مكانة الاقليات في استفاء اقليم كوردستان

خضر دوملي*
مقدمة لابد منها :
مثلما هو معروف ان هناك مجموعة من الاقليات الدينية والاثنية والقومية تعيش في اقليم كودستان والمناطق الكوردستانية خارج الاقليم تتجه الانظار اليها هذه الايام وتسلط عليها مراكز القرار الاضواء لتشخيص وتحديد توجهاتها ومعرفة مواقفها تجاه الاستفتاء الذي من المقرر ان يجري في الـ 25 من ايلول 2017.
الاقليات او المكونات كما يحلو ان يتم تسميتها في اقليم كوردستان تعتبر من الشعوب والمكونات العريقة التي تعيش في اقليم كوردستان منذ الاف السنين، وامتدادتها الجغرافية والدينية تتشعب في عموم كوردستان ، كما ان مكانتها في الاقليم تعززت منذ 1991 والى الان من خلال العديد من المواقف والمسارات التي قلما يتم الاشارة اليها بأنصاف. فمكانة الايزيديين والمسيحيين تعززت في الاقليم في الجوانب السياسية والثقافية كما ان موقف التركمان ومكانتهم اصبحت اكثر قبولا و قوة في مؤسسات الاقليم التشريعية والتنفيذية والحفاظ على الهوية الثقافية واللغوية ولايشعر الشبك والصابئة او البهائية بأنها غرباء في الاقليم رغم وجود الكثير من الخلل والتعامل غير المنصف مؤسساتيا.
اصبح الاقليم ملجأ لالاف النازحين من الصابئة المندائين من وسط وجنوب العراق ووطنا للاستقرار لعشرات العوائل من البهائية، كما ان مكانة الكاكائية وأن اختلفت او تراوحت في موقعها احيانا وا حيانا اخرى تعززت شأنها شأن الايزيديين والمسيحيين والشبك كون تواجد غالبيتهم في مناطق خارج الاقليم في المناطق الكوردستانية، فأن الرؤية الصحيحة لمكانة الكاكائية هي اقليم كوردستان وهي السبيل التي من ذلك الموقع يتم لهم الحفاظ على موروثهم الثقافي والديني وهويتهم القومية – الدينية ، ويمكن شمول الامر نفسه تجاه الكورد الفيلية ، والذين يمتلكون خاصية الامتداد الجغرافي الى عمق العراق والعاصمة بغداد خاصة.
ولايختلف اثنان ان الرؤية التي لدى اقليم كوردستان في مؤسساته المختلفة تجاه الاقليات هي رؤية مرنة ومدنية قلما تتجه نحو رفض الاخر المختلف، وان وجدت حالات هنا وهناك من الاهمال او التهميش، ولكنه ليس مستندا الى التشريعات بل اجتهادات شخصية وممارسات فردية، فانها مسألة طبيعية بسبب التراكمات والتاثير الناتج من التربية الدينية غير السليمة او الاعراف الاجتماعية التي تفتقر الى التداخل والتواصل فيما بين المكونات المختلفة بالشكل الصحيح ، والا لما نمت وتطورت الديانة الزرادشتية في الاقليم مؤخرا ولما اصبح مأوى لالاف العوائل العربية التي فضلت السكن والاستقرار و العيش وفتح المشاريع الاقتصادية في اربيل والسليمانية ودهوك على بعد ان نزحت من مناطقها في وسط وجنوب العراق ولما انتشرت الكنائس الانجيلية وهي تقوم بعملها بحرية.

الاقليات في اقليم كوردستان من مجتمعات مشتتة الى رؤى متفرقة :
مع تصاعد وتباين المواقف واقتراب موعد الاستفاء في اقليم كوردستان فان مكانة الاقليات بدأت تظهر الى النقاش والتحليل بتنوع وقوة، وبدأت التصورات والتحليلات المنطقية قليلة والسطحية الكثيرة هي التي تطفو و تنتشر في المواقع الالكترونية ، وبدات حملة منظمة لتوظيف مكانة الاقليات في الاستفتاء كعامل لتقويضها والتدخل فيها او التقليل من شأنها وأهميتها او التوجه لكي يقف الاقليات بالضد من الاستستفاء او على توجهات الاقليم نحو الاستقلال حتى لايشاركون فيها او على اقل تقدير يكونوا محايدين غير داعمين لهذه العملية المصيرية التاريخية التي تنتظر شعب ومكونات كوردستان منذ مئات السنين .
