يذهب البارزاني وجماعته الى الاستفتاء فتقابله حكومة بغداد وكذلك البرلمان الاتحادي بمواقف غامضه وتصريحات مبتوره ….
اذا كان اعلان الاستفتاء عملا غير دستوري ” وهو فعلا كذلك ” فيتعّين على الحكومة والبرلمان وكذلك السلطة القضائيه القيام بعمل محدد وواضح والتزام موقف صريح ومعلن . استنادا الى الدستور نفسه ، بتوجيه الاتهام بالخرق الدستوري الى السيد البارزاني والجهات التي تؤازره ، وتبيان آثار ذلك على الوحدة الوطنيه والسلم الاهلي ، عبر الادعاء العام والمحكمة الاتحادية ، وكذلك التوجه الى الدول عبر الخارجيه برفض الحكومة والبرلمان لهذا الاجراء اللا دستوري ونتائجه والتحذير من مغبة التعاطي مع تلك النتائج . .
اما اذا كانت اطراف الحكومه والبرلمان ، ترى فيه عملا ينسجم وروح الدستور الحالي ،على الاقل ، وليس بالضرورة نصّه . وهم يتوافقون عليه مع البارزاني ، فيتعين ان يتحلوا بالشجاعة ويوضحوا ذلك ويبينوا مسوغاته وفائدته لكل من الاقليم والمركز ولمستقبل العراقيين عربا واكرادا واقليات ، عبر موقف واضح وصريح ومعلن ، محددين المقصود بالأقليم وحدوده وسكانه ، لا استنادا الى واقع القّوة والغلبه الحالي وانما الى حقائق التاريخ وكافة الوثائق المعتمده اداريا قبل 2003 و ويدعون في ذات الوقت الى استفتاء عراقي شامل ليس على الموقف من الاتحاد الفيدرالي وانما على طبيعته وآلياته وكذلك على الدستور وكل ما ترتب عليه …..
ان الحكومه الاتحاديه والبرلمان وكذلك السلطه التشريعيه هي هيئات مسؤولة عن سلامة ووحدة الاراضي العراقيه ، ووحدة الشعب العراقي وامنه وسلمه الاهلي ، وكذلك عن انفاذ الدستور وإعمال نصوصه ف ونصوص القوانين النافذه في كافة الاراضي العراقية، وحسب الدستور نفسه ….
ان طمس الرؤوس في الرمال ، وتجاهل خطورة المسأله ومواجهتها على استحياء هو موقف لا ينم عن التواطؤ او الخوف والهرب من تحمل المسؤولية التاريخيه فحسب بل وربما يرقى الى مصاف الخيانه الوطنيه والتحريض على العنف….
ان البارزاني وجماعته لا يتحملون وحدهم مسؤولية ما ستؤول اليه الاوضاع بل ويتحملها معهم كل من يسهم بالسكوت والاغضاء او تجنب اتخاذ موقف واضح او اجراء قانوني ملزم ….
كذلك فأن اللجوء الى التحريض ضد ابناء شعبنا الكردي ، في الوسط والجنوب ، بسبب الاستفتاء المزمع ، والتي صرح بها ودعا اليها البعض من الساسة او الاعلاميين لا تنم عن حرص ولا تعبر عن حس بالمسؤولية وهي ترقى كذلك الى الدعوة الى اقلاق السلم المجتمعي والحّث على العنف والارهاب وأخذ الابرياء بجريرة غير الابرياء ، وهي لا تخدم قضية وحدة العراق ارضا وشعبا ، تلك الوحدة التي يجب صيانتها وتعميقها والدفاع عنها ، ابدا ، عبر الديمقراطية الحقيقة والمواطنه العراقيه على قاعدة المساواة التامه في الحقوق والواجبات ، وانما تمثل خير هدية للعنصريين والشوفينيين من الكرد والعرب وغيرهم لكي يواصلوا تعميق الكراهية ويجدون لدعواتهم آذانا صاغية ….
ان تساؤلات مشروعة وشكوكا مبرره ، تدور في اذهان الكثيرين من الوطنيين والديمقراطيين العراقيين ، من العرب والاكراد وابناء القوميات الاخرى ، ممن دافعوا باستمرار عن قضية الديمقراطية والتقدم والوحدة في العراق ، حول ما اذا كان الهدف ، سواءا من الدعوة الى الاستفتاء او تجاهلها والموقف المائع ازاءها ، او التحريضات ودعاوى العنف هنا او هناك ، والمتزامنه مع تحريضات اسرائيليه ، رسميه وغير رسميه ،مقصوده وموّجهة وباللغتين العربيه والكرديه ،هو مؤامره تشارك فيها كل هذه الاطراف للهروب من فشلها الذريع ، عبر سنوات العملية السياسية ، لاقتياد الشعب العراقي كله الى اتون محرقة جديدة !
عارف معروف