تزييف القيم والمقاييس الاخلاقية والانسانية في حكم العراق

ينطبق علينا قول الشاعر(انما الامم الاخلاق ما بقيت فان ذهبت اخلاقهم ذهبوا ) .لقد بدا تزييف القيم والمقاييس الاخلاقية والانسانية باعلى صوره على يد حزب البعث وحكمه المافيوي الجائر الطائش لعقود مما قلب جميع القيم والموازين والاعراف راسا على عقب واجبر المواطنين وروضهم على تقبل القيم والمقاييس الاخلاقية والانسانية المقلوبة ومجاراتها والا لن يتمكنوا من تمشية امورهم الحياتية بيسر وامان. حيث كانوا يعملون بالعكس وبالضد حتى من شعارهم المركزي (وحدة –حرية –اشتراكية) ولا احد يعترض .واستولوا على جميع مقدرات البلد وثروته .ولم ياسسوا نمط دولة مؤسسات رصينة بحيث جميع الوزارات في خدمة ديوان الرئاسة والفتات للشعب. ومرافق عدى صدام يمكن ان يامر اي وزير.وبددوا ثروة البلد لحماياتهم وملذاتهم ولشراء الذمم وفي حروبهم العبثية التي التهمت خيرة شبابنا واجبروا الشعب على الاحتفال بهزائمهم باعتبارها النصر المبين.ولا مجال لتعداد كل مخازيهم وجرائمهم المبنية على مصلحة الحزب القائد ومن ثم القائد الضرورة فوق كل اعتبار والغاية تبرر الوسيلة مهما كانت دنيئة بحيث يجعلون من الباطل حق ومن الحق باطل .والقوي دائما الحق معه مهما كان على باطل.ولا يلتزمون باي قانون او نظام على طريقة فاز باللذات من كان جسورا. منذ اليوم الاول لاغتصابهم الحكم بفلتة من فلتات الزمن اختاروا اسلوب العصابات والمافيات في ادارة البلد واثبتوا بانهم عصابة وليس حزب سياسي. فخربوا نفوس العراقيين بتربيتهم المنحرفة الفاسدة لمدة خمسة وثلاثون سنة .وقضوا على خيرة النخب والكوادر الثقافية والسياسية والعلمية بالتصفية الجسدية والاعتقال والتهجير او الاذعان لهم وتجريدهم من كل القيم والكرامة.لا يعقل ان يدار البلد بهذه الدرجة من الفساد اللامعقول ومن انحطاط القيم والمقاييس من قبل سياسيين كانوا مناضلين ضد الظلم والطغيان ومضحين في سبيل الديمقراطية وحقوق الانسان والعدل والمساوات لو لم تكن ثقافة وتربية البعث الفاسدة هي الطاغية في المجتمع .وكل الدمار والخراب الذي حل بالعراق هو نتيجة هذه المنضومة المنحرفة من القيم الاخلاقية والانسانية التي يسير عليها المجتمع بحيث المخلص والصادق والنزيه هو نشاز .واساليب الشيطنة والتحايل والتلاعب والتزوير والكذب والخباثة تعتبر من الشطارة التي تادي الى الثروة والجاه والسلطة.
