مجلة أميركية: داعش يلجأ إلى طريقة خفية للتمويل بعد انهيار معاقله

ذكرت وسائل إعلام أميركية أن تنظيم داعش قد يستغني عن بعض مصادر تمويله كبيع الآثار وتهريب النفط والضرائب، وسيكون التمويل البديل عبارة عن عملة افتراضية غامضة غير موجودة في الواقع.

ونشرت مجلة “نيوزويك” الأميركية تقريرا عن قيام بعض التنظيمات الأرهابية ومنها تنظيم داعش، باستخدام عملة “بيتكوين” وغيرها من العملات المشفرة -أي الأموال الافتراضية- كمصدرٍ للتمويل، حيث أشارت إلى أنه في شهر كانون الثاني 2017، مول مسلحون إسلاميون في إندونيسيا أنشطةً إرهابية باستخدام أموالٍ تلقوها عبر تلك العملة التي تعد حاليا أكثر العملات المُشفّرة رواجاً.

وأوضحت المجلة أن “بيتكوين” تعد أغلى عملة في العالم، إذ يبلغ يبلغ سعرها نحو 4549 دولاراً وهو يتغير بسرعة كبيرة، وقد زادت شعبية هذه العملات المُشفَّرة بسبب قدرتها على حجب هوية المُرسِل والمُستقبِل للأموال، مبينة أن مهمة تعقّب هوية الشخص الذي أرسل المال والشخص الذي استقبله والغرض الذي سيُستخدَم هذا المال من أجله، تعد أمراً صعباً للغاية.

وبحسب “نيوزويك” فأنه “من الأمور المثيرة للسخرية، أن هناك دفتر حسابات معلناً تماماً للجميع ويسمى بلوك تشان -Blockchain و يُسجِّل كل تعاملات عملة البيتكوين فيه لكنه يُحافظ على سرية هوية مستخدميه”، وتابعت أن الكود الإلكتروني المشفر هو صك ملكية البيتكوين، ولا يستطيع أحد الحجز عليها لأنها لا تخضع لسيطرة أحد ولا يمكن تتبعها، فهي تتميز بالسرية والخصوصية والعالمية من دون تدخل الحكومات والبنوك.

وأشار تقرير المجلة إلى أنه وقبل اختراع العملات المُشفَّرة، كانت هناك طريقةٌ أخرى تستخدم لنقل الأموال دون الكشف عن هوية الأطراف المشتركة في التعاملات المالية والتي ما زالت نشطة حتى الآن وهي شبكة الحوالة.

وأضاف أنه خلال العقدين الماضيين، كانت التبرعات المالية الأجنبية ترسل إلى المنظمات الإرهابية عن طريق شبكات الحوالة، والتي توفر ميزة إخفاء هوية مرسل ومُستقبل التحويلات المالية والتبرعات، حيث يُمرِر الأفراد والجماعات الذين يريدون التبرع لمنظمة إرهابية، المال عبر وسيط محلي في شبكة الحوالة ببلدهم، والذي يتقاضى أتعاباً مقابل خدمة السمسرة، ويعمل وسيطٌ آخر في بلد المقصد على إيصال المال إلى المُتلقي المُراد.

وتابع أن شركات، مثل سموراي وبيتكوين فوغ ودارك ووليت، ركزت جهودها لإنشاء محفظة بيتكوين المالية التي توفِّر إمكانية إخفاء هوية المستخدم بشكلٍ كامل وجعل معاملاته المالية الافتراضية يتعذَّر تعقُّبها، بحيث قد تصبح هذه “المحافظ المُظلمة” مصدراً كبيراً لتمويل الإرهاب، ما يشكل عقبةً حقيقية أمام جهود الحكومة لوقف تدفق تمويلات الإرهاب.

وأفادت المجلة ان تنظيم داعش نشر في وقت سابق من العام 2015 عنوانه الإلكتروني على الشبكة المظلمة “الدارك ويب”، كي يتمكن الأفراد من إرسال المال له باستخدام عملة “بيتكوين”، وفي حزيران 2015 أُلقِيَ القبض على مراهق من ولاية فرجينيا الأميركية بعد أن نشر تغريدة عن كيفية التبرع للتنظيم باستخدام عملة بيتكوين.

وبين التقرير أن تأثير تبرعات عملة “بيتكوين” على إجمالي إيرادات الإرهابيين سيظل محدوداً رغم التطور التكنولوجي، لأن غالبية هذه الجماعات تمول عملياتها بشكل رئيسي عن طريق مزيج من المؤسسات الخيرية وأساليب الابتزاز، وفرض ضرائب على المناطق التي تسيطر عليها والدول التي ترعاها.

ولكن مع فقدان تنظيمات كداعش، سيطرتها على مناطق في العراق وسوريا، ستجد نفسها مجبرة على البحث عن بدائل والتركيز على توليد المزيد من الاستثمارات الأجنبية من قِبل الأفراد أو الجمعيات الخيرية، وستكون العملات المُشفَّرة وسيلةً مناسبة لتسهيل نقل هذه الأموال، وفقا للمجلة الأميركية.

وترى “نيوزويك” أنه من أجل إحباط محاولات الإرهابيين للحصول على تبرعات باستخدام “بيتكوين” وغيرها من العملات المُشفّرة، ينبغي لصناع القرار الأميركيين التنسيق مع الشركات المسؤولة عن إدارة محافظ بيتكوين المالية بالإضافة إلى مديري منصة “بلوك تشان” لتعقب عمليات الشراء، وعمليات مبادلة البيتكوين بعملاتٍ أخرى ونقل تمويلات ضخمة إلى حسابات بعملة بيتكوين.

واختتمت المجلة الأميركية تقريرها بالقول “إذا ما أرادت الولايات المتحدة إحباط تمويل الإرهاب على المدى الطويل، ينبغي لها اتخاذ إجراءات مُشددة لفهم السلبيات المحتملة لاستخدام العملات المُشفرة وصياغة تشريعات لمكافحة استخدامها من قِبل الأشخاص المتورطين في أعمال غير مشروعة”.

الجدير بالذكر ان “البيتكوين” هي عملة إلكترونية يتم تداولها بشكل كامل عبر الإنترنت، منذ بداية كانون الثاني عام 2009، من دون وجود مادي لها ويمكن استخدامها للشراء عبر الإنترنت أو تحويلها للعملات العادية وصرف مقابلها بالدولار مثلاً، ولا تتمتع هذه العملة بالاستقرار مقارنة بالعملات الأخرى خاصة أنه لا يتم إصدارها من قبل أي بنك مركزي، ولا تخضع لرقابة أو إشراف من أي جهة وقد تم تأسيسها من قبل مصممها الذي لا تعرف هويته بشكل محدد.

وتعترف بعض الحكومات مثل ألمانيا بهذه العملة وتفرض ضريبة عليها، فيما تعتبرها بلدان أخرى محظورة ويتم استخدامها في عمليات مشبوهة، وقد تضاعف معدل استخدام عملة “بيتكوين” بشكل خاص، على مدار السنوات الثماني الماضية، ليرتفع من متوسط 100 معاملة مالية يومياً في عام 2009 إلى 282 ألف معاملة يومية في 2017 حتى الآن.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here