الحكم و الأحزاب المتسلطة ( البعث و الدعوة )
انها اشكال و افكار الأحزاب التي تتبؤ سدة الحكم و تقبض على مقاليده و تتشبث به و تطوقه بأذرع اخطبوطية و بنسيج العناكب تلك التي لا فكاك منها و هناك عدة اساليب و طرق في سلم الصعود الى كرسي الرئاسة و الجلوس على الأرائك الوثيرة و الأستيلاء على الخزائن المتخمة بالأموال منها الأنقلاب العسكري و عادة ما يقوم به ضباط من الجيش حانقين على الأوضاع الرديئة او في حالة غضب من أمر ما و عادة ما يكون التهور و الصبيانية مرافق للأشخاص الذين لا يقدرون عواقب الأمور و لا يستطيعون التحكم بأنفعالاتهم اما الأسلوب الآخر فهو ان تتسلم تلك الأحزاب و رجالاتها مقاليد الحكم عن طريق الصندوق الأنتخابي و ارادة الناس الحرة في اختيار من يمثلهم في البرلمان و من ثم في رئاسة الدولة و وزاراتها و السيئ في هذا الأسلوب ان كانت ارادة الناس مقيدة و غير حرة اما بالجهل و التخلف او بالتمسك بالخرافات الدينية او التقاليد العشائرية و التي عادة ما تكون مستوطنة في تلك المجتمعات البدائية اما اسلوب القفز على السلطة مع جيش الأحتلال و ما يرافق تلك القفزة ( البهلوانية ) من حضور وجوه اشخاص مغمورين و غير ذو اهمية تذكر و ما صار يطلق عليهم ( سياسيي الصدفة ) و الحظ العاثر للبلاد المحتلة .
الأنقلاب العسكري جاء بحزب ( البعث العربي الأشتراكي ) الذي احتل القصر الجمهوري بالقوة المسلحة و اجبر رئيس الجمهورية وقتها على التنحي عن الرئاسة و مغادرة البلاد الى المنفى في الخارج و من ثم بدأ هذا الحزب في تطبيق نظريته و افكاره و كان التركيز على شعار الأمة الواحدة هو الأساس متخليآ عن الحرية و الأشتراكية الا انه ( حزب البعث ) كان منسجمآ مع منطلقاته الفكرية و التي كان يعبر عنها بصراحة لا لبس فيها في انه حزب قومي عربي النزعة و لم ينكر العروبة تلك الصبغة التي استند عليها في انطلاقته الأولى و كانت فكرة القومية العربية الواحدة و التي طالما تباهى و تغنى بها و دونت في ادبيات مفكريه و كتابات مثقفيه ان ترجمت اغلب تلك الشعارات و ليس كلها على ارض الواقع فكان ( العراق ) زمن حكم البعثيين وطنآ للعرب اكثر منه موطنآ للعراقيين حتى كانت القيادة العليا في حزب البعث جلها من العرب و اقلها من العراقيين حتى صار الأمر مصدر ازعاج و غضب مكتوم للمواطنيين و كانت نظرية البعث القومية العربية احد اسباب فشل و هزيمة ( حزب البعث ) في حكم البلاد المتعدد القوميات .
الأحتلال جاء بحزب ( الدعوة الأسلامية ) الى سدة الحكم و اصبح الحزب الحاكم و لسنين عديدة و مازال الا ان قادة هذا الحزب و كوادره عادة ما يتجنبون الحديث عن الجانب الطائفي للحزب و عبثآ حاولوا ابعاد تلك الصفة الطائفية عنه و كأنهم يحاولون نفي تلك التهمة عن حزبهم او انهم يشعرون بالخجل من تلك الصفة التي هي السمة الأساسية لحزب الدعوة بأعتباره حزبآ اسلاميآ شيعيآ و لم يجرأ احد من قيادات هذا الحزب ان يعترف بهذه الحقيقة و صاروا يتحايلون و يتلاعبون بالألفاظ و المفردات اللغوية علها تسعفهم و تزيل عنهم تلك ( التهمة ) و لكن لا جدوى و لا فائدة ترجى .
يبدو ان مبدأ ( التقية ) قد وجد طريقه في اسلوب حكم ( حزب الدعوة ) فهو حزب طائفي بأمتياز و مخصص فقط للمؤمنين بالمذهب الشيعي و لا يمكن لآي شخص من المؤمنين بالمذهب السني الأنتساب اليه و الأنضمام في صفوفه و السبب بسيط و هين و هو الأختلاف في الأيمان و العقيدة و لكن قادة هذا الحزب و كوادره يعلنون و بكل صفاقة و استهانة بعقول الناس و مداركهم انه حزبآ لكل المسلمين ( سنة و شيعة ) و هذا هو النفاق بعينه و كما كان الفشل الذريع الذي لحق بحزب البعث العربي في التوفيق و المساواة بين القوميات العراقية كذلك ستكون الهزيمة النكراء مصير حزب الدعوة الشيعي و الذي لم يتمكن من توفير العدالة و القسطاط بين المذاهب و الطوائف العراقية المتعددة .
لم يكن بمقدور الأحزاب القومية العربية ( حزب البعث ) او الدينية الطائفية ( حزب الدعوة ) ان تستوعب الجميع المختلفين في بلد متنوع القوميات و الأعراق و متعدد الأطياف و الأديان و الطوائف و الذي ما زال شعبه يبحث عن تلك الحركة او ذلك الحزب او ذاك الكيان الذي بمقدوره ان يكون البوتقة التي تستوعب الجميع بأختلافاتهم الفكرية و تنوعاتهم القومية و تعدداتهم الدينية و ان تكون الكفاءة و الأخلاص و الوطنية هي المعايير و المقاييس في اختيار الشخص الملائم الذي سوف يمسك بزمام الأمور بجدارة و امتياز غير آبهين و لا مهتمين بقوميته او دينه او مذهبه .
حيدر الصراف
Read our Privacy Policy by clicking here