جئت بهذه المقدمة لابين بان ثقافة البعث وتربيته هي التي تحكم العراق لحد الان .وحتى الذين كانوا ضد البعث متاثرين بتربيته الفاسدة المنحرفة الا ما ندر .والا ما معنى ان يحذو سياسيينا حذو البعث وحكمه الاسود بكل ممارساته لحد الان وكانه لم يسقط. كل الممارسات الغير الاخلاقية التي يسير عليها سياسيينا والمجتمع بصورة عامة لم تكن موجودة قبل حكم البعث خاصة بهذه الدرجة من الفضاعة. بعد سقوط نظام البعث كنا نتوقع ان يحترم سياسيينا تضحيات شعبهم ونضالاتهم وتضحياتهم هم و ياسسوا لدولة المواطنة والديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة وسيادة القانون والمساوات تحمل منضومة قيم ومقاييس على الاقل لما قبل حكم البعث . الا انهم وقعوا في فخ الفساد بانواعه وانجرفوا مع الفساد الموجود اصلا في المجتمع .فاختاروا طريق استغلال النفوذ للمصلحة الشخصية والحزبية والمنافسة على نهب قوت الشعب ومصالح المواطنين. والحصول على السلطة والجاه والثراء الفاحش بكل الطرق الغير الاخلاقية .كان امام سياسيينا طريقين للحكم : اما مسايرة و تقليد ارث وتركة حكم البعث و صدام حسين من منضومة القيم والمقاييس الزائفة المقلوبة والاساليب اللا اخلاقية التي اعتاد عليها المجتمع ضمن تربية البعث لعقود منها التزوير والتلاعب والرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ للوصول الى غاياتهم في السلطة والجاه المزيف والثروة الزائلة .اوالرجوع لاصالة المجتمع العراقي والتاسيس لمنضومة اخلاقية وثقافية جديدة لدولة المواطنة والديمراطية الحقة وسيادة القانون والعدالة والمساوات والاخلاص في الواجب والمنافسة السلمية في السياسة .بذلك لن يكون هناك لا ارهاب ولا داعش . فيزدهر البلد وينتعش الجميع .
ولا بد هنا ان اعرج على كردستاننا الحبيبة وخاصة وانها مسقط راسي وناضلت وضحيت لاجل القضية الكردية منذ نعومة اضفاري .كنت اتمنى ان تختار حكومة كردستان الطريق الثاني لتاسيس نموذج ديمقراطي يحتذى في المنطقة منذ تاسيسها قبل ربع قرن من دون فساد ومن دون تسلط حزبي لكانت كردستان بمستوى من الازدهار والتقدم يضاهي الامارات مثلا .ولكان الاستقلال سيحصل بطريقة سلسة وبتاييد الداخل والخارج وقبل هذا الوقت بسنوات باعتبار كردستان حكومة ديمقراطية بمؤسسات نزيهة في خدمة شعبها وتحترم تضحيات شعبها الجسيمة وذي شعبية لا تقل عن 95% امنة مزدهرة وبدون صراع بين احزاب السلطة لانه اصلا صراع على الثروة والمغانم المنبوذ من قبل الشعب الكردستاني وخاصة وان كردستان امنة بسبب عدم وجود حواضن للارهاب بين من هم متعاطفين مع نظام البعث كما حال السنة العرب في بغداد والمحافظات الغربية. فبذلك لن تشبه حكومة المركز باي شيء باعتبار حكومة المركز مبنية على الفساد ورجال المؤسسات رجال اعمال في نفس الوقت يثرون على حساب قوت الشعب يتنافسون على نهب ثروة البلد لا على خدمة الشعب والقوي ياكل الضعيف لا سيادة للقانون ولا دولة مواطنة واستغلال النفوذ للمصلحة الشخصية والحزبية وفيها كل ممارسات حكم البعث الفاسدة وكل القيم والمقاييس الاخلاقية والانسانية مزيفة تحت شعارات وشعائر دينية. بذلك ليس من الحق والانصاف ان تبقى كردستان التي تدار بادارة مختلفة ب180 درجة ان تتحمل وزر فساد المركز اللامعقول .