بعيدا عن القراءات السياسية فان هناك تصور واضح بأن الاقليات تعيش حالة من القلق والتشتت وعدم التركيز في رؤاها تجاه مكانتها المستقبلية، وتأتي هذه الرؤية من خلال قراءة مواقفها التي يعلنها بعض قادتهم او مراكز القرار او المراكز الثقافية في الداخل والخارج ولو تم التمعن فيها جيدا فانها غير مجدية وليس لها ذلك التاثير.
لذلك فان قراءة بسيطة لتلك الرؤى والقرارات بعيدا عن شخصنتها يمكن تحديد بعض المجالات التي من الضروري ان تلتفت اليها الاقليات وتأخذ موقفا حازما تجاهها لكي تتعزز مكانتها في اقليم كوردستان في ظل الاستفتاء او بعده :
اولا – لاتزال الكثير من التيارات السياسية للاقليات تتصرف وتعلن مواقفها بخصوص الوضع في الاقليم مثل الذي لديه رجل في داخل المنزل ووجهه الى خارجه .
ثانيا – لاتوجد لدى عدد من الاطراف السياسية او الدينية – للاقليات مواقف صريحة وواضحة حول مسيرة الاقليم منذ 25 عامام رغم انهم شركاء و مساهمين في العملية السياسية – تصوروا انه الى الان الكثير من الفعاليات التي تقام من قبل بعض مؤسسات الاقليات تشير الى مصطلح شمال العراق من قبل بعضها وليس اقليم كوردستان التسمية التي اقرت دستوريا منذ عام 2005.
ثالثا – عدم اقرارها – مراكز القرار للاقليات – بقدرتها على العمل في ساحة الاقليم بحرية ومرونة و قوة كما في بقية اجزاء العراق تجعلها عرضة للتدخل والتوظيف والاستغلال من قبل مراكز قرار سياسية ودولية لأنها مسألة مصالح شخصية نتيجة مواقف وليست مسألة الحفاظ على المصالح العامة للاقليات وايضا الاغلبية.
رابعا – التصورات الخاطئة لمراكز القرار الخاصة بالاقليات في ربط مسألة الاستفتاء بالاخطاء التي حصلت بحقهم من قبل مؤسسات حكومة الاقليم واشخاص استغلوا مواضيع وقضايا الاقليات لمنافع شخصية ، أذ من المهم الاشارة اليه بأن الاستفتاء مسألة مصيرية سيادية لاترتبط ابدا بالاخطاء الحكومية او فشل بعض المسؤولين واستغلالهم لسلطاتهم ومواقعهم الوظيفية لمصالح شخصية .
خامسا – بناء الاقليات لمواقفها المستقبلية بخصوص البقاء ضمن اقليم كوردستان على ضوء تصورات وحالات خاطئة وممارسات شخصية تجاههم وان كانت فعلا مؤسفة ومؤثرة، اي انهم لم يتحركوا للمبادرة في مواجهة تلك الحالات بقوة القانون والاعتدال والحوار والعمل الجدي – حتى وأن حصلت حالات لم يستفادوا منها في تجارب ممثالة لتجاوز تلك الوقائع .
سادسا – عدم بناء المواقف على التصورات والمناخ الايجابي للعيش في الاقليم بوجود رؤية و مساحة كبيرة للتعددية الدينية اولا – اذ هناك ممثليات لجميع الاقليات الدينية في الاقليم وايضا المقررات التشريعية حتى الدستورية التي لم تتضح بعد في الافق، غالبية المؤشرات بخصوصها تشير بأن الدستور سيراعي بقوة هذه المرة مصالح وهوية ومكانة الاقليات .
سابعا – تاثير عامل التجاذبات السياسية تجاه الاقليات في اقليم كوردستان وخارجه وعدم وجود رؤية واضحة لمراكز القرار السياسية في اقليم كوردستان في كيفية التعامل مع الاقليات جعلتها تعيش حالة من التشتت والتباين في اطلاق المواقف والرؤى تجاه مسألة الاستفتاء . تصريحات اعضاء وقادة الحركة الديمقراطية الاشورية – الاحزاب التركمانية – الاطراف الايزيدية – الشبك المتوفرة على شبكة الانترنيت توضح هذه المسألة .
