تقرير: النجف تغلق ابوابها بوجه شاهرودي

لم يمر مسؤول ايراني بحرج، مثلما يمر به رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الايراني محمود الهاشمي الشاهرودي خلال زيارته الحالية الى العراق، فالهاشمي الذي يعد أرفع مبعوث للمرشد الأعلى علي خامنئي الى العراق، ورغم خبرته بالأحزاب الشيعية العراقية، الا أنه اكتشف متأخرا عدم امتلاكه لـ”باسوورد” النجف مسقط رأسه ومرتع صباه وشبابه.
فقد كشف مصدر مقرب من المرجعية الدينية في النجف رفض الافصاح عن هويته في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المراجع الاربعة وعلى رأسهم علي السيستاني رفضوا لقاء الشاهرودي، في رسالة واضحة على عدم رضى النجف عن دور ايران في العراق”، موضحا أن “الخلاف بين مرجعية النجف وطهران بدأ يتعمق بسبب إصرار الأخيرة على دعم نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي الذي ترفضه المرجعية جملة وتفصيلا، وتحمله مسؤولية ما وصل اليه العراق من مراحل خطيرة”.
وقد ظهر هذا الرفض في كثير من الموارد أبرزها رسالة السيد السيستاني الشهيرة الى قادة حزب الدعوة، والتي سعى الهاشمي الشاهرودي الى مخالفتها بمطالبة نوري المالكي بعدم التنحي، حسبما بيّن المصدر المطلع.
وأظهر المصدر أن “الشاهرودي وقبل توجهه الى النجف كان قد أخذ ضمانات من نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي باستقباله من قبل المرجع الديني إسحاق الفياض (وهو أحد المراجع الأربعة الكبار في النجف)، بناء على لقاء سابق جمع المالكي بالمرجع الفياض في 2 حزيران يونيو الماضي.
وحول مصاديق الخلاف الأخرى بين المرجعية وطهران، أوضح أن “الأولى ترفض زج قوات الحشد الشعبي في القتال بسوريا، فضلا عن رفضها صفقة حزب الله مع تنظيم داعش، واعتبرت ذلك بمثابة دلالة واضحة على عدم احترام سيادة وحكومة العراق”، موضحا أن “المرجعية ممتعضة جداً من عملية استغلال ايران لفتوى الجهاد الكفائي، وتسخيرها لصالح مشروعها بالمنطقة، وزج العراقيين الذين هبوا لنداء المرجعية في صيف 2014 للقتال في سورية”.
واستطرد “النجف تدعم تطبيع العلاقات الاخيرة بين بغداد والرياض، وتدعم التوجه الأخير للعراق بالانفتاح على المحيط العربي والاقليمي، وان يأخذ دوره بما يخدم شعبه وشعوب المنطقة والعالم”.
وتابع أن “المرجعية ترفض التدخلات الايرانية في العراق ايضا، وتأثيرها على قرارات حكومة العبادي عبر حلفاء من بينهم المالكي”، لافتا بالقول “بعدما هيمنت ايران وحلفاؤها على الحشد الشعبي، رأت المرجعية ضرورة تشكيل حشد موال لها داعم للمؤسسة العسكرية والامنية ومساند حقيقي في دحر داعش بالعراق، فكانت الفصائل التابعة للعتبات العلوية والحسينية والعباسبة، ومن أبرزها فرقة العباس القتالية، والتي تعد الفصيل الوحيد من فصائل الحشد الشعبي التي شاركت في تحرير الساحل الايمن للموصل”.
وأردف أن “المرشد الايراني علي خامنئي أرسل الشاهرودي لترطيب الأجواء بينه وبين مراجع النجف، إلا أن رئيس تشخيص مصلحة النظام الايراني فوجئ بصعوبة الأمر، وغلق النجف أبوابها أمامه، كون الترويج لمشروع ولاية الفقيه في العراق تعدى الخطوط الحمراء، وأخذ يهدد وجودها، وهو أمر لا يمكن ان تقبله النجف بالمرة”.
لذا فان “ايران سوف تزداد قلقا من تنامي ردة فعل النجف تجاهها، وكونها لا زالت تحت وقع الصدمة التي تعرض لها أكبر مبعوث حتى الان للمرشد الأعلى علي خامنئي الى العراق، فانها قد لا تجد حلا لتليين مواقف مرجعيات النجف، إلا بزيارة المرشد الاعلى نفسه، فهو الوحيد القادر على فتح أبواب النجف مرة أخرى”.
على صعيد ذي صلة، بدأت ملامح فشل الزيارة التي قام بها الشاهرودي في الظهور تدريجيا، إذ أكد مصدر حكومي مطلع رفض الكشف عن هويته، أنه “جاء للتأثير على قرار العبادي بعدم الإعلان عن قائمته الجديدة، ومحاولة تسوية الخلاف بينه وبين سلفه المالكي، الذي يُراد له أن يبقى مؤثرا في القرار العراقي، مع منع أي انشقاق جديد داخل أطراف حزب الدعوة الذين يرجعون اليه (الشاهرودي) منذ رحيل فقيه الحزب المرجع محمد حسين فضل الله في 2010”.
وعلق على الأمر بالقول إن “العبادي تلقى عددا من الرسائل الايرانية بهذا الخصوص، ومن شخصيات مختلفة، الأمر الذي سيسهل عليه تسويف الموضوع والتعاطي مع أكثر من جهة، وصولا الى الدخول للانتخابات القادمة بقائمة لا تضم المالكي”.
وأضاف المصدر في حديثه لـ”العالم الجديد” أن “مبعوث خامنئي حاول أيضا إخماد التصعيد الحاصل بين قيادات المجلس الاعلى والسيد عمار الحكيم، وايجاد صيغة تفاهم مشتركة تنهي التوترات التي أطاحت ببعض المسؤولين المحليين التابعين لهما كنتيجة لهذا الصراع المندلع مؤخرا”. في اشارة الى ملاحقة محافظ البصرة السابق ماجد النصراوي.
إلا أن التهدئة لو حصلت، فانها لا تعدو أن تكون مؤقتة، لاسيما مع الانحياز الايراني الواضح للمجلس الأعلى الاسلامي الذي أسسته طهران، بالتزامن مع قرب الانتخابات التي ستزيد من حرارة المنافسة بين الطرفين.
لا يعد الهاشمي الشاهرودي ببعيد عن معظم الأحزاب والتيارات الاسلامية الشيعية المشاركة في السلطة، فبالاضافة الى علاقته التاريخية والروحية بحزب الدعوة منذ تأسيسه ورعايته من قبل استاذه الراحل السيد محمد باقر الصدر، يعد أبا روحيا للمجلس الاعلى حيث تولى رئاسته وتأسيسه مع عدد من زعماء المعارضة العراقية الشيعية في ايران العام 1982.
الصدمة الأخرى التي لم يكن يتوقعها الهاشمي الشاهرودي هي رفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لاستقباله بعد أن قام بزيارة قبر أستاذه الراحل محمد باقر الصدر، الأمر الذي يؤشر بحسب المصدر المقرب من المرجعية الى فشل مهمته التي قيل أنه جاء من أجلها، وهي ترميم البيت الشيعي في العراق وتوحيد صفه.
محمد حداد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here