شعب غارق بين الأوهام والوعود الكاذبة

رضوان العسكري

أغلبية الأحزاب والتيارات السياسية، تدعي الوطنية, والإخلاص والأمانة والشرف , وكرامة العيش, وحفظ الحقوق، وهذا ما تعود عليه الشعب العراقي، ان يسمعه من الساسة الجاثم على صدورهم، فغالبيتهم يقول ولا يفعل, يعد ولا يفي, يتحدث ولا يَصدُق، وهو أول من يسلب ويستبيح تلك الحقوق من ذلك الشعب المسكين، لكن يبقى السؤال الأهم: هل أيقن الشعب العراقي الدرس جيداً؟ أم ما زال غارقاً في الأوهام والوعود الكاذبة؟.

بكل تأكيد لا توجد هناك نظرية تسمى الكل أو الجميع، فنحن ضد لغة العقل الجمعي والتعميم، فهذه النظرية تهدف الى تجهيل العقول، وتحجيم التفكير وإستباحة الأذهان، لعقد اطراف اللسان عن النطق الإيجابي، لتُسَلِط المفاهيم السلبية في أذهان الأغلبية، لتتسلط الأقلية السياسية على مقدرات الشعب، حتى أصبح وأمسى العقل الجمعي يردد ما تَرَسَخ في أذهانه من عبارات طردية، تنسجم مع ما يربوا اليه السياسيين الفاسدين، وأخذ يقول بإيمان مطلق مغلوط أنه “لا يمكننا الخلاص من تلك الأحزاب والحركات والتيارات السياسية”، لليقين الوهمي لعودتهم في الإنتخابات القادمة ليحكموهم من جديد، فإذا كان الأمر كذلك فعلى الجميع ان يبحث عن أفضلهم، فبكل تأكيد هناك سيء وينحدر منه الأسوء, وهناك جيد وويعلوه الأفضل.

مقابل هذا الأمر فإن تلك الأحزاب، أيقنت بأن الشعب أصبح رافضاً لها، أو على الأقل رافضاً لغالبية من فيها، فأخذت تغير بعض الوجوه وتبحث عن حضور شكلي للشباب، بحجة تمكينهم من العمل السياسي، أما غيرهم من القيادات تركت تلك المسميات الكبيرة، بعد ان عجزت عن إقناع قادتها بضرورة التغيير الحقيقي، لما يتطلبه الظرف الراهن، وترك الساحة السياسية للشباب الناهض، الشباب المتطلع للتجديد والمتحمس للعمل والتغيير، وضرورة إشغال الشباب لتلك المساحة الواسعة، التي كان مُسْتَحوَذاً عليها من قبل قادة الأحزاب الهرمة، وشيوخها العجزة الذين يخشون الركون على رفوف السياسية.

وكان أول المبادرين بهذا المشروع هو عمار الحكيم، منذ عدت سنوات، عندما اقدم على تأسيس تجمع الأمل الشبابي بوجوه شبابية جديدة؛ فنفض غبار السنين وخرج بتيار جديد، ركائزه الأساسية مجموعة من أُولئك الشباب، الذين أشرنا لهم سلفاً، بثوابت لا تخرج عن الأطر الدينية، ولم تضع مبدء دولة المواطن خلف ظهرها، فلطالما كان الجميع يسمع منهم عبارة “الدولة المدنية”، قبل أن تكون اليوم شعاراً للغالبية السياسية، كما يؤمن بالوسطية والإعتدال وعدها مبدأً أساسياً متجذراً من المرجعية، فلم يشرق ولم يغرب في تصريحاته، كما رفض الإصطفافات والتخندقات الدينية والقومية والطائفية.

إتخذ الحكيم من الآية القرآنية القائلة (بسم الله الرحمن الرحيم ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ…..) النحل[125]، شعاراً للعمل القادم، مع وضع مجموعة من المبادئ الأساسية، لتياره الجديد (تيار الحكمة الوطني)، نتناولها بإختصار:

المبدئية: وتعمي الإلتزام بثوابت الإسلام وجذوره العميقة، ولم يكن تياراً يمينياً أو يسارياً أو علمانياً، لكنه ينفتح على الجميع.

الوطنية: وتعني العمل في كامل مساحة الوطن التي تحوي جميع المذاهب والديانات والقوميات.

الواقعية: وتعني العمل على ضوء متطلبات اللحظة والساعة، وما تتطلبه الظروف الآنية للإستمرار.

التجديد: ويجب ان نكون مجددين في كل شيء إلا الثوابت والمبادئ والأصول.

الوسطية: وهي الإيمان بالوسطية والإعتدال، والإبتعاد عن المحاور والإصطفاف.

الوحدوية والإنصهار: وتعني تجاوز تعدد التسميات وتقاطع القرارات، والبحث عن القدرة والكفاءة وجعلها ميزان الإختيار.

المؤسساتية: وتعني جعل التيار مؤسسة كبيرة ذات قرارات جريئة، لرسم السياسة المستقبلية ووضع الخطط العملية للمسيرة الصحيحة له.

اللامركزية: وتعني إعطاء الصلاحيات الواسعة للمحافظات، والإبتعاد عن القرار الفردي والمركزي.

الميدانية: وهي نزول المسؤول ميدانياً في كل الأوقات بين المجتمع، لتقديم الخدمة الفعلية لعامة الناس.

الشفافية: وهي من المبادئ الرئيسية التي ترغم المسؤول على كشف ذمته المالية أمام التيار قبل الدخول فيه، لإبعاد المشبوهين والمتهمين بالفساد، اضحت تلك الفقرة عائقاً بوجه بعض التنفيذيين لإلتحاقهم لتيار الحكمة الوطني.

المبادئ الأساسية التي تبناها تيار الحكمة، تطبيقها يعني انتقالة حقيقية، بين الأحزاب والحركات والتيارات السياسية، وهي كفيلة بتغيير خارطة الطريق لقادم الأيام؛ والثبات عليها يعني النجاح المستمر لهذا التيار، ليكون فاعلاً حقيقياً في الإنتقال من واقع العراق المزري، الى واقع صحي ونقي، وهذا التجديد دفع الكثير من تلك الأحزاب بالعمل على غرار ما جاء به الحكيم، في هذا الوضع الراهن الذي يمر به البلد، ودفع الكثير من الشباب بالتسابق للإنخراط فيه، من اجل التجدد والتغيير الحقيقي والواقعي، فالعراق ما بعد 2017 يختلف كثيراً عما قبله.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here