ثامنا – توجه الاقليات الى بناء مواقفها على أسباب الكوارث التي حصلت تجاههم من عمليات الاستهداف والقتل وصولا الى غزوة داعش ضد مناطقهم وعمليات الابادة والسبي للايزيدية والمسيحيين، وعدم توجههم الى بناء مواقف وتصورات جديدة على ضوء نتائج تلك الكوارت وتوظيفها لبناء علاقة صحيحة وسليمة بينها وبين المؤسسات في اقليم كوردستان ومراكز القرار – لابل بقت هي الاخرى مرهونة لتصورات شكلية غير ذي جدوى تتلائم وواقعهم.

لماذا تتخوف الاقليات من مسألة الاستفتاء ؟
من الضروري عند قراءة مواقف الاقليات تجاه القضايا المصيرية التي تخصها ان نتفهم واقع وماضي الاقليات، فالمآسي الكثيرة التي تعرضوا لها، وخاصة تلك الجروح التي لم يستطيعوا التخلص منها أثرت ولازالت تؤثر بشكل مباشر عن بناء رؤية حقيقة لهم تجاه مستقبلهم، او في كيفية التواصل والتشارك مع الاخرين في بناء اساسات المستقبل او تطوير العلاقات وتنميتها بحيث يصبحوا هم ايضا جزء من العملية وليسوا عناصر هامشية تلجأ اليها مراكز القرار كلما كانت هناك حاجة للاقرار بأن الاقليم هو واحة التعايش المشترك بين مختلف المكونات .
لكي نكون واقعيين لابد من القول ان تخوف الاقليات من مسألة الاستفتاء لاترتبط بقضية الاستفتاء عينها بل هي مرتبطة باحداث الماضي من احداث الماضي – مذبحة سميل او مذابح الاشوريين في ثلاثنيات القرن الماضي الى عمليات الاستهداف المباشر في 2007 للايزيدية في شيخان او 2010 في دهوك وزاخو وصولا الى الابادة التي تعرض لها الايزيديين والمسيحيين والشبك والكاكائية من قبل تنظيم داعش في آب اغسطس 2014 وكان هناك تداخل في مسألة تحمل المسؤوليات من قبل مؤسسات حكومة الاقليم حول ما حصل سواءا كان فشل في الحماية او عدم وجود رؤية في كيفية التعامل مع نتائج ما حصلت، لابل ان عدم جدية مؤسسات حكومة الاقليم في اقرار تحمل جزء من مسؤولياتها هو بحد ذاته عامل اخر يعزز تخوف الاقليات من مسألة التفكير بمكانتها في الاقليم لمابعد الاستفتاء والتي تتركز على العوامل التالية :
اولا – تعتبر مسألة تعزز وقوة سلطة الاحزاب الدينية اولى المخاوف التي تراود ابناء الاقليات الدينية، خاصة ان التجاوزات التي ارتكبت من قبل بعض الشخصيات المحسوبة على اطراف سياسية – دينية لم تتخذ حكومة الاقليم مواقف حازمة تجاهها.
ثانيا – تضارب مواقف الاقليات الاثنية والقومية – الشبك – التركمان من تأثر مصالحها وتداخل مواقفها بمواقف جهات تعترض على الاستفتاء وتريد ان يبقى اقليم كوردستان رهينة سياسات بغداد والاطراف السياسية – المذهبية التي هي بالاصل لاتعترف بمكانة الاقليات بالشكل الصحيح لديها… فلو كان الامر صحيحا بأنها تحترم وتدعم الاقليات لما لاتتسائل او تتصرف وتعمل لكي تعيد مكانة المسيحيين والصابئة الى وسط وجنوب العراق كما كان الحال عليه قبل 2003
ثالثا – خوف بعض مراكز القرار الخاصة بالاقليات من أنها ستفقد مراكزها السياسية والاجتماعية والاقتصادية فيما اذا جرى الاستفتاء في مناطق الاقليات، واصبحت مستقبلا جزء من مشروع الاستقلال لأنها تعمل من اجل مصالح ضيقة وليس ذات افق مستقبلي.
