إعلام بلا ضمير.

علي الحسيني.
الصورة مقلوبة، فلننظر لها من جانب آخر، لنعرف حقيقتها، رسمت بأقلام مأجورة، وضمائر تحت التراب، مطمورة في ذمم ميتة، بحث لها الواعون عن المخرج، فتدحرجت متهاوية في ظلمات الفتنة، تلبس ثوب العفاف، فوق ملمس لين، قد امتلأ بالسم، تتحين الفرص، لتخرج متجملة بالزهد، لاتعرف أن المكر قد سلب جمالها، أرى اكفهم فارغة، تستبقي سهام الغدر في جفير الفتنة، لترمي بها اعمدة البلاد.

لتشرق علينا شمس الحقيقة، يجب أن تنجلي عن اعيننا غيوم الكذب، فمعرفة الجهل، خير من جهل المعرفة، لنتحقق من كل جوانب القضية، لتكتمل لدينا الصور المعتمة كلها، بعد ذلك نتهم المقصر والفاسد، فأن الإنسان الفاقد للدليل يخوض مع الجهال، فمن المعروف ان عوام الناس يخوضون مع كل خائض، ويتبعون كلام كل كاذب، يبتغي الفتنة والتسقيط، فأن مجتمعنا العربي يتميز بحب الشائعة، يتهم ويتهجم ويسب ويشتم بمجرد سماعه لتحليل اعمى لموقف سياسي معين، لايعرف كُنه حقيقته، فربما هذا الموقف هو لمصلحة الناس، وهم لايعرفون ذلك، بل يتهجمون على هذا الموقف اتباعا لكذب وزيف السياسي الفاسد الذي يخسر ويتأذى من هذا الموقف السياسي الشريف.

السيد عبد العزيز الحكيم عندما طالب بالفدرالية، وإقامة الأقاليم، جوبهت دعوته بالرفض واتهموه بتقسيم البلاد، بل تعرض لهجمة شرسة من الشارع، وبدأ الإعلام الفاسد بتسقيطه في أعين الناس، هذا الإعلام الذي وجد أرض خصبة، ليزرع بها الاكاذيب، التي جعلت من السيد الحكيم خائنا في نظر أغلب أبناء الشعب العراقي، هذا هو الإعلام الفاسد، يرسم صورة مقلوبة للحقيقة، لتنطلي هذه الكذبة على الجميع، ويروج لها ويعطيها ثقلها الإعلامي الخاص هم أنفسهم الذين انطلت عليهم هذه الكذبة، فهؤلاء العوام السذج هم صوت وقلم وصورة للإعلام الفاسد.

التسوية الوطنية، مشروع اطلقه عمار الحكيم، لنزع فتيل الطائفية، واخماد نيران الفتنة، ولتتساوى فيه الحقوق والواجبات على الجميع، وهو من الحلول الناجعة السليمة، بنظر الخبراء والمثقفين من كل العالم، بل هو خير الحلول، لوضع العراق الصعب المتشابك، هذا المشروع وضعه الإعلام فوق طاولة التسقيط، وتناولته أبواق الكذب، ليستمر السياسي الطائفي بتأجيج نار الفتنة بحجة الدفاع عن مذهبه، ليكسب الأصوات والشهرة على حساب دماء الناس، فقد طبل معه الجهال، الذين أشتركوا معه بسرقة المنصب والأموال والشهرة وتحملوا عنه التعب، وتركوا هذه الغنيمة الفاسدة له وحده بعد ذلك، فقد قدموا انفسهم له ليسرقهم مع ما سرق.

الفترة الحالية تعتبر مسرحا للسياسيين لتقديم أفكارهم المستقبلية، ومشاريعهم القادمة قبل الإنتخابات البرلمانية المقبلة، وفي هذه الفترة سيكون الإعلام ذراعهم التي يصولون بها، حيث أن الإعلام سيقدم للناس سياسي طائفي فاسد على إنه أمل الامة ومنقذها، هذه هيَّ ثياب الإعلام السوداء، فنحن نعرف أن الإعلام يخرج لنا كل مرة بلون معين حسب ما تشتهيه رغبته، وقد يخرج ايضا متجردا بلا رداء ولا ضمير، هكذا إعلام يجب أن يوضع تحت منظار النقد، ويعالج بالإعلام الأبيض الصادق، الذي يتهم الفاسد، ويثني على النزيه المخلص، بلا مصلحة ولكن لتقديم الحقيقة فقط.

يجب أن توضع قيود قانونية، لوضع حدود للأدب والثقافة الإعلامية، لأن البعض فهم حرية الثقافة الإعلامية، بمفهوم خاطئ، ظن بأنها كذب وخداع ونقل كل زيف وتزوير وتوجيه حسب الرغبة، فمرة يكون جميلا، وأخرى يكون قبيحا مذموما، حسب المصلحة الحزبية او الشخصية، فقدت الثقة بالإعلام، لأنه اصبح سلعة بيد السياسي او بيد من يدفع أموال اكثر، هكذا إعلام لا يسمى إعلام حر، بل هو إعلام مزيف، وهو احد أذرع الفساد في العراق، ويدخل في خانة التخريب والدمار التي طالت البلاد بعد 2003.

بدأ كل حزب في العراق يعمل على تسقيط الآخر، بواسطة الماكنة الإعلامية لديه، بل أن شغلهم الشاغل في ذم بعضهم البعض، ولا يروقني صراحة أي إعلام لأي حزب مثلما يروقني الإعلام الواقعي لتيار الحكمة الوطني، هذا التيار الجديد الذي يحمل أفكار بناءة، ورؤية وطنية همها الوحيد في توجيه الناس لبناء دولة العراق الجديد، واختيار الشخصية السياسية الشريفة التي تخدم البلاد، بعيدا عن لغة المنفعة والمصلحة الشخصية والحزبية، فهو يقدم إعلام ناجح وصادق وفعال بأروع صورة، هكذا يتبنى تيار الحكمة افكاره، فهو بالإعلام الصادق يكسب ثقة المجتمع.

يتبين لنا في هذه الفترة مدى الانحراف الذي طال الإعلام، بأبتعاده عن القيم والمبادئ التي من المفروض ان يتحلى بها، وبهذا التشخيص الدقيق للعلة، يمكننا وضع العلاج الناجح، ليشفى الإعلام من هذا المرض، الذي انتقل من الفاسدين، وافسد الإعلام الصادق، لنشجع الإعلام بكل اشكاله ليأخذ ويستنبط من افكار تيار الحكمة واعلامه المتميز في نقل الحقيقة، وحفاظه على توعية الناس، ليختاروا الأصلح والانجح في كل شيء، واخيرا يعتبر الإعلام عين على الجميع، فنحن لا نقبل لهذه العين الصادقة، ان تنظر إلى جانب واحد دون النظر إلى الجانب الاخر، يجب ان تنطلق الحقيقة وترفع عنها الاصفاد بواسطة الإعلام الصادق والقويم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here