تلعفر والحويجة والقائم معارك بانتظار العراق

بعد استعادة القوات الأمنية السيطرة على مدينة الموصل، تبقت امام العراق ثلاث معارك اخرى ليطوي صفحة تنظيم داعش الارهابي، ولكن المعارك المقبلة ستكون سياسية ودبلوماسية أكثر منها عسكرية بسبب حساسية ارض المعارك.

هذا وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي: تم وضع خطة لتحرير قضاء تلعفر بمشاركة جميع الأجهزة الأمنية والحشدين الشعبي والعشائري.

صراع إقليمي حول تلعفر

عندما هاجم الجيش مدينة الموصل في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، قامت فصائل الحشد الشعبي بالالتفاف حول المدينة وتوجهت غربا نحو مدينة تلعفر وخاضت معارك للسيطرة على ضواحيها، ولكن تهديدات تركية أجبرت هذه القوات على التوقف وعدم اقتحام المدينة وقررت التوجه اقصى الغرب عند بلدة البعاج على الحدود السورية.

ويحذر مسؤولون اتراك من اقتحام الحشد الشعبي لتلعفر خشية حصول أعمال عنف طائفية ضد التركمان السنّة الموجودين في المدينة والذين ينظر اليهم من قبل التركمان الشيعة الذين غادروا المدينة الى محافظات جنوب العراق في كربلاء والنجف بأنهم يدعمون “داعش”.

وعلى بعد (50 كلم) ما زالت قوات تركية موجودة في معسكر زليكان في بلدة بعشيقة شمال الموصل، ورفضت الانسحاب منها برغم اندلاع ازمة دبلوماسية بين بغداد وانقرة، وهذه القوة العسكرية ورقة تهديد ضد الفصائل الشيعية اذا ما شاركت في معركة تلعفر.

لكن الحشد الشعبي مصر على المشاركة في المعركة، وفي 19 من تموز (يوليو) الجاري عقد كبار قادة الفصائل وهم هادي العامري زعيم منظمة “بدر” وقيس الخزعلي زعيم “عصائب اهل الحق” وابو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” وزعيم “كتائب حزب الله” اجتماعا لبحث المشاركة في المعركة.

اما إصرار كل من تركيا وإيران على موقفهما فيمثل تحديا سياسيا كبيرا امام رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يسعى لتجنب حدوث صراع بين الدولتين حول المدينة قد يعمل على تغيير بوصلة الصراع الاساسية ضد “داعش”، ويحتاج العبادي لوسائل دبلوماسية في حسم الصراع بين الطرفين قبل التفكير في الخطط العسكرية.

يقول السياسي والنائب الكردي محمود عثمان لـ “نقاش” ان “معركة تلعفر ستكون صعبة، وهي معركة سياسية قبل ان تكون عسكرية، وبدون حصول توافق سياسي ستكون المعركة طويلة وشاقة، وعلى جميع الاطراف التركيز على العدو المشترك وهو داعش”.

مسؤول سياسي عراقي قال لـ”نقاش” ان رئيس الوزراء يدرس خيارات صعبة حول معركة تلعفر، وهناك مخاوف من تدخل القوات التركية الموجودة شمال المدينة في المعركة، كما ان القوات الأمنية العراقية تعرضت للإنهاك في معركة الموصل خصوصا جهاز مكافحة الإرهاب.

أحد المقترحات لحل مشكلة اصرار الحشد الشعبي على المشاركة في المعركة، الاستعانة بالفصائل المعتدلة والمعروفة باحترامها قرارات الحكومة ابرزها “فرقة العباس القتالية” الى أنشأت بإيعاز من المرجع الشيعي المقيم في النجف علي السيستاني لحماية المراقد الدينية في كربلاء وشاركت في القتال ضد داعش في مناطق عدة، وهذه الفرقة شاركت أيضا في معركة الموصل لإسناد الفرقة التاسعة للجيش في الساحل الغربي من المدينة.

كاظم الدراجي احد مقاتلي “فرقة العباس القتالية” اكد: ان الفرقة ستشارك في معركة تلعفر بقرار من الحكومة الى جانب قوات الجيش، وقال أيضا إن الفرقة استدعت أكثر من ثلاثة آلاف من مقاتليها الاحتياط استعدادا للمعركة المقبلة.