لكان كل دول العالم والراي العام العالمي مع انفصال كردستان وحتى الدول التي لا يعجبها تاسيس دولة كردية لكانت لا تتجرا الاعتراض وحتى بقية الشعب العراقي لكان متعاطفا مع مطلب شعب كردستان. حتى المناطق المتنازع عليها وكركوك لكانت سهلة الحل باعتبار كل الاهالي سيفضلون الانتماء لكردستان بدلا من المركز. وخاصة التركمان لا يعقل تحالفهم مع العرب وليس مع الاكراد في كركوك لانهم عانوا الكثير من التعريب والاعدامات تحت حكم البعث كما الاكراد. والكثير منهم اصلهم اكراد . ارجو ان تتفهم حكومة كردستان بان العلة فيها قبل ان تكون في غيرها وتعالج نفسها قبل فوات الاوان .الشعب الكردستاني باجمعه تواق لدولته الديمقراطية الحقة النابعة من صلبه وفي خدمته .والظلم الذي وقع على الشعب الكردي قبل قرن من الزمان بمعاهدة سايكس بيكو قل نظيره لشعب الان تجاوز تعداده الاربعين مليونا على ارض مشتركة وبمقومات قومية مشتركة مقسم بين اربع دول لا بد ان يقرر مصيره حسب القوانين الدولية ان عاجلا او اجلا وخاصة وانه قدم تضحيات قل نظيرها خلال قرن من الزمان في سبيل قضيته العادلة. كنت اتمنى على حكومة كردستان ان تخدم شعبها من خلال الفدرالية بمؤسسات نزيهة لتوفير الخدمات وبخطط تنمية مدروسة لجميع مناحي الحياة تمتص البطالة وبدون بطالة مقنعة وبطرق علمية وحكومة اليكترونية . وتطوير الزراعة والصناعة والسياحة والتعليم والصحة وغيرها مع المحافظة على البيئة. لا يمكن تطمين الشعب الكردستاني وخاصة الاقليات منهم على حقوقهم ومستقبلهم الا من خلال الديمقراطية الحقة وليس بالوعود والعهود والمواثيق والدستور لان العلة بالتطبيق .وخاصة وان هناك امثلة و نماذج سيئة في التطبيق. وعلى هذا الطريق ستتطور الفدرالية الى الكونفدرالية وثم الاستقلال بسلاسة ويسر ولا داعي لاساليب التحدي والاكراه وشراء الذمم والمقامرة والمجازفة بحق كردستان المشروع في الاستقلال. ويمكن عندها اعلان الاستقلال من دون الاستفتاء من قبل حكومة بشعبية لا تقل عن 95% باعتبار من البديهي ان شعب كردستان باجمعه تواق لدولته الديمقراطية المستقلة المزدهرة في خدمة الشعب تعطي لكل ذي حق حقه لان مصلحة الشعب فوق كل اعتبار بضمنه دستور المركز. ما معنى استفتاء شعب باكثريته متخلف شبه امي مغلوب على امره. الاصرار على الاستفتاء والاستقلال من قبل حكومة كردستان الحالية بالاضافة الى انه يكره حتى العرب المحبين للاكراد والمتعاطفين مع الاكراد بالاكراد قد يادي الى ما لا يحمد عقباه او على الاقل الى حصار اقتصادي خانق للاقليم الذي لم تتحوط له حكومة الاقليم. والرهان على تبدل مواقف الدول بعد الاستفتاء واعلان الاستقلال رهان خاسر لان مصلحة الدول مع عراق المركز اكبر منها في الاقليم وحتى اسرائيل لا يهمها نجاح دولة كردستان بقدر ما يهمها خلق بؤرة توتر دائمة في المنطقة ولا تريد حتى لامريكا ان تنجح في المنطقة. اتمنى على حكومة كردستان ان لا تهرب الى الامام من ازماتها بل تبدا باسرع وقت بترميم البيت الداخلي بخلق رفيع تتخلى عن امتيازاتها وثروتها لخدمة شعبها وتنزل لمستوى شعبها بالعيش المتواضع وتنبذ الفخامة وتتمثل بالبرزاني الخالد وتحارب الفساد وتطور نموذج ديمقراطي يحتذى في المنطقة بذلك ستذوب الخلافات والصراعات بين احزاب السلطة خاصة .وتقرير المصير مكفول ضمن القوانين والاعراف الدولية للشعوب وليس للحكومات ولا بد منه عندما يكون من اولويات الشعب لان الاولوية الان لخدمة الشعب من خلال الفدرالية ان كنتم صادقين.
سولاقا بولص يوسف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here