الأقدار من تهزأ بنا ..أم نحن من نهزأ بالأقدار!!

حامد شهاب

لاندري إن كنا نهزأ بأقدارنا ، أم أن الأقدر هي من تهزأ بنا..لأننا تخلينا عن عروبتنا وعن أخلاقنا العربية وقيمنا وعراقيتنا الأصيلة ، وحضارتها الغائرة في الأعماق ، وسلمنا مقادير الأمور لمن أرادوا فرض هيمنتهم علينا ، وكان (العروبة) هي (العدو) الذي ينبغي أن (يستأصل) و (يجتث) من وجهة نظر من سلطتهم الأقدار علينا، ليكونوا هم سياسيو آخر الزمان ، وهم من فجعونا بالمصائب والأحزان..وحولونا من (عرب) الى (عربان)!!

كانت (العروبة) ومن بعدها (الإسلام) وكأنهما (صنوان) بل (قدران) لايفترقان..والإسلام لم يبدأ فقط بالنبي العربي محمد (ص) كما يشاع، بل ان النبي إبراهيم ( ع ) كان أول من قال : وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾[الأنعام:161-163]!!

والنبي عيسى (ع) قال : يأتي من بعدي نبي إسمه (أحمد) ..مما يعني ان (الإسلام) كان يعرف منذ إنبثاق عصر الأنبياء ، وان الاديان كلها واحدة من حيث المنشأ، لكن (الإسلام) كان خاتمتها، لأنه الاكثر قدرة على صهر الروح البشرية ، والاكثر (إنفتاحا) على الأمم والشعوب، وربما أول من أرسى (عقائد الحرية) على أسس صحيحة، قبل أن يعرف العالم معنى الحريات والديمقراطيات الزائفة التي يتشدقون بها في عالم اليوم!!

هذا المقال، ليس توجها دينيا، ولا أريد أن ادخل الدين في (متاهات السياسة) ودهاليزها، لأن السياسة (تسيء) الى الدين..والى قيمه وروحه وتعكر صفوه، بل تسلبه روحه ودمه وعقله، وتفرغه من معانيه القيمة وتحوله الى كائن آخر مفترس، تنفر منه كل قيم الارض والسماء، وما أن أدخل الدين في صالونات السياسة وصفقاتها وملذاتها وبلاويها، حتى تحول الى (خرقة بالية) مملوءة بكل قاذورات الدنيا، ما ان تعصرها، حتى يتبين لك مدى ماعلق بها من أوساخ وقاذورات، أصابت الدين بإنتكاسات مريرة، وحولته الى (شعائر) و (طقوس) و(ممارسات همجية) يكاد يكون منها الدين براء!!

بل أن أن (الملحد) الان أو من إتهم بـ (الإلحاد) في توجهاته ونظرته الى الحياة، ربما هو أكثر (إيمانا) بالله ورسله من كل (المتدينين) ، وهو ربما الاكثر (مصداقية) والاكثر نبلا، والأكثر (قربا) الى الله، لانه لا يعبد (أوثانا) ولا (أصناما) بل يبحث عن (قيم ومباديء وفلسفات) ، وهو لايبحث فيما اذا كان الخالق موجودا ام لا، ولكنه (يكفر) بكل ما أوتي به رجال الدين من (غلو) و(تطرف) ,(شعوذة) و (دجل) و( إنحراف) عن المثل والقيم الإنسانية السامية الأصيلة، وعن أحاديث عصماء أساءت الى الدين وشوهت قيمه وأخلاقياته دول وأجندة وكيانات لها أغراض مشبوهة ، في الإساءة لكل الأديان ، حتى أصبح (الكفر) بالأديان ، معاذ الله، هو الحالة الشائعة، بين عديد من دول العالم وشعوبها ،التي وجدت في ممارسات وشعائر وإختلاقات من هذا النوع ، أشبه بعمليات (خداع) و(تضليل) و(قشمرة) إن صح التعبير !!

والعروبة بريئة من كل تلك الممارسات، وهي من سبقت الإسلام بقرون، ولم تكن في يوما ما في (تعارض) أو (تضاد) مع الإسلام، إن لم يزدها هذا الدين بهجة وصفاء ونبلا واعترافا بالدور وبالمكانة، حتى ان الله جلت قدرته جعلها (أمة وسطا) لتكون شاهدا على الجميع، وقال جلت قدرته تعبيرا عن مكانة أمة العرب : (كنتم خير أمة أخرجت للناس)!!

لايعقل أن يشاع (الكفر) بالعروبة كما هو حال الكثيرين ممن وضعوا (غشاوة) على أعينهم وأعمتهم (الضلالة) ، وإرتضى كثيرين ان يكونوا (عبدة) للغير من الأغراب، ولا يكونوا (عونا) لبني جلدتهم ، على تجاوز صعاب الحياة وتخطي المحن، وليس من المنطقي أن (نكفر) بالعروبة، لان العروبة ليست ملكا لفيلسوف او (منظر) وهي ليست ملكا لـ (قوميين) أو (بعثيين) او حركات عربية أخرى، وهي كذلك ليست (ثوبا) نلبسه او (بدلة) نرتديها، وانما هي (روح) و(مثل) و(مباديء) و(قيم) و(أخلاقات) و(أدب) وفلسفة) و(فن) و(رقي) و(تقدم) و(نهوض) و(إرتقاء المعالي) ، ولا يعقل ان الإسلام (ينحدر) بنا قهقريا الى الوراء!!

ايها المثقفون، والنخب والكفاءات ، ومن إختارتكم الأقدار لتكونا طليعة الأمة، لاتشيعوا (الكفر) بالعروبة بين أجيالكم، لأن (العروبة) لاذنب لها في كل ماحصل على مر الدهور، بل (العيب) فينا،لأننا لم نمتثل لكل تلك الروح الصافية الرقراقة الأصيلة السمحة العذبة، ورحنا نردد مع اعدائها ومن يتربصون بنا، أنها كانت (مصيبتنا) وإن لم تدوسوا علىها وتقتلوا روحها وتجتثوا أخلاقياتها ومبادئها، فسوف (تغزو) العالم، ويكون لها (الريادة) وهكذا تكالبت علينا كل الأمم لتحولنا الى خانعين أذلاء نقدم لهم القرابين، وقشمرونا بديمقراطيات لاتقدم ولاتؤخر، إن لم تعد على أجيالنا ومجتمعاتنا بويلات، ومصائب ونكبات ومحن، وقسمونا الى ملل ونحل وطوائف ومذاهب ، ومازلنا منذ مئات السنين نجتر عذاباتها ونحترق بلظاها، ولم (يصحو) ضمير من حسبوا على (إخوة يوسف) أنهم بفعلتهم النكراء هذه، إنما أشاعوا الرذيلة وسادت قيم العداوة والبغضاء والاقتتال، ودخلنا عصور التحجر والظلام مرة أخرى، بعد ان كنا (منارات) للشمس أشرقنا على كل الدنيا، لنضيء سماءها وأرضها وفكرها ونهضتها، واذا بقوى الظلام تعيدنا مرة أخرى الى عهود الظلمة والإنحطاط!!

لاتكفروا بالعروبة..لأنكم ما إن تخليتم عنها وكفرتم بها ، حتى فتكت بكم ريح كل الحاقدين والأشرار ومن يضمرون لكم الضغينة والبغضاء..عودوا الى عروبتكم الصافية الأصيلة..عندها ستجدون مكانتكم..وسينبلج فجر جديد، بعون الله.. إن صدقت النيات..وأحسنت الأجيال ظنها بنفسها وقدراتها..والله على ما نقول وكيل!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here