تحليل طبيعة ومضامين شخصية الكاتب والروائي الاستاذ أمجد توفيق بشأن…

تحليل طبيعة ومضامين شخصية الكاتب والروائي الاستاذ أمجد توفيق بشأن موضوعة المثقف والسياسي

حامد شهاب

ما إن تبحر في مضامين وتوجهات وأساليب مقالات الكاتب والروائي الاستاذ أمجد توفيق في موضوعة ( العلاقة بين المثقف والسياسي ) ، وموضوعاته الفكرية الفلسفية الأخرى ، حتى تجد نفسك أمام جملة أسس من التحليل..يمكن تأشير خطواتها كالآتي:

1. يفترض بمن يريد ان يغور في أعماق مضامين وتوجهات وأساليب الكاتب الاستاذ أمجد توفيق ان لايكتفي بطريقة (تحليل المضمون) المتبعة في أغلب الدراسات والبحوث الاعلامية والنفسية والاجتماعية في عالم اليوم، لان تلك الطريقة لاتكفي وحدها لسبر أغوار الرجل او الكلمة التي يطرقها وإسلوب نظمها وترتيبها ومعانيها، لأن طريقة (تحليل المضمون) تعتمد في الغالب على (التراكم الإحصائي) للكلمات والمضامين، وهي لاتغوص في أعماق ( المكنونات) وهي تخدم توجهات البحوث التربوية والاعلامية والنفسية ، اكثر مما يمكن الاعتماد عليها في كشف خفايا الكلمة ومدلولاتها الفلسفية ، ويكاد الأمر ينطبق على موضوعة العلاقة بين المثقف والسياسي، وأغلب الرؤى والافكار والفلسفات التي يطرحها الكاتب والروائي الاستاذ أمجد توفيق بين ثنايا مقالاته وموضوعاته ، التي يعرضها على متابعيه ، وهي موضوعنا هذا الذي تركز اهتمامنا عليه، ليكون الموضوع الذي دارت حوله نقاشات موسعة ، لم يكن بمقدور الكثير منها ان يحلل أبعادها وتوجهاتها، مثلما يفهمها الكاتب، واقتصرت جوانب النقاش على (العوم) على مقربة ومنها ومحاولة فهمها، الا ان أمورا أخرى بقيت مستعصية على الفهم والاستيعاب، للاسباب التي سنشير اليها ، في نقاط لاحقة ، توضيحا للفائدة.

2. يكاد منهج (الإستقراء والاستنباط) وقراءة ما بين السطور ، هو الأقرب الى لغة التحليل المعمق للمضامين والدلالات والتوجهات التي تتضمنها محاور مقالات الكاتب،وبخاصة رؤيته لأوجه الصراع والاضطراب والتوتر في العلاقة بين المثقف والسياسي ، وربما كنت الوحيد من تابع الرجل بعمق وبتحليل منطقي معمق ، أغوص في أعماق بحاره، ومحيطاته، وتكاد سفينتي تغرقني من شدة أهوال الرحلة، لكن الخالق جلت قدرته منحني القدرة على اعادة مجاذفيها ومحركاتها ، لكي أعيد لها (حالة التوازن) ليكون بمقدوري تخطي (مرحلة الدوار) ، وأعود الى رشدي ، أبحر في ثنايا الكلمة، حتى إستخرج منها ، ما يفيد (التحليل النفسي والاعلامي) الكثير ، وهي فرصة أحاول بها التقاط أنفاسي كلما شعرت بالتعب والأعياء ، لكي أتغلب على صعوبات الرحلة وإبحارها الصعب، وحتى تكون لتلك الرحلة قيمة كبرى تخدم الهدف النبيل الذي أسعى اليه، في أن أكون ( باحثا) عن مكنونات الأشياء وتحليل أسرارها وفتح أسرار طلاسمها، بعد ان أكون قد أجدت إستخدام أدواتي المتعددة في التحليل، حتى لاتفوتني فرصة استقراء الأشياء الثمينة، وكي إستخرج منها، طعاما لذيذا شهيا يكون بمقدور كل متذوق ان ينهل منه ليشع نهمه.

3. إن الصعوبة التي تواجه أي محلل اعلامي او نفسي او اجتماعي لمفردات الكاتب والروائي الاستاذ أمجد توفيق انه يستخدم طرائق شتى لصقل الكلمة ، فهو يفضل طريقة (شوي الكلمة على نار هادئة) ويبتعد قدر الامكان عن طريقة (السلق) للكلمة ، لانها لاتكفي لجعل الكلمة مستساغة الطعم، ويجد في طريقة ( الشوي) أنها تعطي للحم طعمه اللذيذ تخلصه من الكثير مما علق بها من فطريات وشوائب مضرة، حتى تبدو ( رائحة التكة والكباب) واضحة في (شوي) كلماته ، على طريقة (صنع القلائد) و (السبائك الذهبية) بعد ان يطرقها جيدا على نار متقدة، ويستخرج منها سبائك ذهب وفضة ولآليء يعيد صياغتها على شكل (قلائد) تسحرك بلمعانها ونوع الذهب والمعادن التي يإستخدمها لإظهارها بتلك الطريقة الجمالية الساحرة، وتبدو وكأنها صنعت لمن يبحثن عن الجمال والشهرة والمكانة ، فيجدن في قلائد الرجل ما يشبع نهمهن الى إغراء من يهوى (أوسمة النجومية) وهي تلمع بخيوط الذهب الخالص ويزيدها بريقا طريقة الترتيب المنطقي لحبيباتها وترتيب ليراتها التي تسحرك هي الأخرى ، بنضدها وتنسيق طريقة عرضها لتبدو وكأنها ( تاج مرصع بالياقوت والذهب الخالص) ، وهكذا هي طبيعة ( السلعة الغالية الثمن) التي يطرحها في سوق الكلمة ، فيبقى ثمنها غاليا ، والطلب عليها في أشده، بعد أن أتقن طريقة صنعها..وهذه مهمة من يلهث وراء إكتشاف تلك الجواهر الثمينة النادرة ، وهي مهمة شاقة وصعبة، ليس من السهولة سبر أغوارها ، الا لمن خبر العوم في أعماق المكنونات ، وأتمنى لو كنت موفقا في عرض طريقة (صناعة الكلمة) لدى الكاتب الاستاذ أمجد توفيق.

