كان بؤرة نشطة جدا ً للشباب المتنور في بغداد ، و الكاظمية ، سياسيا ً ، و ثفافيا ً و اجتماعيا ً ..
كان إمام الجامع المرحوم السيد إسماعيل السيد حيدر الصدر ، الأخ الأكبرللشهيد السيد محمد باقر السيد حيدر الصدر ، و كان ممثلا ً للمرجعية الدينية في النجف الأشرف ، ممثلة بالمرجع الراحل السيد محسن الحكيم ، المرجعية الوحيدة الكبرى في ذلك الزمان.
كانت اللجنة تمارس نشاطات ٍعدة ، كمساعدة المحتاجين ، و إقامة الإحتفالات الجماهيرية ، و توزيع الكتب و النشرات …و كان تستثمر المناسبات الدينية ، و الإجتماعية ، لنشر الأفكار التنويرية ، و جمع الشباب من أجل دفعهم ، و إشراكهم في المجتمع .. و محاربة حزب البعث الدكتاتوري ، عندما وصل للحكم بإنقلاب عسكري مدعوم من الغرب عام 1963 …
كنت طالبا ً في جامعة بغداد ، و معي في اللجنة الشهيد جواد الزبيدي ، عضو حزب الدعوة الإسلامية في العراق ، و آخرون .. و قسم منهم هاجر ، و اعتقل ، و آخرون أستشهدوا .
و بالرغم من أنني من ( الرعيل الأول) لهذا الحزب كما ذكر ذلك الدكتور علي المؤمن في بحثه المستفيض ( حقائق و مفارقات حول بدايات حزب الدعوة الإسلامية : العنصر البشري نموذجا ً ) حيث ذكر أن أربعة من عائلة الحكيم كانوا من رواد هذا الحزب الأوائل .. و تركوا الحزب في أوائل أيامه .. كذلك ، و ذكر إسمي , و أسماء الشهداء الثلاثة الآخرين من العائلة ، و هم الإخوة : الشهيد السيد مهدي السيد محسن الحكيم ( صاحب فكرة حزب الدعوة .. الدكتور المؤمن ) ، و الشهيد السيد محمد باقر السيد محسن الحكيم ، و الشهيد السيد علاء الدين السيد محسن الحكيم ، … و الحديث عن هذا الموضوع ربما يحتاج إلى مقال آخر…
قربت ذكرى عيد الغدر الأغر ، في شهر ذي الحجة ، من عام 1964 …
اقترح السيد الصدر اقامة أحتفال ٍ جماهيري كبير ٍ ، تُدعى له شخصيات و وجوه المجتمع العراقي .. فأقرت اللجنة الثقافية الإقتراح ، باعتبارها الجهة المختصة بذلك ، و تم جمع بعض الأموال البسيطة ، و أتذكر أن من جملة الذين ذهبنا إليه لمساعدتنا ، و نحن فقراء ، و طلاب جامعة ، هو المرحوم المعتقل أيام صدام ، السيد جعفر السيد محمد علي شبر ( و قد ترجمته في الصفحة 1777 من الجزء الثالث من موسوعتي : ( موسوعة عن قتل مراجع الدين و علماء و طلاب الحوزة الدينية لشيعة بلد المقابر الجماعية : “العراق ” ) فتبرع بشراء الحلويات ..
الحقيقة إن عملية جمع التبرعات لم يكن الهدف الأساس منها هو جمع المال ، و لكن لإشراك الجميع من العلماء و المثقفين ، ليكون الإحتفال من مسؤولية و ترحيب الجميع..
طلب مني السيد إسماعيل الصدر .. أن أنظم قصيدة بالمناسبة .. فوافقت بشرط ..
– فسأل و ما هو ؟
– قلت أن توجه الدعوة ، و يحضر أخوه ، الشهيد السيد محمد باقر الصدر إحتفالنا هذا .