من جهته، اكد رئيس منظمة بدر هادي العامري، ان المعركة مازالت مستمرة وتتطلب منا العمل ووحدة الكلمة ورص الصف.

وقال العامري: إن المعركة لم تنته كما حاول الإعلام تصوير ذلك، داعيا إلى ضرورة التواجد والجدية حتى تحقيق النصر العسكري وطي صفحة داعش نهائيا.

وأضاف العامري: أنه أمامنا معركة اخرى لاتقل خطورة عن المعركة العسكرية الا وهي المعركة الفكرية، مشيرا إلى أنها قد تكون اقسى واعقد واصعب من المعركة العسكرية.

ودعا العامري إلى أهمية إيجاد حشد فكري يشارك في الجميع للقضاء على داعش فكريا، مشددا على ضرورة المحافظة على الشباب وخلق الأمل لديهم.

الحويجة.. تعدد الاراء حول تحريرها قبل تلعفر

في جنوب محافظة كركوك تقع بلدة الحويجة التي يسيطر تنظيم داعش الارهابي عليها منذ ثلاث سنوات ولم تتعرض لأي عملية عسكرية لتحريرها بسبب صراعات سياسية.

ودعا الدكتور نجم الدين كريم محافظ كركوك، الى الاسراع بتحرير مدينة الحويجة من دنس تنظيم داعش الارهابي.

وقال الدكتور نجم الدين كريم خلالف تصريح لقناة كوردسات نيوز: قلنا مراراً بانه كان من المفروض ان يتم تحرير مدينة الحويجة قبل تحرير مدينة الموصل، والآن مع الاسف قرر القائد العام للقوات المسلحة تحرير قضاء تلعفر والوصول الى الحدود العراقية السورية من ثم تحرير مدينة الحويجة.

واضاف: ان هذا خطأ كبير لان الحويجة منطقة مهمة وهي قريبة من محافظات عديدة ككركوك وصلاح الدين وديالى وحتى العاصمة بغداد، والارهابيين يحاولون زعزعة الامن والاستقرار في هذه المحافظات، مؤكداً ان تاخير تحرير الحويجة سيكون له خطر كبير على هذه المحافظات.

من جانب آخر يقول خضر العبيدي احد شيوخ عشائر الحويجة ويقطن في اقليم كوردستان: ان “تحرير الحويجة يحتاج قبل كل شيء الى مفاوضات سياسية بين بغداد واربيل، وبدون ذلك فان المدينة ستبقى لفترة طويلة تحت سيطرة الارهابيين.

ويضيف العبيدي: على الحكومة تشكيل قوات محلية من سكان المدينة الذين نزحوا منها، هناك المئات من شباب المدينة الذين نزحوا الى وسط وشمال البلاد مستعدين للتطوع في صفوف القوات الامنية لتحرير مدينتهم ومساعدة القوات الامنية في ذلك لأنهم الاعرف بطبيعتها الجغرافية.

من جانبهم دعا رؤساء العشائر في مدينة كركوك، الى البدء بعملية تحرير قضاء الحويجة، واكدوا دعمهم لقوات البيشمركة.

وقال رؤساء عشائر كركوك خلال مؤتمر صحفي: نؤكد دعمنا لقوات البيشمركة وباقي القوات الامنية في حربها ضد تنظيم داعش الارهابي.

واضافوا: نطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي باطلاق عملية تحرير قضاء الحويجة باسرع وقت، ان عدم تحرير قضاء الحويجة يشكل خطراً كبيراً على المناطق المحيطة بالقضاء كما يزيد من معاناة ابناء القضاء.

وأكد رؤساء العشائر: ان جميع الانباء التي تتحدث عن عدم استقرار الاوضاع الامنية في مدينة كركوك عارية عن الصحة، وكركوك مستقرة بفضل قوات البيشمركة وباقي القوات الامنية.

هذا واكد مقرر لجنة الامن والدفاع النيابية، ان قيادة العمليات المشتركة قررت اطلاق عملية تحرير قضاء تلعفر في محافظة نينوى قبل قضاء الحويجة في محافظة كركوك.

وقال النائب عبدالعزيز حسن خلال تصريح خاص لـPUKmedia: ان قيادة العمليات المشتركة قررت اطلاق عملية تحرير قضاء تلعفر قبل قضاء الحويجة لانه يجب اكمال تحرير محافظة نينوى بشكل كامل وبعدها يتم المباشرة بتحرير قضاء الحويجة.

