الخلافية التي عاقت تمرير مسودة تعديلات العفو العام التي سحبتها الحكومة من البرلمان.
ويلفت النائب زانا سعيد، عضو كتلة الجماعة الإسلامية الكردستانية، إلى ان “اللجنة القانونية تنازلت عن مواقفها الداعية لشمول حالات الخطف بقانون العفو، واقتنعت بطروحات الحكومة”، مؤكدا ان “عمليات الخطف أصبحت غير مشمولة في إجراءات قانون العفو حتى لو تم التنازل”.
وكان جدل كبير يدور سابقا بين الحكومة واللجنة القانونية التي تصر على شمول حالات الخطف بإجراءات العفو العام شرط تنازل الضحية، وعدم تسبب الخطف بعاهات مستديمة، وهو ماكانت الحكومة ترفضه بقوة.
وبحسب النائب الكردي فإن “التعديلات التي اتفقت عليها الحكومة والبرلمان تحصر شمول جرائم الإرهاب بإجراءات العفو العام بالجرائم التي حصلت قبل دخول داعش إلى الموصل في عام 2014 مع شرط التنازل عن الحق الشخصي وعدم وجود عملية قتل لأي إنسان أو حدوث عاهة مستديمة”، كما أشار الى ان التعديلات المتفق عليها “لن تشمل أية جريمة إرهابية حصلت بعد تاريخ العاشر من حزيران للعام 2014 “.
ويكشف النائب زانا سعيد ان “التعديلات الجديدة ستمنح مزوري الشهادات الدراسية بدرجة مدير عام فما فوق حق استبدال ما تبقى من محكوميتهم بمبالغ مالية حددت بـ50 ألف دينار لليوم الواحد أي ما يعادل 18 مليون دينار للسنة “.
ويشير عضو اللجنة القانونية إلى ان “التعديلات الجديدة ستمنح الحق لكل الموظفين الذين زوروا شهاداتهم باستبدال ما تبقى من فترات محكوميتهم بمبالغ مالية حددت في القانون بـ 10 آلاف دينار لليوم الواحد، أي ما يعادل 3.600 مليون دينار في السنة”.
ويوضح زانا سعيد بأن “إطلاق سراح المحكومين بتهم تزوير شهاداتهم الدراسية سيكون بشكل مباشر من قبل اللجان القضائية وليس بتنازل المشاور القانوني للدائرة او الوزارة التي ينتسب لها ذلك المسؤول أو الموظف”.
وكانت الخلافات بين الحكومة واللجنة القانوينة، قبل إبرام الاتفاق الأخير، تدور بإصرار بعض الكتل على دفع البدلات المستفيدين من العفو العام على خمسة أقساط بشرط وجود عقار ضامن.
ويوضح النائب عضو اللجنة القانونية “من ضمن القضايا التي تم الاتفاق عليها مع الحكومة هو شمول الاشخاص المستفدين من قانون العفو العام لسنة 2008 شريطة ان تكون عقوبته من العقوبات البسيطة وان لا تتجاوز فترة محكوميته على 3 سنوات”، لافتا إلى ان “هذه المادة تشمل المخالفات المرورية وقضايا الجنح تحديدا”.
ومع نهاية شهر آب ستنتهي الفترة المقررة لتسلم طلبات الشمول بإجراءات العفو العام كما تنص بنود القانون، الأمر الذي يهدد بحرمان الكثير من المحكومين.
وكان البرلمان قد أقر قانون العفو نهاية آب عام 2016، الذي ينص على نفاذه من تاريخ إقراره. وتنص المادة (9 / رابعا) من القانون على ان “تستمر اللجنة المشكلة في الفقرة (ثانيا) من هذه المادة باستقبال الطلبات مدة سنة تبدأ من اليوم التالي لصدور الأنظمة والتعليمات الخاصة بتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون على ان تنهي اللجان أعمالها خلال مدة سنتين من تاريخ صدور الانظمة والتعليمات”.
ويبين النائب الكردي عن قيام اللجنة القانونية في مجلس النواب بتوجيه كتب إلى وزارة العدل لتزويد البرلمان بعدد السجناء الذين تم إطلاق سراحهم بقانون العفو العام الساري” مبينا أن وصول أرقام غير دقيقة من مصادر خاصة تتحدث عن إطلاق ما يقارب (1500) سجين قبل شهر رمضان الماضي”.
ومن أبرز الكتل المعترضة على هذه التعديلات والاتفاقات كتلة الفضيلة البرلمانية، التي ترى عدم جدوى تمرير قانون يساعد على تنامي الجريمة لأنه سيتيح إطلاق سراح أعداد من المجرمين.
ويقول النائب حسن الشمري، في تصريح لـ(المدى)، “هناك عدد من القضاة يرون بأن جهودهم ذهبت هباء، في حال الإفراج عن هؤلاء المجرمين”، مؤكدا “تزايد معدلات الجريمة بعد تشريع قانون العفو العام الأخير في مجلس النواب”.
وأضاف الشمري “بإمكان رئيسي مجلس الوزراء والجمهورية إصدار قانون خاص لإطلاق سراح المحكومين بقضايا ومخالفات بسيطة لا تتجاوز عقوبتها 3 سنوات”.
ويتابع وزير العدل السابق بالقول “في فترة وزارتي أصدرت رئاسة الجمهورية أكثر من 200 مرسوم جمهوري لإطلاق سراح بعض المخالفات البسيطة”، لافتا الى ان “رئيس مجلس الوزراء هو من كان يقترح إصدار قانون خاص على رئاسة الجمهورية التي تصادق على هذه المراسيم”.
ويوضح عضو اللجنة القانونية عن كتلة الفضيلة ان “كل مرسوم كان يطلق سراح بين (10 – 15) محكوما وفق مخالفات بسيطة لاتتجاوز محكوميتها الثلاث سنوات”.
ويتحدث حسن الشمري عن “سياسيين توجد ضدهم ملفات إدانة هم من يدفع بقوة بتشريع قانون العفو العام في مجلس النواب”، لافتا الى ان “تشريع قانون العفو العام يشمل المحافظين الحاليين المتهمين بقضايا فساد مالي وإداري”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here