رابعا – تراكم تأثير الاخطاء التي ارتكبت بحق الاقليات وعدم تخلصها منها وعدم اتخاذ حكومة ومؤسسات الاقليم تدابير جريئة لكي تعزز موقفها من ضرورة العمل في ان يكون للاقليات صورة واضحة في رسم السياسات و المشاركة في صناعة القرار وهي مسألة ناتجة من عدم وجود رؤية حقيقة لحكومة الاقليم في التعامل مع التعددية والتنوع .
خامسا – تخوف الاقليات من ان تتحول – يتحولوا الى مواطنين من الدرجة الثانية فيما استمرت حكومة ومؤسسات الاقليم بنفس النهج في التعامل مع مطالب الاقليات – بقاء بعض المطالب الاساسية على الرفوف منذ عشرة اعوام شكلت هاجسا حقيقيا لدى الاقليات من أن حكومة الاقليم غير جدية في ان يتعزز مكانة الاقليات لديها – قانون الاحوال الشخصية الايزيدية – تعديل نظام الكوتا – الوعود مناصب سيادية او مدراء عاميين – او اقرار تشريعات مدنية.

ما هي عوامل الجذب لتعزيز مكانة الاقليات في الاستفتاء:
بالتأكيد ان متابعة اوضاع الاقليات وخاصة بعد الكارثة الكبرى التي تعرضوا لها في نينوى وعلى امتداد المناطق المحاذية لاقليم كوردستان من قبل تنظيم داعش في اغسطس 2014 ، ظهرت الى السطح مواقف قوية ومدنية وانسانية لم يكن يتصور الكثيرين انها موجودة في عقلية الشعور الجمعي لدى المواطنين في اقليم كوردستان عند احتضانهم ومساعدتهم ومساندتهم للنازحين الى الاقليم، وعلى ضوئها تغيرت الصورة النمطية السلبية التي كانت معززة لدى العديد من قادة الرأي والسياسية والقادة الدينيين، كما ان وضع خارطة الاستفتاء بالتشارك من قبل قادة الاقليات واشراكهم في تحديد مسار الاستفتاء هو الاخر عامل مهم لابد ان يتم تقديم هذا الامر بالصورة الصحيحة ، لذلك يمكن الوقوف على جملة من عوامل الجذب للاقليات لكي تتعزز مكانتهم في الاستفتاء وايضا لمرحلة ما بعد الاستفتاء:
اولا – اولى عوامل الجذب هي التاكيدات التي اشار اليه رئيس الاقليم السيد مسعود بارزاني من الاستفتاء ومسؤولية انجاحه هي لك مواطني الاقليم ومواقف الاطراف السياسية بضرورة ان يكون للاقليات نفس تلك المكانة لكل مواطني الاقليم بمختلف انتمائاتهم .
ثانيا – وجود ارضية خصبة لتوسيع مكانة الاقليات في الاقليم بعد الاستفتاء اذا ما شملت مناطقهم وتم العمل عليها بأن تكون مباشرة ضمن الدولة الكوردية القادمة وفقا للنسب السكانية التي يشكلونها.
ثالثا – وجود الارضية التشريعية في تقبل التعددية والتنوع – والتمييز بين الاستفتاء كعملية مصيرية وبين السياسات الحالية كممارسات فردية وتفهم مختلف الاطراف لهذا الموضوع بشكل صحيح – والتأكيد على العمل عليها لتجاوزها.
رابعا – تراجع منطق وارضية التطرف الديني في اقليم كوردستان خاصة بعد 2014 يجعل من الاقليات ان يفكروا بأن الاستفتاء مرحلة مصيرية وبمشاركة فاعلة لهم يمكن ان يكونوا عناصر فاعلة لنجاحها وتحقيق وجودهم والمضي بالحفاظ على موروثهم وهويتهم.
خامسا – تأكد امر أستحالة عودة الاقليات للسكن في وسط وجنوب العراق – ومدينة الموصل على المدى القريب، وتوجه الدولة العراقية لمزيد من الراديكالية الدينية وانتشار التطرف وعمليات الاستهداف لابد ان يكون عامل جذب يتم توظيفه بالشكل الصحيح ولابد لقادة الاقليات ان يمتلكوا الجرأة لكي يعلنوا ذلك الامر بصراحة وقوة حتى يفكر اتباعهم بأن وجهتهم المستقبلية هي في البقاء في اقليم كوردستان وعلى ضوءه يبنوا تطلعاتهم.
