أحب الموت

فراس الغضبان الحمداني

انتهت اللعبة أو لنسميها الحياة ، عمري عبر حدود البقاء حيث دارت الأيام فكل الذين كانوا يبعثون الفرح في حياتي ماتوا ، أمي وأبي وأخوتي وزوجتي وأخواتها وأولادنا وأصدقائي الذين أحبهم وكنت أعيش بشراكة معهم ، فتمر علي الأحداث تباعا السعيد منها والتعيس وكنت أعيشها غير مكترث لأنهم معي ، ولأنني كنت أشعر بالأمل وبشيء من الرغبة في التحدي فقد كنت أبحث عن الجديد ، وكان طموح الحياة يسابقني فيسبقني وأتأخر عنه لكنني لم أكن أيأس ابدا.

كنت يافعا وكنت أرى غطاء رأس أمي ويشماغ أبي وأفرح بوقارهم لكنه كان مؤشرا خطرا على النهاية القادمة وأن بعدت فالأم والأب سيرحلان وقد رحلا بالفعل ، لكن حين تقف في عزاء أخيك وتبكي فهذا مؤشر أخطر على نهاية تبدو أقرب من أي وقت مضى فهذا قريب من عمري وابن جيلي وحين يرحل فمعنى ذلك ان الأشياء الطيبة تقل رويدا مثل نهر تجف عنه المياه وتموت الكائنات الصغيرة فيه والنباتات الحية ، وأدرك إنني أمضي الى تلك النهاية لكن الفرق أنني أريدها قريبة أقرب مما يتصور البعض خاصة وإنني لم أعد أحتمل الحياة .

ياربي ها أنا أذوب ويضعف عظمي وينهار جسدي ، وبالرغم من المعاصي والحواجز التي وضعتها أنا لكنني أجدك كريما معي ، وطالما رفعت تلك الحواجز التي تعودت أنا ان أعيدها الى مكانها ثم أكدس الذنوب فوق بعضها وأدفع رحمتك عني ولا أطلبها بينما أرى الجميع من حولي يتوسلوك ويرجوك ان ترزقهم المال والسمعة والحياة الكريمة لكنني لا أجد رغبة لشيء أطلبه سوى ان أغادر الحياة السيئة التي لم تعد حياتي .

كان هناك خوف وفشل وحرمان وفقر لكن روحي كانت بسيطة وتبحث عن الراحة والسكينة ، وكان الأمل يرافقني في ان أتخلص من الكآبة المزمنة التي وحدتنا جميعا اما اليوم وبرغم ما حصل من تغيير لكن كل الاشياء الجميلة ماتت وشعور باليأس يطاردني في كل الزوايا ولا يتركني وأصبحت أكره الحياة وأحب الموت .

fiarshamdani57@ yahoo.com

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here