4. الموضوعات التي يطرقها الكاتب والروائي الاستاذ أمجد توفيق ، سواء في موضوعة (المثقف والسياسي) او غيرها من أعماله الأدبية والثقافية والفلسفية ، جديدة في مضامينها ولغتها وخطابها، وهو لايستخدم طريقة ( السهل الممتنع) في الكتابة ، لكنه يختار الكلمة الرشيقة والعمود المرتبة كلماته ، وفق ترتيب منطقي، لايقبل بمبدأ ( المساومة) أو ( الميل العاطفي) ويبتعد عن الانحياز ويظهر لغة الحياد، لكنه يكسو الكلمة بطعم طيب المذاق ، ويضيف لها بهارات ومقبلات، لكنه لايكثر منها حتى لاتبدو كلمته على انها (مصطنعة) أو شابها (التكلف) في الصنعة، لكنه يبقى يحافظ على (رشاقة الكلمة) مثل غانية فاتنة القوام تريد إثارة الآخرين ، لكنه يختلف عن هدف تلك الغانية بأنه حين يستدرجهم للاثارة لايهدف الى إثارة غرائزهم الرخيصة، بل إثارة عقولهم وافئدتهم ، لترتقي الى حجم الكلمة والى مقامها وقوامها، ويظهرها ، وهي فاتنة تستحق التمعن ، في روعة رشاقتها وشعرها المتدلي وعينيها الساحرتين وخصرها وطول قدميها او البدلات الأنيقة التي ترتديها ونوع القلائد التي تزين بها صدرها ورقبتها الطويلة ، حتى تبدو وكانها (ملكة ) أحد الممالك الكبيرة، من تلك المحسوبة على القوى الكبرى التي تهابها الدول وتحترمها الشعوب، وتقدم لها الطاعات وتعامل باحترام كبير يليق بمقامها.

5. عقل الرجل مدبب ، مثل كلماته ولغته، يجيد نحت الكلمة حتى وان كانت من الحجر الصوان، ليستخرج منها معان ودلالات تخدم الآخرين، وتكون جديدة في مدلالوتها وفهمها، وهو يعمل على (تفكيك الأشياء) ويعيد ترتيبها وصقلها وعرضها بطريقة (مغرية) تفتح شهية المتطلعين الى الجمال والى الكمال، لكي يرتشفوا منها مايروي عطشهم ، وما يغني لغتهم ، ويبقى على الدوام (مصنعا للافكار) ومعملا يجيد صنع السبائك ، ليرتقي بصناعته الى أعلى مراحل الاحتراف والصنعة، فتكون كلمته مدوية، قوية، مؤثرة، قادرة على الاثارة ، حتى وان كانت صعبة الفهم احيانا، الا ان المتعمن المتمكن من نفسه قادر ان يقترب منه، وينهل من روائعه ، ما يحولك الى إنسان فاعل ، يبحث عن الرقي وتسلق معالم الذرى، وهي سمات في كل رجل صادق مع نفسه ومع ذاته وقد صقلته التجارب والمحن، لتجعل منه الحياة، منبعا للرؤى والافكار والتوجهات غير المطروقة، ما ترتقي بالرجل الى منازل رفيعة، يحسده عليه الكثيرون.
هذه بإختصار أبرز سمات التحليل التي سبرنا أغوارها للدخول على عوالم الرجل، علنا نجد انفسنا وقد إقتربنا من طريقة عرضه للرؤى والافكار والفلسفات ، ولديه من السفر الروائي والمقالات والمؤلفات الخاصة التي أثارها على أكثر من صعيد وبعضها لم يظهرها الى العلن،، مايؤكد هذه الحقائق ، وهو ان الرجل صعب المراس، لكنه بسيط في التعامل مع الآخرين ، مع من يجد فيهم انهم بشر يستحقون الاحترام، مهما كانت منازلهم، كبيرة او صغيرة، فالقياس لديه مكانة الانسان، وكلما كان المرأ محترما لنفسه ولدوره، فان له مكانة في نفس الكاتب أمجد توفيق، لكن البعض ممن لايفهم طبيعته وتوجهاته، يتهمه بـ (التعالي) و (النرجسية) ..وهي وان كانت صفات ليست (سلبية) في كل الاحوال، لكنه يريد ان يبقي على (مسافة) مع الآخرين، ليس بمقدورهم الاقتراب منها..وهذه هي خصال الانسان والروائي والكاتب الاستاذ أمجد توفيق، عسى ان نكون قد وفقنا في عرض جوانب مهمة منها، ويبقى الرجل، صعب المراس، لكنه يبقى انسانا طيب القلب وكريما عزيز النفس، وهي خصال من ارتضوا ان تكون الرجولة سماتهم والمنبت الطيب منبعهم، والطيبة من أخلاقهم ، والثقافة العالية سمتهم، وهي من توصلهم الى أعالي القمم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here