سادسا – من ابرز عوامل الجذب هي العامل الاقتصادي ايضا للاقليات اذ تتراجع فرص استثماراتهم في وسط وجنوب العراق بينما تزدهر في الاقليم وستتوسع اكثر مستقبلا بالتأكيد مع بناء الدولة الكوردية.
سابعا – وجود قوى فاعلة للمكونات المختلفة في اقليم كوردستان وأمتدادتها خارج الاقليم سواءا بالنسبة للايزيديين – المسيحيين – الكاكائية كديانات او بالنسبة للشبك والتركمان والكورد الفيلية كاثنيات حققت جزءا كبيرا من طموحات الاقليات – مكانتهم في المؤسسات التنفيذية – وزارة الاوقاف والشؤون الدينية وتعزيز مكانتهم في وزارتي التربية والتعليم.

هل لحكومة الاقليم رؤى محددة للاقليات لتجذبها لدعم ومساندة الاستفتاء بشكل اكبر؟
من خلال متابعة دقيقة ومتفحصة يمكن القول انه لاتوجد لدى حكومة الاقليم، ولم توجد لها رؤية محددة في كيفية التعامل مع التعددية بالشكل الصحيح، وان كانت قد اتخذت مواقف وقرارات مهمة لصالح الاقليات بدأ من وجود ممثلي الاقليات الدينية في وزارة الاوقاف ومثلي الاقليات القومية في البرلمان وصولا الى القانون رقم 5 الخاص بحماية حقوق المكونات في اقليم كوردستان لسنة 2015 وضمانة الحقوق الثقافية والدينية والتعليمية.
وتتعزز هذه الحقيقة من خلال تفحص ومتابعة خطب الرئيس مسعود بارزاني الذي شدد واشار و أكد ودعى في اكثر من خطاب من خطاباته الى التأكيد على التعايش السلمي وتنمية التعايش وتعزيز التعايش الديني ومن ان الاقليات لهم نفس الحقوق ولانريد ان يفرض عليهم اي كان اية ارادة او رأي، ألا ان الامر المؤسف ان تلك القرارات لم تتحول الى ممارسات ومبادرات فعلية او عملية في مراكز القرار الوسطية بحيث يتلمسها اتباع الاقليات بمختلف انتمائاتهم، ولذلك لابد ان تتخذ حكومة الاقليم ومؤسساتها مواقف صريحة وفاعلة ومؤثرة كي تبني الثقة مع اتباع الاقليات من أنها ليست مختلفة ولها نفس الحقوق ولابد ان يكون لها مكانة تعتز بها وذلك من خلال ما يلي :
اولا – عدم الاخذ بمواقف بعض الجهات والاطراف – من داخل كل مكون – اقلية – التي لاتود ان يكون لها موقف ايجابي من الاستفتاء او ترفض المشاركة فيه في انه يمثل دور المكون بأكمله لأنه في الحقيقة حتى وسائل الاعلام يحاولوا ان يظهروا وكأن الاقليات ليست مع الاستفتاء، وبعض المسؤولين السياسيين يبنون قناعتهم تجاه الاقليات على تلك المواقف التي لاتمثل ابدا مواقف الاقلية ككل بالنسبة لكل اقلية على حدى، عليهم معرفة بأنهم قلة ولايؤثروا على قرار المشاركة والتصويت بنعم في الاستفتاء لغالبية ابناء الاقليات.
ثانيا – منح الفرصة والدور للاقليات ليساهموا في رسم سياسات ومقررات الاستفتاء بقوة وبتوسيع مشاركة اكثر من شخص – مسؤول قيادي من كل مكون وعدم اقتصار الامر على الممثليين الرسميين الذين لدى الاقليات مواقف سلبية تجاهه البعض منهم .
ثالثا – تأكيدات مباشرة من قبل مؤسسات حكومة الاقليم بوقف الاعتداءات والتجاوزت بخصوص الاقليات – خاصة في مناطقهم خارج الاقليم سيعزز من تشجيعهم على المضي نحو دعم وانجاح الاستفتاء والتأكيدات الملموسة والعملية بوقف الانتهاكات بخصوص الاقليات لأنها ان استمرت ستتوسع وسيوظفها اعدء الاقليم لتحريك الاقليات بالضد من مشروع الاستفتاء والاستقلال .
