هل مايجري في العراق هو الفساد أم “الثمن” ؟؟

[email protected]
قبل أسابيع تعالت الأصوات في بلاد الرافدين بلاد الحضارات الذي أصبح بلاداً للفساد والنكبات والخيبات. تعالت هذه الصرخات وهي مفجوعة من حجم الفساد، وعلى خلفية هروب وأختفاء محافظين. محافظ البصرة جنوب العراق، ومحافظ الأنبار غرب العراق. الأول هرب إلى ماوراء الشمس، ولايمكن الوصول إليه لطول الطريق وقلة الزادِ، إلى جهة هي خارج الشبهات بكل حال من الأحوال، وأول حرف من أسمها إيران. والثاني أختفى الى جهة مجهولة ربما داخل الخضراء أو خارجه (مثل فص ملح وذاب). الأول ينتمي للمجلس الأعلى الإسلامي ويحمل الجنسية الاسترالية، هذا السياسي عندما قرر الهروب لم يقصد أستراليا الدولة التي يحمل جنسيتها ولجأ إليها أيام الجهاد ومقارعة الظلم والفساد لأنه يعلم أن هذه الدولة الكافرة حسب أدبيات “حزبه الإسلامي” لاتتسامح مع الفاسدين واللصوص وليس لأحد أن يتبجح ويعلن نفسه فوق القانون، فهناك دستور وسيادة للقانون ولايحق لحامل جنسية هذه الدولة وغيرها من الدول الكافرة أن يمارس الفساد والجريمة حتى لو كان في وطنه الأم ويحتمي بها ويفلت من العقاب. بل فضل الذهاب لدولة إسلامية جارة شعارها حب الدين والعدل والمساواة، ونصرة الموالين ولو كانوا ظالمين. أما الثاني فهو من كتلة المتحدون المنضوي تحتها أحد الاحزاب الاسلامية أيضاً، بكل الاحوال هذه الاحزاب والقوائم والكتل لم تجلب لنا إلا العار والفاسدين، لكن أعتقد أن هذا المحافظ لم يحالفه الحظ بالهروب خارج الوطن إلى الجارة العزيزة ولم يسعفه الوقت لتقديم التنازلات والولاء المطلق كما فعل عرابه من قبل من أجل المنصب والمال السُحت، فلهذا صار كالطريدة الشاردة. فنصيحة مجانية للسياسيين، بادروا من الأن للتنسيق مع دول الجوار المحبة للعراق وأهله، قدموا مايمكن تقديمه وعلى حساب الوطن يعني (سويلك بكل خرابة گرابه) كي تتنعمون فيما بعد بما حملتم من غنائم، فلربما يحدث خطأ أو سهو ويتم فتح ملف من ملفات الفساد وأنتم غافلون، أو رتبوا الأمور داخلياً مع بقية الكتل والأحزاب دون الحاجة الى السفر، فالفرصة لازالت قائمة، وساحة الغنائم مفتوحة، والعراق مستباح أمامكم.!

المحافظ درجة وظيفية تعادل درجة وكيل وزير، ولايمكن مقارنته بدرجة البرلماني أو الوزير، والأرقام الجديدة لحجم فسادهم ليست بالملايين ولا بالمليارات بل وصلت الأرقام الان إلى شيء أسمه الترليوووووون، نعم الترليون، حتى أنني أجد الصعوبة في أستعابه!! وهذا الرقم يتداوله الأن الإعلام وبعض البرامج وشبكات التواصل الاجتماعية والتي تتمتع الى هذه اللحظة بشيء من الحرية وبمساحة كافية من نشرالغسيل. طيب، كم حجم الميزانية والمال المتاح للمناصب والدرجات الوظيفية الأعلى من المحافظ، كالرئاسات الثلاثة، الوزراء، البرلمانيين، الكتل والاحزاب الرئيسية. سؤال يحتاج إلى جواب، وليس لدي الجواب.
ولكن ماأعرفه أن لقصص النجاح والإبداع أثر وعبر، في عراق اليوم لقصص الاحتيال والفساد طرق ومهارات، وأخرها ما سمعناه من برلمانية ظهرت على شاشات الفضائيات تتحدث عن برلمانين يسحبون تواقيعهم عن أستجواب لوزير، مقابل أبتزازه بمبالغ مادية تبدأ من 100000 الدولار وتنتهي بي 2000 دولار فقط، طبعاً هذا سعر التوقيع، ويعتمد على حجم البرلماني وحجم كتلته السياسية في البرلمان!!
بالله عليكم هل سمعتم بمثل هكذا مساومات سياسية!! بصراحة لا أتخيل مثل هذه المساومات في غرف الدعارة، فلكم أن تتخيلوا حجم هؤلاء البشر!!

