قيادات داعش اتّخذت قرار الانسحاب من تلعفر إلى العياضيّة

بغداد / وائل نعمة

عشيّة انطلاق عمليات تحرير مركز تلعفر، كانت قيادات داعش في المدينة قد اتخذت قراراً بالانسحاب الى بلدة تقع الى شمال القضاء.
في ذلك الوقت كانت تركيا المعترضة بشدة على مشاركة الحشد الشعبي في عملية التحرير، قد تراجعت بشكل غير ملموس عن اعتراضها.

وزار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بغداد بعد 3 أيام من بدء الهجوم على تلعفر، ولم يتطرق الى فيتو بلاده على القوات المشاركة في عملية تلعفر.
ودخل نحو 12 لواءً تابعاً للحشد الى مناطق قريبة من مركز المدينة، في وقت كان فيه أوغلو يجتمع مع رئيس الوزراء حيدر العبادي في بغداد. وفي صبيحة الهجوم، ظل بعض المسلحين يقاتلون في مركز القضاء رغم قرار الانسحاب، نظراً لارتباكهم الذي أدى الى وقوع انشقاقات داخلية.
ورحّل داعش المواجهة مع القوات المشتركة من تلعفر إلى ناحية العياضية، حيث استخدم الأنفاق للانتقال إلى تلك البلدة.
ولايعرف بالتحديد عدد المسلحين الذين وصلوا الى العياضية، لكن هناك من يعتقد أن أعدادهم ليست بالكثيرة، بعد أن سلم بعض العناصر أنفسهم الى قوات البيشمركة التي تتمركز في المحور الشمالي للقضاء.

تركيا والحشد
وتتضارب التكهنات حول جحم المعركة المتوقعة في ناحية العياضية، التي نزح كل سكانها تقريبا قبل أشهر من انطلاق عمليات تلعفر. ويعتقد البعض أن داعش سيقاتل بشراسة، بينما ذكر مطلعون على سير المعارك، أن المسلحين وجدوا طريقهم للهروب الى سوريا أو تركيا.
ويعزو بعض المسؤولين في الموصل (الصمت التركي) على مشاركة الحشد إلى أنها أجرت عمليات إخلاء لبعض القيادات في تلعفر قبل فترة من انطلاق العمليات. وكان الانهيار السريع لافتاً في صفوف تنظيم داعش، خلافا للتوقعات الغربية التي تحدثت عن معركة شرسة وطويلة.
وأعلن قائد العمليات العسكرية الفريق الركن عبد الامير يارالله، الاحد الفائت، تحرير جميع أحياء مركز القضاء بعد أسبوع من انطلاق المعركة. ويقول مصدر مقرب من مسرح العمليات “لم تجر معارك حقيقية في تلعفر، فأغلب المسلحين قد انسحبوا قبل ساعات من الهجوم”. واعتبرت حملة استعادة تلعفر من (أنظف المعارك)، إذ لم يسجل وقوع خسائر واضحة في صفوف القوات المشتركة أوالمدنيين. ويؤكد المصدر، الذي تحدث لـ(المدى) عبر الهاتف أمس وطلب عدم الكشف عن هويته، أن “قيادات داعش اجتمعت في ليلة الهجوم وقررت الانسحاب الى العياضية وترك الخيار للمسلحين بالقتال أو المغادرة”. وعبر عناصر التنظيم في تلك اليلة بواسطة الأنفاق، التي تم شقها خلال سنوات السيطرة على القضاء. ويضيف المصدر القريب من مسرح العمليات “في بداية الهجوم كان هناك بعض الملسحين، الذين ربما لم يسمعوا بقرارات الاجتماع او بسبب الانشقاقات بداخل التنظيم”.
وبعد أيام من تحرير ساحل الموصل الأيمن، تسربت معلومات عن وجود خلافات بين المسلحين الاجانب والعراقيين بسبب تحميل الفريق الاخير مسؤولية خسارة الموصل.
ويقلل المصدر المطلع من حجم المسلحين في المدينة، ويقول “ربما كان هناك ألف مقاتل فقط، وليس 2000 كما ظن الكثيرون، أما الذين واجهوا القوات العراقية فكانوا بضع عشرات فقط”.
وقدر عبد العال العبيدي، قائممقام تلعفر في تصريح لـ(المدى) يوم الاحد، عدد عناصر داعش الذين قتلوا في المدينة بنحو 300 مسلح.
وأقر العبيدي بصعوبة معرفة العدد الحقيقي لمسلحي داعش في المدينة، لوجود مناطق حمراء تابعة للأجانب لايمكن دخولها من قبل المدني الاعتيادي أو المسلح المحلي. وفسر بعض المسؤولين في الموصل، الانهيار السريع لداعش الى فشل قيادات التنظيم بالدخول الى تلعفر، التي كانت محاصرة منذ 6 أشهر، وقلة المدنيين. كذلك لم يغفل المسؤولون التطور في أداء القوات العراقية والخبرة بعد ان خاضوا عدة معارك مشابهة في الموصل وصلاح الدين والانبار.

إخلاء دولي
لكن داود جندي، عضو لجنة الامن في مجلس محافظة نينوى، يتحدث عن تفسير آخر لاختفاء عناصر داعش من داخل المدينة التركمانية.
ويقول جندي، في حديث لـ(المدى) أمس، إن “أنقرة سحبت بعض قيادات داعش من تلعفر الى تركيا، باتفاق مع اطراف دولية أخرى”.
ويشير المسؤول الامني في نينوى الى “لقاء مغلق” كان قد عقد بين رئيس الأركان الإيراني ورئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، قبل أسبوع من انطلاق معركة تلعفر.
ويستغرب جندي سكوت تركيا على مشاركة الحشد الشعبي في المعركة، ويتساءل “كيف وافقت أنقرة على مشاركة الحشد، وكانت تهدد بالتدخل العسكري إذا اقتربت الفصائل من المدينة؟”.
وكانت عملية استعادة تلعفر قد واجهت، خلال الاشهر الماضية، تحدياً معقداً يتمثل بطبيعة القوات التي ستشارك في اقتحام المدينة، على ضوء الفيتو التركي الذي يمنع مشاركة الحشد الشعبي في العملية.
ويعتقد عضو لجنة الامن في مجلس نينوى ان “هناك صفقة عقدت مع تركيا لإخلاء الأجانب من تلعفر قبل دخول المدينة، التي كانت تقريبا خالية من المسلحين”.
لكن النائب التركماني حسن توران ينفي وجود مثل هكذا صفقة لتحرير المدينة من دون قتال.

الهروب إلى العياضية
ويقول توران، في تصريح لـ(المدى) امس، ان “داعش كان منهارا، وقرر ترك المدينة الى ناحية العياضية”.
وأعلنت القيادة المشتركة، يوم الأحد، ان قطعاتها حررت بعض القرى ووصلت الى مشارف العياضية.
وأغلب الظن ان سكان الناحية، التي تقع الى شمال تلعفر، فد فروا إلى إقليم كردستان ومناطق اخرى، قبل عدة اشهر من بدء المعركة.
ويتوقع النائب التركماني “معركة شرسة في العياضية، بعد ان نقل داعش الحرب الى هناك”.
لكن المصدر القريب من العمليات يقول إن “القيادات فرّت ايضاً من العياضية، فهي تعرف طرقاً وعرة للهروب الى سوريا بعيدا عن مناطق سيطرة البيشمركة والحشد”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here