رابعا – الاقرار بالبعد الاستراتيجي لمكانة الاقليات وفقا للخارطة الجغرافية لهم لأنه الحد الفاصل بين المناطق الكوردستانية والمناطق خارج الاقليم- الدولة الكوردية القادمة أ يجب ان يتم العمل على هذا الامر بشكل مهم ووفق خطط استراتيجية بأعتبار ان الاقليات وفقا لموقعهم الاستراتيجي او مكانتهم هم الاساس لبناء دولة مدنية قوية سواءا وفق نسبتهم السكانية او انتمائاتهم التي تعد الارضية والبيئة المرنة لبناء الدولة المدنية .
خامسا – كما يحق الان للشعب الكوردي أن يقرر مصيره ومكانته واستقلاله بين شعوب المنطقة يجب ان تتعزز لدى الاقليات من انهم سينالون حقوقهم في الادارة الذاتية – اقليم ذات ادارة خاصة – الحفاظ على الهوية التاريخية لمناطقهم لانه بخلاف اقرار هذا الامر فان توسع فقدان الثقة بين مؤسسات الاقليم والاقليات ستبقى قائمة .
سادسا – مبادرات بناء الثقة اذ لابد من الان العمل على بناء الثقة مع مختلف مراكز والاطراف الفاعلة وحتى الصغيرة منها للاقليات وخاصة تلك التي تضررت من السياسات الخاطئة لبعض المسؤولين في الاقليم من خانقين وصولا الى سنجار – شنكال وعدم الخوف من اتخاذ قرارات جريئة بهذا الخصوص خاصة ما يتعلق بمسألة اقرار الابادة التي لحقت بالايزيدية والمسيحيين والشبك والكاكائية ووضع خطط فاعلة لحمايتهم ومشاركتهم في الامن والاستقرار.
سابعا – من الضروري ان تتخذ المؤسسات الخاصة بالاستفتاء في اقليم كوردستان الخطوات العملية للاستفتاء في المناطق الكوردستانية خارج الاقليم بالتنسيق مع قادة وممثلي الاطراف المختلفة للاقليات واشراكهم في العملية من البداية لضمان كسب الثقة.
اخير في نظري ان المكانة الحقيقية للاقليات في اقليم كوردستان وخاصة بالنسبة للايزيدية والمسيحيين والشبك والكاكائية والتركمان وفقا لنسبهم السكانية واذا لم يساهموا من الان – مع الاستفتاء في ارساء السياسات الصحيحة للمستقبل لن يكون لهم صوت وتأثير على رسم سياسات ترتبط ببغداد على المدى البعيد، خاصة مع انتشار التطرف في المناطق التي نزح منها الاف منهم . أي انه لابد للاقليات ان يسعوا هم لانجاح الاستفتاء قبل الاغلبية حتى يرسموا ملامح الدولة المدنية بقوة والا ستكون مكانة من يبقى من بني جلدتهم في الاقليم ضعيفة اذا رفض او لم يبقى من يرفض الاستفتاء في الاقليم وسيتعرضون مجددا الى التهميش، أي بما يؤشر ذلك بوضوح لبعض قادة الاقليات لكي يتنازلوا قليلا عن نرجسيتهم ومصالحهم الشخصية ويساهموا في أنجاح الاستفتاء لكي يحافظوا على هوية اتباعهم ومكانتهم وألا لن يكون لهم هوية ولا وجود حقيقي على المدى القريب في ظل الاوضاع الحالية التي يشهدها العراق والتصورات المستقبلية التي يتجه البلد نحوه وسنقول كان هنا او كانت هذه او تلك منطقة يسكنها – تسكنها العائلة او العشيرة الفلانية من الاقلية الفلانية.
= قدم ملخص من هذه الدراسة في الملتقى الثالث لجامعة صلاح الدين حول الاستفتاء وحق تقرير المصير لكوردستان في اربيل 14 -15 اغسطس 2015 .
*خضر دوملي – باحث ومدرب واستشاري في الاعلام وحل النزاعات وبناء السلام ومختص في شؤون الاقليات – عضو مركز دراسات السلام وحل النزاعات في جامعة دهوك ومدير المركز الاعلامي المستقل في كوردستان IMCK – [email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here