جياع المحمية الطبيعية بأنتظار الحقبة ” الدنبكية ” !!

احمد الحاج
أبرم التمساح وأفعى اﻷناكوندا بحضور السيد – قشطة – إتفاق سلام يقضي بتقاسم الضفتين بينهما ، طار الخروف فرحا وقال: اللعبة صارت مكشوفة وسأعيش بسلام وسط البركة الضحلة ،في اليوم التالي تحول وبقية المجترات التي ورطها بتفاؤله وذكائه المتوهم الى تكة وكباب ، كان على الضحايا ان يدركوا بان الحظيرة تقدم – منيو -يحار بأنواعه ونكهاته المفترسون ، وان إصرارهم على الخروج منها والتغريد خارج السرب والسباحة عكس التيار وسط بركة محفوفة بالمخاطر يجعل من خيارات المفترسين في كلا الضفتين محدودة ” قوزي على تمن ” .
شيوعيو وعلمانيو ويساريو ومدنيو العراق اليوم ( المصطلح اﻷخير تحديدا هو العنوان الجديد الجامع واللامع للاحزاب اليسارية والراديكالية السابقة بثوبها المودرن بعد حلق اللحى والشوارب وخلع الجبة والعمامة وارتداء الجينز والكاو بوي والتي شيرت مع الاحتفاظ بالمسبحة والخواتم وربما أسنان الذهب والفضة باهظة الثمن أيضا لزوم الوجاهة ﻻ النزاهة ) اقول ان – البطرانين – من أبواق الشعبوية الحديثة ممن ذكرت آنفا يحلمون بـ “عازف للقانون والكمان والعود وووالدنبك ليملأ لهم العراق من وجهة نظرهم القاصرة رقصا وطربا بعدما ملء ظلما ونهبا وجورا ” ، شعبوية – مرعشلية – بخلاف المعهود يقودها الاستابلشمنت او – الدولة العميقة – المضادة من خلف الكوابيس والكواليس ﻷنها وكما – التنك قراط – مولودة من رحمها وبالتالي فانها تحمل جيناتها الوراثية من غير زيادة وﻻ نقصان وهي الوجه اﻵخر لذات العملة التي ﻻتصلح بوجهيها الشعبوي والنخبوي في العراق لشراء دواء لمريض على فراش الموت وﻻ طعام لمتضور على رصيف الجوع وﻻ كوخ لمشرد على حافات المبازل وﻻخيمة لنازح في قلب الصحراء .
لم أسمع حتى الان برنامجا واحدا مثاليا وانسانيا لدعاة الدولة المدنية بعد تقاسم الضفتين بقيادة المخلص الموعود – غودو – على وصف رائد مسرح العبث ، صموئيل بيكيت ،مع اختلافي الجذري معه وكذا مع ملهمه نيتشه الذي أمات – الاله – على لسان زرادشت ، فأقبره الجبار المنتقم بالسفلس وبغياب الوعي التام على فراش شقيقته اليزابيث يصدق فيه الاية الكريمة ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ) ، لم اسمع عن برامج واقعية اصلاحية في الزراعة والصناعة والتجارة والصحة والتعليم وغيرها بقدر حديثهم بلساني الحال والمقال عن ” عازف طبلة ” سيقود التغيير – الاهتزازي – العلوي والسفلي ، الرجعي والتقدمي المنتظر ويضبط ايقاعه طم طك .. طكطكطكطك ..طم طك ، وكأنك ﻻتسمع في الشارع وﻻترى في التلفاز أثرا للراقصين والراقصات ، المطربين والمطربات ومن لف لفهم ، وﻻ للخمور والمخدرات ، مايدفع للوعد بتسويقها كبداية للتغيير نحو – الكاولية – عفوا المدنية ، على حد وصفهم، وتحسين واقع العراقيين المدلهم وعلى مختلف الصعد !
ايها المدنيون المزعومون – من الاخر وبصريح العبارة – ان العراقيين وبعد معاناة هائلة استمرت عقودا بأنتظار تغيير جذري ﻻ شكليا ، انهم ليسوا بحاجة الى مراقص وخمارات وملاه وصالات قمار وكباريهات وامسيات شعرية واصبوحات، ماراثون نسوي وسباق للطيور و الدراجات وآخر للبخارية منها والسيارات ، مسارح للتهريج التجاري واغان ومسلسلات ومولات ، معارض للصور واللوحات ، انهم الان بحاجة ماسة الى مستشفيات ومدارس وجامعات وعلى اعلى المستويات ، الى زمالات وبعثات ، الى عودة للكفاءات والخبرات ، الى مصانع ومزارع ووجسور وطرق وموانئ ومطارات ، متاحف ومكتبات ، أمن وغذاء وكهرباء وماء وخدمات ، الى انفاق وسكك حديد حديثة ومواصلات ، الى مراكز لمحو الامية الابجدية منها والتقنية ، الى مراكز ستراتيجية ومعاهد بحثية ، الى استثمار الطاقات البشرية والطبيعية ، الى سفارات فاعلة ترفع إسم العراق عاليا وملحقيات ثقافية جادة وقنصليات ، العراق بحاجة الى خروج آمن ومدروس من عنق الزجاجة ومن قعرها الى فضاء الحياة والحرية الرحب الذي لم يتنسم العراقيون عبقها في ظل حرب عبثية تنكح أخرى وسط اجواء ملوثة بالدخان .
والى عشاق الحروب اللامنتاهية اقول ” إستحدثوا مصانع ومزارع وحقولا ﻷطعام الجياع ، لكسوة العراة ، استخرجوا واستثمروا حقيقة ﻻسرقة ثروات البلاد ، ثم خوضوا حروبا عبثية على اعتاب مسرح تجاري عبثي بفرقة انشاد عسكري عبثية واقيموا معارض فوتوغرافية وسوريالية ﻷشلاء الضحايا عبثية لتزرعوا بدلا من النخيل واﻷشجار والزهور في الارض البور …ألغاما” .
أعدكم بأن التفاني في البناء والاعمار لن يترك لكم متسعا من الوقت وﻻفائضا من المال لخوض حرب جديدة وﻻ لتصدير ثورة..اعدكم بذلك، المفلسون وحدهم من يخوضونها ﻷبعاد الصدور والعقول الممتلئة حقدا عليهم الى ساحات القتال وتمزيقها اربا اربا هناك او سجنهم بتهمة – الفرار من المعركة أو معارضتها – بعيدا عن قصور السلطة الممتلئة بالكروش والصدور التقدمية المكتنزة بالذهب والفضة وبالخلفيات الرجعية والتي لم ولن تفقد احدا من نزلائها في حرب ..قط ﻷن الحروب انما تشعل لـ- اولاد الخايبة – فحسب ، وكذلك المقابر والمعتقلات والمخيمات انما تستحدث لذات الغرض اللئيم قائلة من على خشبة المسرح الكوميتراجيدي : هل من مزيد ؟ ! اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here