اسياد الحروب و الصفقات

أسياد الحروب و الصفقات
لو كان مصلحة العراق و أمن شعبه هي الأولى في نظر و تقدير ( المسؤولين ) العراقيين لما تجرأ زعيم حزب سياسي اجنبي ان يعقد اتفاقات مع عتاة المجرمين و القتلة و ينقلهم و بشكل مريح لا عناء فيه و بشكل واضح و نهارآ جهارآ و تحت اعين عدسات التلفزيون الى حيث مستقرهم الجديد و مكانهم الآمن و على مقربة من المدن العراقية الحدودية دون ان يكلف نفسه ( زعيم الحزب ) مشورة او حتى ابلاغ مسبق عبر اتصال هاتفي يبلغ به ( الحكام ) في بغداد و هو على حق في ذلك لأن ( رئيس الوزراء ) العراقي و الذي لم يكن على علم بتلك التحركات العسكرية قد احس بالحرج و ليس الغضب و ادان و استنكر بشكل خجول ذلك الأجراء الوقح .
تحت ذريعة الأحتلال الأمريكي تكدس الالاف من ارهابيي عصابة ( القاعدة ) من القتلة المحترفين في ( سوريا ) حيث المأوى و التدريب و التأهيل قبل ارسالهم عبر الحدود الى العمق العراقي ( لمقاتلة ) القوات الأمريكية فكان ذلك التحالف الثلاثي الشرير ( ايران و النظام السوري و حزب الله اللبناني ) الذي اوغل في دماء العراقيين حتى الثمالة بحجة وجود الجيش الأمريكي و كأن هذا الجيش لا يوجد الا في العراق فكان العملاء من الفصائل ( العراقية ) المسلحة و التي ارتضت ان تكون رأس الحربة و اليد الضاربة لأيران و حلفائها في قتل ابناء العراق و تدمير بناه و قدراته الأقتصادية .
رحل الأحتلال بمغادرة الجيش الأمريكي للعراق و لم تعد هناك حجة او ذريعة تبرر التدخل و أثارة المشاكل و النزاعات و بدا و كأن الأوضاع قد هدأت و بدأت بالتحسن و التعافي و الأستقرار النسبي و أخذت وتيرة البناء و الأعمار تتصاعد يرافقها ارتفاع في اسعار النفط المصدر الرئيسي للدخل الوطني و بدا الأنتعاش يدب و ان كان ببطئ و روية و لم يتنفس العراقيون الصعداء بعد حتى اجتاحت ( داعش ) الأراضي العراقية في عملية لازال الغموض و الريبة يحومان حولها واحتلت ثلث مساحته و جاءت هذه المرة ايضآ من الأراضي السورية و من ( دولتهم ) التي اعلنوا عنها هناك و كأن الحدود السورية لا تقبل الا ان تكون مصدر قلق دائم و خطير للعراق و شعبه .
انشغل الشعب العراقي بجيشه و قواته العسكرية و المتطوعين في قتال ( الغرباء الهمج ) الذين هاجموه و احتلوا ارضه و عاثوا فيها فسادآ و قتلآ للبشر و تدميرآ للآثار الحضارية و المباني التأريخية و كان هذا ( الوباء ألأسود ) يخيم على تلك المدن و البلدات التي حل فيها و التي لم يبق فيها أي أثر او دليل على العصر الحديث الذي هي فيه فكانت الساحات تعد خصيصآ ( لحفلات ) دموية تقطع فيها الرؤوس و تبتر فيها الأطراف و تمزق الأجساد و كانت الزوايا من تلك الساحات مكانآ للجلد و الضرب بالسياط و الهراوات و كانت دكات النخاسين ( عامرة ) بالفتيات المسبيات و الفتيان المستعبدين و يبدأ المزاد و لا ينتهي الا وتكون ( البضاعة ) قد نفذت او كادت .
وصلت التوجيهات و الأوامر ان لا تدعوا احدآ من هؤلاء الأوباش القتلة ان يفلت و يفر بجلده و يرجع الى من حيث اتى الى سوريا فكان السمع و الطاعة ( حماقة او عمالة ) أن طوقت مدينة الأنبياء ( الموصل ) بكل ساكنيها و مبانيها و مآذنها و احكم الخناق على أولئك المقاتلين المتحصنيين فيها و لم يدع لأي احد منهم مجالآ للهرب فأستماتوا في القتال و الدفاع حتى آخر عنصر من جنودهم و كان ان صحى اهالي الموصل على اطلال و هياكل ابنية و ازقة مهدمة تسرح فيها الجرذان و هي تقتات على بقايا الجثث الآدمية المتناثرة و هكذا صارت هذه المدينة العابقة بالتأريخ و الحضارة بلا ملامح و اكوامآ من التراب و الحجارة بفعل تلك ( النصيحة ) التي ادلى بها زعيم ذلك الحزب المذكور .
بات النصر المؤزر قريبآ و على الأبواب كما يقال و ليس من فضل او منة لأحد فيه سوى لتلك الدماء الغالية للجنود العراقيين الذين استرخصوها فداءآ لوطنهم و حرصآ على وحدة شعبه و ارضه و بانت تباشير التحرير و دحر الغزاة القتلة القادمين من خلف الحدود تلوح و تتوضح اكثر فأكثر و اصبحت نهاية ( داعش ) المحتومة اكثر قربآ للتحقيق من أي وقت مضى بعد ان بدأت المدن العراقية تتحرر الواحدة تلو الأخرى و تعود من جديد و تنظم الى الوطن العراقي و لم يبق من تلك المدن المحتلة الا العدد القليل و يستكمل التحرير الناجز و لكن و كما يبدو لم يرق هذا الأمر و هذا النصر المخضب بالدماء و المكلل بالتضحية و الأيثار لأولئك الذين ليس في مصلحتهم ان يستقر العراق بلدآ و شعبآ و ان يتفرغ للبناء و الأعمار فكانت الصفقة ( الفضيحة ) التي كشفت نوايا ( الأصدقاء ) و خباياهم لكن هذه المرة لم يتمكنوا من الأنكار و النفي و التستر خلف الشعرات البراقة التي تستغفل عقول الناس كما كانت تفعل سابقآ فكانت الباصات التي تقل القتلة و تنقلهم و ترمي بهم على الحدود العراقية دعمآ ماديآ و اسنادآ معنويآ لزملائهم الذين يعانون من الهزيمة و الأندحار فكان الأمداد الضروري لأستمرار و ديمومة الأرهاب و منع انهياره الذي بدا وشيكآ و في النزع الأخير فكانت النجدة و كانت الصفقة و أتفاقية العار الذي تبرقع بها اصحابها و تسربلت بها عمائمهم .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here