شعنوان الكتاب: الإعجاز العلمي في القرآن

شعنوان الكتاب: الإعجاز العلمي في القرآن
تأليف: دكتور زكريا هميمي| أستاذ الجيولوجيا التركيبية وأمين شعبة بحوث العلوم الجيولوجية وعضو مجلس العلوم الأساسية بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر
القاهرة: مكتبة مدبولي
الطبعة الأولى| 2002
كان الإعجاز القرآني عموما والإعجاز العلمي عل نحو الخصوص ولا زالا محط اهتمام الكثير من العلماء والمتخصصين. وقد فرضت قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم نفسها مؤخرا بعد أن تناولتها برامج إذاعية وتلفزيونية متخصصة.
وبدءا يجب أن نعرف أن إعجاز القرآن الكريم متعدد الوجوه كما أنه متجدد. فالقرآن معجز في بيانه وفي نظمه وفي قصصه وفي تشريعه وفي أخباره عن الكون والخلق وفي تكرار ألفاظه وفي جرسه وموسيقاه وفي كل جوانبه.
والمعجزة على الصعيد اللغوي مثلا لا بد أن تتحدى البشر فيما فيه هم نابغون، وهذا ما كان من تحدي القرآن للعرب في بيانهم الذي نبغوا فيه. أما على صعيد العلم، فلم يشر القرآن في الآيات الكونية التي وردت بنحو 750 آية في القرآن (إلى قضية بعينها، إلا وأثبت العلم صحتها). والأمثلة على ذلك كثيرة: تطور الجنين ووجود الأعصاب تحت الجلد مباشرة ورؤية العين بانعكاس الضوء والفرق بين الضياء والنور والحديد وبأسه الشديد وإنزاله من السماء إلى الأرض إنزالا. هذا ناهيك عن قضية الخلق ودورة حياة النجوم والكواكب وانتثارها والبحار والمحيطات وتسجيرها بالنيران والسماء ورجعها والأرض ودحيها ونقصها من أطرافها ومصدر مياهها وتصدعها والجبال ونصبها والحيوانات وخلقها والنفع والضر في الخمر والميسر والرياح وتصريفها.
ولتناول الإعجاز العلمي في القرآن أسباب منها: إظهار آيات الله في الكون واثبات كون القرآن محفوظا بأمر إلهي وإثبات صدق نبوة الرسول(ص) وتأكيد عالمية الرسالة المحمدية وكون الإعجاز العلمي يدركه الراسخون في العلم ودحض الادعاء بأن القرآن كتاب هداية فحسب وإثبات كونه معجزة خالدة ومتجددة لكل البشرية والرد على شبهات المستشرقين والملحدين والماديين وغيرهم.
كما بدأنا أول خلق نعيده
ظهر الإنسان حسب قول علماء الأجناس قبل بضعة ملايين من السنين في شرق أفريقيا. وحتى منتصف القرن السادس عشر كان يُظن أن الأرض هي مركز الكون. ثم نادى كوبرنيكوس بفكرة مركزية الشمس للكون وليس الأرض، مما أثار حفيظة رجال الكنيسة آنذاك. ثم جاء غاليلو وأكد على مركزية الشمس مما أدى بأمراء اللاهوت إلى اعتقاله، ثم تراجع مرغما عن آرائه تلك. بعده جاء اسحق نيوتن وأكد دوران الكواكب ومن ضمنها الأرض حول الشمس. وتوالى بعدهم العلماء مثل برادلي الذي أكد على دوران الأرض حول الشمس. وجاء عصر العلم الحديث وبدأ الطيران الناجح بين الكواكب عام 1962. وقد قدر العلماء عمر الكون بنحو 15 بليون سنة، وأن عمر صخور الأرض لا يتجاوز أربعة ملايين ونصف البليون سنة. كما أن كوكب الأرض سوف يختفي من الوجود بعد خمسة بلايين سنة بعد أن(يصبح كرقاقة من حبة بطاطس مقلية!! بل سوف تبتلعه الشمس). وتؤكد الدراسات الفلكية أن نظامنا الشمسي منتم إلى مجرة درب التبانة أو الطريق اللبني التي تشتمل على مائة ألف مليون نجم…وأن ما أدركناه من الكون يشتمل على نفس العدد من المجرات تقريبا(وهذا يعني أن عدد الشموس في الكون المدرَك يصل إلى الرقم عشرة وأمامه واحد وعشرون صفرا).
وثمة ثلاث نظريات لتفسير نشأة الكون: النظرية المبنية على أساس تركيز مكونات الكون ونظرية الأنموذج القياسي أو الانفجار العظيم ونظرية الكون المتذبذب أو النابض.