حجم الفساد في الدولة العراقية بلغت مستويات قياسية خطيرة وأرقام مهولة، فمنظمة الشفافية العالمية (Transparency International) ويرمز لها (TI) صنفت العراق من ضمن 10 دول الأكثر فساداً في العالم، ولم لا، فخلال 14 سنة الماضية لم نسمع بمحاسبة أحد من الفاسدين من قبل الدولة أو على الأقل محاولة فتح ملفات فساد حقيقية وأمام الرأي العام، لماذا، لأن حيتان الفساد معرفين فهم لاخوفٌ عليهم ولاهم يحزنون.
الحقيقة التي لاتقبل الجدل أنه لاتوجد حكومة في العالم يجهر أحد من وزرائها أو برلمانيها أو أي جهة سياسية يمثلها بالفساد الا الحكومة العراقية، حيث يعترف أحد المنتسبين لهذه الحكومة ومن على شاشات الفضائيات ونُشر لقائهُ في شبكات التواصل الاجتماعية، بكل وقاحة يعترف ويقول، كلنا لصوص، كلنا حرامية، كلنا مرتشين، ويعترف أيضاً على نفسه بأنه أخذ مليوني دولار رشوة من أحد الفاسدين مقابل غلق ملفات فساد بحقه، ويقول أيضاً الكل يأخذ الرشوة، المعمم، والأفندي، وأبو العقال، فكلنا مرتشون والذي لايأخذ الرشوة هو جبان!! اذاً أصبح ميزان الفخر والمنجزات عند هذه الحكومات المتعاقبة على العراق ليس تقديم الأفضل للمواطن وإنما هو الرشوةُ والفسااااد!!

الثابت أن الحكومات التي فيها فاسد واحد لايمكن لها أن تستمر، فكيف بحكومة مستمرة ومنذ أكثر من عقد وليس فيها ألا الفاسدين؟! وألا لعنة الله على الفاسدين جميعاً.. إذاً الموضوع ليس له إلا تفسير واحد فقط، أنه (الثمن). نعم الثمن الذي يقبضه هؤلاء سلفاً مقابل تنفيذ أجندات خاصة مرسومة لهم وبشكل محكم يدفع الشعب العراقي ثمنه الباهظً، ويتم التغاضي عن فسادهم داخلياً وخارجياً. فماهي هذه الاجندات وماهو حجم هذه المؤامرات التي لايعادلها كل هذه المليارات والترليونات؟! الجواب بأختصار، فقدان الأمن، ظهور داعش ومن قبله القاعدة، تشكيل الميليشيات وعصابات الخطف والقتل، تشجيع على الهجرة من الوطن والشتات في البلاد، عدم توفير الخدمات متعمداً، تدمير البنى التحتية، نسف المنظومة التعليمية، ضياع الشباب وهدر طاقاتهم كي يفقدوا الأمل بالحياة، في النهاية تقسيم العراق إلى أقاليم ودويلات ثم أشعال الفتن بين مكوناته. هذا هو ثمن السكوت على فساد الفاسدين في العراق. فلهذا يافاسدون، أنتم باقون، وقدَرُنا شئنا أم أبينا، إلى أن تكتمل الخطة وينتهي البلد.
ماجد السوره ميري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here