واضاف: ان هناك مشاكل كثيرة موجودة حول قضاء الحويجة منها سياسية وبعضها يتعلق بالاطراف السياسية او الحكومة الاتحادية، واعتقد بان القيادة المشتركة لن تسمح بمشاركة البيشمركة في عملية تحرير الحويجة وستقوم بتنفيذ العملية وحدها.

واشار الى ان هناك خطورة كبيرة على محافظات كركوك وبغداد وديالى وصلاح الدين اذا بقي قضاء الحويجة تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي، لكن الاتفاق الذي تم بين القيادة المشتركة والتحالف الدولي ينص على اكمال تحرير محافظة نينوى بشكل كامل من ثم الانتقال الى منطقة اخرى.

وتابع مقرر لجنة الامن والدفاع: ان القيادة المشتركة ستقوم باعلام قوات البيشمركة حول بدء عملية تحرير الحويجة لكي تقوم بحماية مواقعها، لكني اعتقد بانه لن يتم اشراك قوات البيشمركة في عملية تحرير مدينة الحويجة، لاسباب كثيرة منها ان اغلب سكان الحويجة هم من العرب، والقيادة المشتركة تريد ان يحسب النصر والانجاز لها وحدها.

وقال النائب عبدالعزيز حسن: ان قيادة العمليات المشتركة لم تعلن عدم مشاركة البيشمركة بشكل رسمي، لكن عندما تقعد الاجتماع لمناقشة موضوع تحرير الحويجة سيتضح الامر، هذه وجهة نظري واعتقد بانه لن يتم اشراك قوات البيشمركة في معركة تحرير قضاء الحويجة.

القائم عاصمة داعش الغافية على حدود دولية

في آب (أغسطس) عام 2014 فاجئ تنظيم داعش الارهابي العالم عندما ألغى حدود معاهدة سايكس بيكو، ودمر السواتر الترابية الحدودية بين العراق وسوريا ليعلن عن إقامة مدينة جديدة باسم “ولاية الفرات” تمتد من مدينة “البو كمال” السورية إلى مدينة “القائم” العراقية، لتصبح المدينة الأشد تحصيناً وأمنا لـ”داعش” لاعتبارات جغرافية.

ولوقوع مدينة القائم على حدود دولية اختارت الحكومة عدم التورط في معركة معقدة حول مدينة تبعد عن بغداد مئات الكيلومترات، ولهذا ستكون اخر معركة يخوضها العراقيون ضد “داعش” بعد استعادة بلدتي تلعفر والحويجة.

وتكمن المشكلة في ان اي عملية عسكرية على حدود دولية تتطلب استعداد الدولتين لشن العملية وتأمين الحدود، فالنظام السوري غير قادر على تنفيذ عملية عسكرية في الوقت الراهن كما ان القوات العراقية ليست مستعدة لها ايضا، وفقا للواء المتقاعد ابراهيم الجميلي.

يقول الجميلي الذي عمل في القوات البرية خلال الحرب العراقية – الايرانية لـ “نقاش” ان “اصعب الحروب التي تقع على الحدود وفي مناطق صحراوية شاسعة، والمعركة في القائم ستكون صعبة عسكريا وسياسيا، اذا هاجم الجيش سيهرب الارهابيون من القائم الى بلدة البو كمال في سوريا، ولكن لاحقا سيعودون لغياب قوات سورية للضغط عليهم هناك”.

ويؤكد “ضرورة وجود تنسيق دبلوماسي وسياسي بين العراق وسوريا قبل التفكير في الاعداد لمعركة الحدود، والمشكلة ان الازمة السورية معقدة وهناك صراع اميركي – روسي حول ادارة الازمة هناك، وكلما استمرت الازمة السورية كلما تأخرت عملية تحرير القائم والحدود العراقية”.

في شباط (فبراير) الماضي اعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي عن اعطاء اوامر لطيران الجيش العراقي بقصف معاقل “داعش” داخل الاراضي السورية في بلدة البو كمال بعد تنسيق مع النظام السوري، ولكن بعد ايام توقفت الغارات دون معرفة السبب، ويبدو ان العراق سينتظر ما ستؤول اليه الازمة السورية لمعرفة مع من سيتفاوض بشأن معركة الحدود المشتركة.

 

PUKmedia

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here