حملة الكراهية ضد الفلسطينيين تتجدّد في العراق

ارتفعت من جديد وتيرة حملة الكراهية ضد الفلسطينيين، من نتائجها إنشاء صفحة في “التواصل الاجتماعي” تدعو الى التقارب مع إسرائيل.

عدنان أبوزيد

أعرب فلسطينيون مقيمون في العراق عن خشيتهم من وجود أعمال انتقامية ضدهم من قبل عراقيين، بسبب الأنباء التي تتحدث عن

انضمام أعداد كبيرة من الفلسطينيين في خارج العراق الى تنظيم داعش، وقيامهم بأعمال انتحارية في داخل العراق، فيما ظهر في بعض مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، عدد كبير من العراقيين يهاجمون الفلسطينيين ويبدون تأييدهم لإسرائيل، الامر الذي دفعهم

الى المطالبة في 02 آب/أغسطس 2017 السفير الفلسطيني في بغداد، بالتدخل لوقف حملة التحريض ضدهم.

وفي صفحة “قف معنا بالعربية” بموقع التواصل “فيسبوك”، ظهرت فتاة عراقية في 29 تموز/يوليو، 2017 بمقطع فيديو تهاجم فيه الفلسطينيين، وتدافع عن إسرائيل.

و التحشيد ضد الفلسطينيين، ليس بجديد، فقد اتُّهموا منذ 2003 وهو عام رحيل صدام حسين، اثر اجتياحي أمريكي للبلاد، بانهم كانوا من اشد الداعمين له، وانهم كانوا ينالون الحظوة والامتيازات عنده، لتتعزّز الاتهامات، اليوم، مع الانباء التي تتحدث عن تفجيرات انتحارية قام بها فلسطينيون في العراق.

واقع الحال، ان تنظيم داعش الذي استقطب جنسيات عالمية مختلفة استقطب فلسطينيين أيضا، ففي 01 آذار/مارس 2017، كشف تقرير جديد صادر عن “المركز الدولي لمحاربة الإرهاب” في لاهاي، أن أفرادا من داعش من جنسيات مختلفة، قاموا بعمليات انتحارية منهم تسعة انتحاريين من الأراضي الفلسطينية.

وقبل ذلك، كشفت أنباء في مايو 2015، عن أن العشرات من المواطنين العرب في إسرائيل، يؤيدون تنظيم داعش، وانضموا إلى صفوف التنظيم، ومنهم من قُتل في المعارك الدائرة في سوريا والعراق.

وما زاد من الامتعاض ضدهم، والسعي الى تهجيرهم، منذ وقت ليس بالقصير، ان قائد الفرقة الخاصة اللواء فاضل برواري، كشف في العام 2013 عن أكثر من أربعة آلاف انتحاري من الجنسيات العربية فجروا أنفسهم في العراق، منهم (1201) فلسطيني واردني.

هذا التاريخ من الاتهامات، ينعش جبهة العداء للفلسطينيين في العراق، ويلصق صفة الإرهاب بهم، ففي 29 تموز/يوليو 2017 كتب المدرس العراقي عباس موسى الكناني في مقال له نشرته وسائل اعلام عن ان “الفلسطينيين الإرهابيين في العراق شوهوا الإسلام وقضيتهم الفلسطينية بعد ان فجروا أنفسهم في الأسواق بين الأبرياء”.

يقول الكناني في اتصال المونيتور معه، عبر التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن “ما حدث بعد 2003 بعد سقوط نظام صدام، إن بعض الفلسطينيين اعتنق المذهب العقائدي التكفيري وفجّر نفسه بين العراقيين”.

وتصدى الكاتب والإعلامي العراقي، عبد الرحمن الماجدي للحملة ضد الفلسطينيين، ليكتب في 31 تموز/ يوليو 2017 عن ان “أغراضا مريبة وراء الحملة العراقية ضد الفلسطينيين، تعزّزت بصفحة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أسس لها عراقيون يتعطفون منع إسرائيل نكاية بالفلسطينيين”.

