هل خلع الحكيم لباس الإسلام السياسي؟!

عباس الكتبي
مفردة:(الاسلام السياسي)، تعطي معنى مغاير لها، هو:( الاسلام الغير سياسي)، وبالتالي يكون الدين الإسلامي قسمين أو جزئين.
يكفي في هذا التقسيم، دلالة واضحة على بطلان مفردة الاسلام السياسي، فالدين السلامي واحد، جاء من عند الواحد تبارك وتعالى، وهو نظام شامل متكامل لكافة مجالات الحياة البشرية، بُعث فيه نبينا محمد”صلى الله وآله)، وما من حادثة أو واقعة الاّ وفيها حكم أو رأي شرعي.. ثم ان الاسلام حكم قرون طويلة في بلاد شاسعة الاطراف وصلت الى بلاد الأندلس، وان كانت في الأعم الأغلب هذه الحكومات الاسلامية، ظالمة وجائرة، ولا تخلتف عنها الحكومات العلمانية في الظلم والجور، في حين لم نرَ هذا التقسيم في العلمانية، الى  سياسية وغير سياسية!
الغرض ان هذه”المفردة”، هي من الخبث السياسي لأعداء الاسلام، والاّ السياسة بشكل عام تعني”الادارة”، وتدخل في قسم المعاملات، أكبر قسم في الاحكام الشرعية.
نعم؛ التطبيق الأمثل والأكمل للأنظمة الاسلامية كالإقتصادية، والاجتماعية، والإدارية، والإجتماعية، لا تكون الاّ على يد الإنسان الإصطفائي”المعصوم”، بل حتى نظرية أو مبدأ ولاية الفقيه عاجزة عن تحقيق ذلك، وقد شاهدنا الواقع بأمّ أعيننا ان ولاية الفقيه أضرت بشيعة العراق، أكثر مما نفعتهم، وإلاَ ماذا جنينا منها قبل سقوط الصنم، غير التفتت والتمزق بين صفوف الشيعة وقتل العلماء، وبعد السقوط استنزفت مواردنا البشرية والإقتصادية، عندما دعمت وشكلت الفصائل المسلحة، تحت ذريعة مقاومة الأمريكان، بينما مواطنوها ينعمون بالأمن والسلام، والمواطن العراقي، يعيش تحت طائلة البؤس والحرمان والذبح؟!
خروج السيد الحكيم عن المجلس الاعلى، واعلانه عن تشكيل تيار شبابي وطني، كان قراراً صعباً وجريئاً، وخطوةً بالإتجاه الصحيح، للتخلص من القيودات والتحرر من ضغوطات التبعية، والمفترض من السيد الحكيم الإقدام علي هذا القرار في وقت سابق.
خروج الحكيم، شكل صدمة كبيرة لقيادات المجلس، حتى وصف بعضهم هذا الخروج باللكمة المباغتة، او الضربة القاضية، لما للحكيم من ثقل جماهيري  في الساحة السياسية.
بطبيعة الحال، بعد انشقاق الحكيم من المجلس، معناه الإفلاس الجماهيري للقيادات الباقية في المجلس الأعلى، وهذا الافلاس لا يعوّض إلاّ بأسلوب سياسي لا اخلاقي، هو توجيه شتى الاتهامات للحكيم، وكأن هذه القيادات قد جلست واتفقت على مقولة واحدة هي:(ان الحكيم كان متفرداً في قراراته)، ولست اعلم اذا كان الحكيم لهذه الدرجة دكتاتورياً، فلماذا لم تصوتوا في المجلس على ازاحته، وانتم من جئتم به؟!
من الاتهامات ايضا، ان الحكيم خالف نظام الفقاهة، وعمله السياسي يفتقر للشرعية، طبعاً هذا الحديث — حديث فارغ، وفيه مغالطة يستخدمها المتحدث، يا سيدي! ليس العمل السياسي وحده من يحتاج الى شرعية ، بل في كل حالات الانسان المؤمن، الفردية، والزوجية، والاسرية، والمجتمعية، وباقي المجالات الاخرى، يحتاج فيها الى الحكم الشرعي، وكما قلنا ان الحكم مصاحب وملازم لكل شي في الحياة البشرية، وهذه رسائل الفقهاء قد فصلت فيها كل الاحكام، ثم لو تنزلنا جدلاً ان الحكيم كان مخالفاً للشرعية، اي بمعنى انه كان على معصية، أَفما كان الأجدر بك ايها المتحدث، ان تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وخاصة إنّك من رجال الدين؟! ثم ان العراق نظام ديمقراطي، وفيه دستور وقوانين، والمرجعية الدينية العليا( دام ظلها الوارف)، المعروف عنها تحرم مخالفة قوانين الدولة، اللهم الا كنت تعتقد ان النظام في العراق، نظام اسلامي، تابع لولاية الفقيه!!
من أغرب وأعجب الاتهامات، ان تيار الحكمة الجديد لا يحمل عنوان أو لفظ الاسلام، وهذا يعني الانسلاخ من الاسلام السياسي، والتحول الى تيار مدني.
أقول: ظهور الحكيم عند الإعلان عن الانفصال، بلباسهِ الديني، وخلفه صور:( جده ووالده وعمه)، وقبل ذلك ذهابه للنجف لأستشارة بعض المرجعيات الدينية( أعزهم الله)، في مسألة خروجه عن المجلس، واعلان السيد الحكيم صراحة في كلمته التي ألقاه عندما قال:(كل شي لدينا تفوح منه رائحة الاسلام.. وقال: ان تاريخنا ومسيرتنا وارثنا، هي مسيرة وتاريخ مئة عام)، كل هذه الدلالات تشير الى توجهه الاسلامي، وليس فيها أدنى شك، أما مسألة ان عنوان التيار الجديد، لا يحمل طابع أو مفردة اسلامي، فهذه من جهل القائل، وسخرية القول، فهناك من الاحزاب الاسلامية اليوم في الساحة العراقية والإسلامية عموما، لا تحمل في تسمياتها اسم الاسلام!!

الحكيم لم يتخلى عن هويته الإسلامية، ولكن جعل هويته الوطنية أعلى منها، وهذا ما نحتاجه من كل سياسي عراقي اليوم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here