– تفاجأ سماحته و الحضور ..و أصررت على ذلك ، و أنا رئيس اللجنة ، و العنصر الفعال في الوسط ..
– قال نفكر في ذلك ..
– و مرت أيام و لم نحصل على جواب.. حتى يوم الإحتفال ، و كان الحضور ُ من كثير من مدن العراق ..هائلا ً … حيث وقف الناس في الشارع ، و امتلأت ساحة الشوصة المشهورة في الكاظمية و غصت بهم ..
– و فعلا حضر الشهيد السيد محمد باقر الصدر .. ( ترجمته في الموسوعة أعلاه) ، و كان مستهل قصيدتي التي ألقيتها في تلك المناسبة الرائعة :
عِيد َ الغدير ِ أعِرنِي مِنْك َ تبيانا ++++ لِكَي أقُول َ فأ ُسْدي اللّحْن َ جَذلانا …
و كان الشهيد الصدر جالسا ً في الصف الأخير من الإحتفال ، على الأرض ، و ليس على كرسي ، ( هل هو تواضع ؟ ) مع أن الحضور كانوا على الكراسي التي اكتض بها مكان الحفل ..
و أثناء قراءة القصيدة ، البسيطة ، و انا طالب، كما أسلفت ُ..
توجهت له ، و أشرت بيدي مباشرة له ..
و أظن انها الحالة الفريدة التي يواجهها ، في مثل هذاالحال …
قلت مخاطبا ً له :
و أنت َ يا باقِر َ الصّدرِ نِبْراس ٌ و مَدرسة ٌ ++++ تَبني الخُلود َ و أعْظِم فِيه بُنيانا
و في ( اقتصادك ِ) آراء ٌ وَ ( فَلسَفَة ٌ ) +++ فِيها السُمُو ُ ، و أنعِم فِيك َ إِنْسَانا … إشارة لكتابيَه الشهـــــــيرين :
(إقتصادِنا ) و (فلسفِتنا) ،
كان الغرض إلفات نظر الشباب و الحاضرين لهذين الكتابين المهمين ، يوم لم تكن هناك وسائل النشر ، و لا صفحات التواصل الإجتماعي ، كما هو الحال الحاضر ، عدا بعض الصحف التي تخضع للسلطة الغاشمة ، فتعتم على ما يكتبه يراع هذا الفيلسوف الخالد ، و يُعدم فيما بعد ، بينما يُقام له تمثال ٌ في روسيا الإتحادية .. فيا للمفارقة المدهشة …
و بعد الإحتفال ألتقطت هذه الصورة التاريخية ، و التي يظهر فيها أخي السيد هادي السيد جواد الحكيم ، ( ترجمته في الموسوعة المذكورة أعلاه) بين الصدرين ، و هو الذي أعتقل أيام صدام ، و هو أول شخصية في تاريخ العراق …. فُرضت عليه الإقامة ُ الجبرية ُفي بيته في محلة الشيخ بشار في بغداد ، قبل فرض الإقامة الإجبارية على الشهيد السيد محمد باقر الصدر ، ، و يظهر في الصورة من الجانب الأيسر ، الصديق ، الشهيد المفقود ، ساكن إحدى المقابر الجماعية في العراق : السيد حيدر السيد إسماعيل الصدر الذي اختطفته السلطة ُ الصدامية الغاشمة ، و لم يُعرف له قبر ٌ .. ، كما يظهر بين السيد الصدر و السيد الحكيم من الخلف : السيد حسين السيد إسماعيل الصدر( ترجمته في الموسوعة المذكورة أعلاه) … كما يظهر في الصورة المرحومان السيد علي الهاشمي ، و الشيخ مهدي النمدي …
و في أقصى اليمين الخطيب السيد علي العلوي ، الذي إعتقلته السلطة الصدامية الغاشمة ، و سفرته إلى إيران، فعاش بحال أفضل .. البقية تأتي .
الدكتور صاحب الحكيم عيد الغدير 1438 هج . أيلول 2017 .