وفي اتصال المونيتور معه، قال الماجدي “الامر ينطوي على مبالغة، فقد انطلق الداعون لدعم إسرائيل بدوافع غير دقيقة مثل هذه الصفحة على الفيسبوك الموسومة (العراق مع اسرائيل)”، معتبرا ان “الكثير من المثقفين العراقيين ينقادون الى ردود أفعال دون تدقيق وهو ما حصل خلال أزمة اغلاق المسجد الاقصى الذي اظهر تأييد عراقيين لإسرائيل”.

ويرى الكاتب احمد الملاح في مقال له، ان “إسرائيل حاولت استقطاب الأقليات العرقية العراقية التي تعرضت لإرهاب داعش، واستغلال معاناتهم في تسويق رسالتها بان اليهود يتعرضون للإرهاب”.

النائب في البرلمان العراقي، محمد الخالدي، يؤكد للمونيتور على ان “هناك اعتداءات حقيقية للفلسطينيين في العراق، لغرض ترحيلهم، وأبرز أسباب ذلك، البعد الطائفي، إذ يُنظر اليهم من قبل بعض الشيعة على انهم سنّة يؤيدون التطرف”.

ويستطرد الخالدي: “الذي يقف وراء ذلك، هو السعي الى ترحيلهم للاستيلاء على عقاراتهم وأملاكهم من قبل جماعات مسلحة”، مشيرا الى ان “التهديدات سرية ويصعب متابعتها جميعا من قبل الجهات الأمنية”.

ويرى الخالدي ان “الحملة ضد الفلسطينيين بدأت منذ العام 2003 حيت تم ترحيل المئات منهم والاستيلاء على أملاكهم بحجة دعمهم لنظام صدام حسين”.

تأكيد النائب الخالدي، ينسجم مع حديث محمد الزيتاوي، الفلسطيني المقيم في العراق منذ 28 عاما، للمونيتور، بان “كل الفلسطينيين لم يحصلوا على الجنسية رغم إقامتهم الطويلة، كما لا تمنح له تصاريح عمل رسمية”، مؤكدا: “اكثر من مواطن عراقي نعتني شخصيا باني من انصار نظام صدام وداعش”.

ويضيف الزيتاوي :”طالبنا السفارة الفلسطينية في بغداد بالعمل على تحسين أوضاعنا لكن من دون نتائج”.

المونيتور اتصلت بالسفارة الفلسطينية عبر التلفون وعبر صفحتها في “فيسبوك”، فكان الجواب “لا نعطي تصريحا حول الموضوع”.

الى ذلك فان الخبير في شؤون حقوق الانسان، جواد الشمري قال للمونيتور بان “هناك اضطهاد من قبل جماعات عراقية

للفلسطينيين بصورة خاصة، بسبب الكراهية ضدهم بانهم جزء من أجندة عربية معادية للعراق، لأسباب طائفية”.

ويرى الشمري ان الحل يكمن في “ضرورة الوعي بحقوق الانسان في العراق، ونشر ثقافة التسامح، وبناء المواقف على الحقائق”.

غير ان المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، اكد في اتصال المونيتور معه على ان “الوزارة تلاحق أي محاولة اعتداء على أي فرد في العراق، وتعامل الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم في العراق نحو 13 ألف نسمة، وفق القوانين بنفس معاملة ابن البلد الأصلي”.

وأرجع معن عدم منح الجنسية العراقية للفلسطينيين الى “قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006، الذي يفيد بعدم منح الجنسية العراقية للفلسطينيين ضمانا لحق عودتهم إلى وطنهم”.

إنّ تعميم الاتهامات على جالية فلسطينية بكاملها في العراق بانها موالية لنظام صدام حسين او مناصرة لداعش، هو سلوك انتقامي

سيؤدي الى المزيد من الفوضى الأمنية، فضلا عن انه يعكس صورة سلبية عن حقوق الانسان في العراق، ويتطلب معالجة ذلك، إيصال الحقائق الى الناس عبر الاعلام وعدم استسهال نشر المزاعم والإحصائيات غير الدقيقة، لان ذلك يتسبب في المزيد من اعمال الانتقام المتبادلة، ويجعل من الفلسطينيين ضحية لتعميمات لا تنطبق بالضرورة على الأغلبية الساحقة منهم.

http://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/originals/2017/08/palestinians-iraq-israel-islamic-state.html

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here