حيلة عفا عليها الزمن

مرتضى عبد الحميد
يلجأ المستبدون والفاسدون والطائفيون عادة، الى حيلة قديمة لم يعد يصدقها احد، من اجل بقائهم في السلطة لأطول فترة ممكنة، ولتمرير مشاريعهم المعادية للشعب، او لغالبية ابنائه. وسيناريو هذه الحيلة يبدأ برفع سقف مطالبهم الى أقصى حد ممكن، عارفين طبعا ان عاصفة من المعارضة، وعدم القبول ستندلع فور اعلانهم عنها، وهنا يأتي دور المناورة، بل المؤامرة للظهور على سطح الاحداث، والعبور الى الضفة التي استقر فيها هؤلاء الفاشلون، من خلال تخفيض هذا السقف قليلاً، مع حرصهم على إظهاره، كما لو انه اضطراراً، او استجابة لما قام به المعارضون.
وهذا ما فعله بالضبط مجلس النواب، الموقر، وتحديدا الكتل المتنفذة فيه، فقد رفعت اولا نسبة تعديل نظام “سانت ليغو” في قانون انتخابات مجالس المحافظات الى (1,9) ثم خفضته الى (1,7) بعد المعارضة الشديدة التي جوبهت بها. وهي في كل الاحوال رابحة، وتلبي مصالحها، وبقاءها في السلطة التي تريد البقاء فيها الى يوم يبعثون! ولذلك تحاول الاستمرار في الضحك على الذقون، والتلاعب بمشاعر الناس، والايغال بعيدا في دروب الخداع والغش والدجل.
على ان الاقرار بالحقيقة فضيلة كما يقال، وعلينا الاعتراف بانهم لم يكتفوا بتقليد التاجر المفلس الذي يبحث في دفاتره العتيقة عن شيء، يداري به افلاسه، وانما اردفواهذه الحيلة بحيل اخرى، من قبيل الدعوة الى قوائم عابرة للطائفية، واستبدال اسماء قوائمهم وكتلهم، باسماء براقة مدنية وديمقراطية، والسعي الجاد ايضا لإقامة تحالفات بصيغة (الطيور على اشكالها تقع) لتأمين مستقبلهم الزاهر.
كما ان لغة التشهير والتسقيط السياسي والافتراء، على القوى الوطنية والمدنية والمستقلين، لم تفارق السنتهم واعلامهم، متهمينها زورا وبهتانا بالالحاد والاساءة الى القيم والاخلاق.
ان السبب الحقيقي وراء هذه الهجمة المضادة لمصالح الشعب، واللااخلاقية في الوقت ذاته، هو شعورهم الطاغي بان مواقعهم السياسية، والجماهيرية والطائفية لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها سابقاً. وان جدرانها اخذت بالتصدع، فاسحة المجال لرياح جديدة قادرة فعلا على طرد الهواء الفاسد، الذي يملأ غرف وممرات وشرفات البيت العراقي. وما يسبب لهم صداعاً دائماً، وربما مرض الشقيقة، هو ان الوعي السياسي والاجتماعي لنسبة كبيرة من ابناء الشعب العراقي ارتفع الى مديات غير مسبوقة، وباتت هذه الجمهرة الواسعة مصرة على تغيير اللوحة السياسية التي علاها الصدأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص2
الثلاثاء 22/ 8/ 2017

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here