وصفة الوزير السابق رائد فهمي للحد من الفساد !

احسان جواد كاظم
هي ليست اختراعاً حصرياً للشيوعي رائد فهمي ولكن يبدو انه اول من وضعها موضع التنفيذ في عراق اليوم واثبتت نجاعتها. فلم يعرف عن الوزارتين التي تسلمهما الشيوعيون في السنين الماضية, وهما وزارتي العلوم والتكنولوجيا وشغلها السيد رائد فهمي والثقافة التي شغلها السيد مفيد الجزائري, ان شهدتا فضائح فساد خلال فترة توليهما لهاتين الوزارتين.
ففي لقاء للسيد رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على قناة آسيا الفضائية, سأله مقدم البرنامج عما فعله من اجراءات ليحد من تفشي الفساد في وزارته في ظل استشراءه في وزارات واجهزة الدولة كافة ؟ فأجاب بأنه حصر دراسة المناقصات بلجان متخصصة وبعد التدقيق الداخلي لها, يقوم بالتوقيع عليها وهو بذلك اوصد الباب بوجه حيتان الفساد, وليس كما هو متداول في الوزارات الاخرى بحصر عقد المقاولات بمكتب الوزير المرتبط بدوره بالمكتب الاقتصادي لحزبه, مما يفتح مجالاً للمساومات المباشرة معه على حساب الصالح العام.
اجراءه هذا, قلص امكانيات حصول عمليات فساد كبيرة, كان يمكن ان توقع ضرراً للاقتصاد الوطني. لذلك لم يحاول صائدو الصفقات اللقاء به او الوصول اليه, لعدم وجود جدوى من ذلك, اضافة الى ما يعرفونه من ( مثالية الشيوعيين في مسألة النزاهة ).
هي وصفة كانت لعمري لتحد من الكثير من ملفات الفساد وتحصرها في ادنى درجاتها وفي مستويات وظيفية دنيا, وتقلل من اهدار المال العام وتسربها الى جيوب مافيات الفساد من راشين ومرتشين ومزورين لو توفرت لدى الوزير المعني النيّة الصافية والارادة الوطنية الصادقة اضافة الى الارادة السياسية القويمة لدى الاحزاب السياسية المتصدية للعمل الوزاري خلال حقبة مابعد سقوط صدام 2003, لكن القوى المتنفذة كانت لها ارادة سياسية اخرى مختلفة, فقد آثرت الانحياز الى مصالحها الفئوية بأتباع نهج المحاصصة الطائفية – العرقية, الذي استند على توزيع ميزانية الدولة ومشاريع الوزارات ووظائفها فيما بينها وعلى اعوانها واتباعها دون غيرهم من العراقيين, وهذا هو الفساد بعينه.
ان ما اعتمده الوزير السابق رائد فهمي للسيطرة على عملية التلاعب بالعقود الوزارية للحد من الفساد في وزارته لم تكن الآلية الوحيدة التي تم تبنيها اضافة الى طرق الرقابة التقليدية المعتمدة في اجهزة الرقابة الرسمية المتعددة في الدولة العراقية.
فربما ان ما يشهد للاستاذ رائد فهمي خلال فترة توزيره, هو بذله الجهود لجعل مشروع الدولة الالكترونية موضع التطبيق بأستخدام الأنترنيت, كما هو معمول به في الدول المتقدمة, ليغلق منافذ فساد عديدة مثل: الحد من عملية الابتزاز الواسعة النطاق للمواطن المراجع لدوائر الدولة التي يمارسها بحقه اصحاب النفوس الدنيئة من موظفين فاسدين يفرضون الأتاوات ويستجدون الرشاوى, وذلك بتقنين الاتصال المباشر بين المواطن المراجع والموظف, اقصى ما يمكن بالتعامل الالكتروني, ويقضي بدوره على ظاهرة المعقبين والوسطاء, ويحصر المحسوبية والمنسوبية في اطر ضيقة ويوقف ممارسات بيع الاستمارات الحكومية المجانية … اضافة الى انه يحد من الروتين والبيروقراطية الاداريين والترهل الوظيفي.
المثل العراقي القائل بأن ” السمكة تجيف من راسها ” يعبر عن حقيقة يعرفها الجميع لكنه يقودنا ايضاً الى معرفة انجع السبل الى مكافحة الفساد في اجهزة الدولة, وهي البدأ بتفكيك حلقات الفساد في المستويات الوظيفية العليا, لتكون رادعاً للمستويات الدنيا من المرؤوسين المرتشين بعد توفير كل مستلزمات مكافحة ناجحة للفساد وهي وجود قوانين عقابية صارمة اضافة الى توفر جهاز قضائي اجرائي له صلاحيات قانونية قادر على تطبيق الاحكام القضائية على كل من كان مهما علا شأنه.
لأفشال عملية مكافحة الفساد, تصّر الاحزاب المتنفذة على ” طهو تلك السمكة المنتنة “, بالتمسك بنهج المحاصصة النهبوي وتسعى الى حماية هذا الفساد بقوانين مفصلة على القياس لتحميهم, كالأبقاء على قانون انتخابات جائر او قانون احزاب بثغرات كبيرة او بأحتواء استقلالية هيئة الانتخابات والهيئات المستقلة الاخرى تحاصصياً, لتؤمن استمرارها في السلطة. اضافة الى استغلال المال السياسي واجهزة وسلاح الدولة وقمع اي احتجاج شعبي وتقويض الحريات العامة والحقوق وخصوصاً حرية الرأي والتظاهر… كما تلجأ لذر الرماد بالعيون من خلال قيامها, وبعد ان انكشفت فضائحها, بالتضحية بكباش فساد, مرة بأخضاعهم لمحاكمات حزبية داخلية شكلية ومرة اخرى بتهريب ” الجمل بما حمل” الى خارج البلاد, متصورين بأن هذه الحيّل سوف تنطلي على المواطن الحصيف.
فما انتم فاعلون ” اذا جاء أمرنا وفار التنور ؟ ” / المؤمنون-27

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here