شبعاد: حقوق للزواج .. غير محفوظة !

فــرح ســالــم

لم تكن سارة الصغيرة قد أتمت عامها الرابع عشر حين أبلغتها والدتها بموضوع خطبتها التي ستتم بعد عدة أيام على ابن خالها الذي يكبرها بعشر سنوات .
الزواج بطبيعة الحال وبحكم البيئة الاجتماعية للعائلة تم بالطريقة التقليدية الشرعية دون اللجوء الى تصديقه في المحكمة بسبب عمر سارة الصغير الذي تعتبر فيه قاصراَ بحسب القانون العراقي.
الى هنا لم تنته الحكاية قطعاَ , بل استمرت وأضيفت اليها وجوه جديدة تمثلت في أطفال ثلاثة رزقت بهم سارة بعد خمس سنوات , أي بعد أن أتمت عامها التاسع عشر , ذلك السن الذي يؤهلها لان تكون طالبة في المرحلة الأولى من الجامعة, لكنها وبمباركة ذويها التحقت بركب الجهلة والأميين بدلاَ عن اتخاذ مسلك آخر..
زواج سارة بقي مستمراَ لسنوات, إلا أنها طالبت بالطلاق لأكثر من مرة , لكن كيف يتم ذلك ولا وثائق تثبت زواجها او حتى بنوة أطفالها؟
لذا فقد استسلمت للدور الذي رسمته لها الأقدار, دور الأم التي باتت مسؤولة عن تنشئة أطفالها بعيداَ عن قهر الزوج , لان هذا هو دور الأم الحقيقي بحسب العرف والمجتمع -ترى هل كانت سارة أماً فعلاَ؟ ام شقيقة لأطفالها؟-
كنت أعرفها شخصياَ , أعرفها لأنها كانت صديقتي منذ المرحلة الابتدائية وصولاَ الى المتوسطة, سارة التي تناهبتها مخالب القسوة مبكراَ, توفيت إثر حادث حرق لا أعلم ان كان متعمداَ من قبلها ام لا , كل ما كنت اعرفه أنها غادرت هذه الحياة يائسة تاركة خلفها ثلاثة أطفال أميين , لا مستقبل واضحا أمامهم, وزوجاَ ما لبث ان قلب صفحة تلك الطفلة الصغيرة بسرعة وهمّ بالبحث عن صفحة أخرى تضم شريكة جديدة , او ضحية جديدة.
سارة تمثل قصة واحدة من آلاف القصص التي تتحدث عن قهر الفتيات في عمر مبكر, عمر هو أشبه بمرحلة تفتح براعم الزهرة وإقبالها على الحياة , عمر يكون فيه الأبوان هما البوصلة الحقيقية للخيارات المتاحة , وصمام الأمان الوحيد الذي يضمن كتابة قصة هذه الطفلة بحروف من فرح.
كيف يمكن لسارة ان تعرف حقوقها وهي في سن لا زالت تبحث فيه عن أصباغ للرسم في دفترها, وعن عدة لخياطة ثوب الدمية , كيف يمكن لها ان تميز حقيقة الفرق بين الزواج الموثق في محكمة وبين زواج عادي يضمن للزوج حقوقه الكاملة , بينما يفترض بها ان توافق على دور المتفرج بكل ممنونية ؟
لا يمكن اختزال مشكلة زواج القاصرات او الزواج خارج المحكمة في أسطر قليلة , فهي قضية أكبر من أن تختزل او يسلط عليها الضوء في عمود صحافي او مؤتمر او ندوة, هي قضية بحاجة الى مطالبات حقيقية وبأصوات تمثل مراكز القرار في الدولة , وبكافة سلطاتها التشريعية والتنفيذية , فنحن جميعاَ مسؤولون عن جيل كامل انتهى دوره , اضافة الى جيل لاحق سيظهر بعد سنوات من الآن بشكل جماعات أمية, جاهلة بحقوقها , وتسعى ربما في وقت معين لإيجاد وثائق تثبت شرعية وجودها في هذه الحياة.
إنها دعوة باسم سارة.. ورفيقات سارة من السابقات واللاحقات.
[email protected]
متابعة صوت العراق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here