وبعد تناول الموضوع بالتفصيل وربطه بالآيات القرآنية الكريمة ومناقشة موضوع الخلق في الكتب المقدسة الأخرى، يتناول المؤلف بالتفصيل أيضا دراسة بعض الآيات الكريمة ومناقشتها علميا بالاعتماد على آراء العلماء. من هذه الآيات: (وقد خلقكم أطوارا) في سورة نوح المباركة، والبشر والإنسان كما وردت في الآيات المباركة، (والأرض بعد ذلك دحاها) من سورة النازعات، و(ألم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها)من سورة الرعد، (والبحر المسجور) من سورة الطور، و(الذي جعل لكم الأرض فراشا) من سورة البقرة، (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) من سورة الحديد، (وأخرجت الأرض أثقالها) من سورة الزلزلة، و(فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس) من سورة التكوير، (والسماء ذات الرجع) من سورة الطارق، (وما بث فيهما من دابة) من سورة الشورى، (وجعل بينهما برزخا) من سورة الفرقان، والفرق بين الريح والرياح، و(نخرج منه حبا متراكبا) من سورة الأنعام، و(كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) من سورة النساء، ثم يقدم المؤلف ردا أملته الضرورة على كتاب” قصة الخلق من العرش إلى الفرش” لمؤلفه عيد ورداني متناولا أمثلة من ذلك الكتاب المشبوه.
وفي تناوله للآية الكريمة(والسماء ذات الرجع)(الآية 11 من سورة الطارق)، يقول المؤلف أن تلك الآية فُسرت على أنها قَسَم من الله تعالى بالسماء التي تنزل المطر على نحو متكرر وفي فترات زمنية متفاوتة. كما قال البعض في تفسيرها أنك لو رميت شيئا إلى السماء لعاد إليك. بيد أن الآية الكريمة التي تحتوي على ثلاث كلمات فحسب،تحتوي على كثير من الحقائق العلمية التي لم يُتوصل إليها إلا منذ عقود قليلة، كما يقول الدكتور مسلم شلتوت الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية. فطبقة التروبوسفير وهي الطبقة الأولى من الغلاف الجوي يصعد بداخلها بخار الماء من المحيطات والبحار ويُكونُ السحب السميكة التي تدفعها الرياح من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض. فتقوم هذه السحب بعكس(ترجيع) 80 إلى 90 بالمائة من أشعة الشمس إلى الفضاء الخارجي ثانية، إضافة إلى امتصاص جزء من تلك الأشعة وتشتيته. ولولا ذك الانعكاس لارتفعت درجة الحرارة على سطح الأرض والتروبوسفير بما لا يسمح معه باستمرار الحياة.
وعندما اُكتشفت أشعة الراديو والبث الإذاعي والاتصالات اللاسلكية في بداية القرن العشرين، تبين أن هذه الأشعة تنعكس على طبقة الأيونوسفير على ارتفاع يتراوح بين 90 إلى 120 كيلومترا. وذلك لأن هذه الطبقة تحتوي على أيونات موجبة وإليكترونات حرة سالبة. ويحدث تأين سببه أشعة أكس الصادرة من الشمس في عملية من نعم الله الكبرى تدعى التأين الفوتوني photoionization ، إذ لولاها لهلكت كل المخلوقات الأرضية بسبب أشعة أكس.
ولطبقة الأيونوسفير (ترجيع) آخر وهو ترجيع أشعة الراديو والاتصال اللاسلكي للمسافات الطويلة. ويذكر أنه عندما تحدث انفجارات شمسية يحدث اضطراب في طبقة الأيونوسفير مما يؤثر على البث الإذاعي والاتصالات اللاسلكية.
وخلال القرن العشرين أكتُشفت طبقة الماجنتوسفير ذات الخطوط المغناطيسية الممتدة من القطب المغناطيسي الشمالي وحتى القطب الجنوبي. وتسمى أيضا (أحزمة فان ألن) وهو اسم العالم الذي اكتشفها. وتكمن أهميتها في أنه بعد حدوث الانفجارات الشمسية بأيام تأتي سحابة أشعة مهلكة من الشمس مكونة من دقائق مشحونة كالبروتونات والالكترونات وذرات الهليوم والليثيوم المؤينة إضافة إلى النيوترونات. فلا تسمح طبقة الماجنتوسفير لها بالمرور إلى الأرض وتقوم بترجيعها إلى الفضاء. لكن القليل منها يتسرب محدثا ظاهرة الأيرورا أو الفجر القطبي. وعندما تصطدم السحابة المهلكة بطبقة الماجنتوسفير، تحدث العواصف المغناطيسية الأرضية التي تؤثر على خطوط الضغط العالي للكهرباء في المناطق القطبية وعلى توجيه الصواريخ العابرة للقارات أو المنطلقة إلى الفضاء الخارجي.
وثمة إعجاز آخر في هذه الآية. فطبقة الستراتوسفير تَحول دون مرور أشعة”C” فوق البنفسجية لتفتك بالأحياء الأرضية. لكنها تسمح بمرور النوعين”A” و”B” من الأشعة اللازمين لقتل الفطريات وتكوين فيتامين”D” الذي يساعد في بناء العظام. ومن هنا استحقت (السماء ذات الرجع)أن يُقسم بها الخالق المبدع.
قراءة
أ د حميد حسون بجية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here