تهديم القبور .. بين البدعة وبين السنة

من المؤكد أن الباحث أو الفقيه الذي يدعي الانتساب للإسلام لا بد له من سلوك طريق صحيح في عملية الاستدلال الفقهي لكي تكون النتائج التي تخرج من هذا الاستدلال صحيحة مبنية على أسس شرعية وعقلية توافق العقل البشري حتى ينظر العالم أن نظريات وتطبيقات الاسلام على أنها توافق التفكير العقلي السليم الخالي من الشوائب والخزعبلات الفكرية التي تطرح هنا وهناك من فئات ضالة ومضلة غايتها التشويش والنيل من الدين السماوي دين الله (عزوجل) وما طرحه أبناء الخط التكفيري الداعشي المستبد حول قضية زيارة القبور وأن أصحابها لا يضرون ولا ينفعون ما هو إلا أمر منحرف وبعيد عن الواقع وقد أشار لذلك سماحة المحقق الصرخي الحسني حين ذكر ( أن
استدلال النفع والضرر بخصوص تهديم القبورهو استدلال باطل ، قتل أنبياء قتل أئمة لماذا لم يدفعوا عن أنفسهم ؟ ، اعتدي على الله ويُشرك بالله علناً في كل العالم ، عبدة شيطان يكفرون بالله سبحانه وتعالى لماذا لم ينتفض الله ؟ ، أيضاً هذا دليلك هو دليل شيطان ، لأنّك تعطي لعبدة الشيطان للمنحرفين للضالين أن يحتجّ عليك ويكفر بالله ، ويقول لك إذا كان الله يضر وينفع ، إذا وجِد الله ليفعل بي ما يفعل، ليقتلني الآن ليميتني الآن ، كم من الكافرين والفسقة يُنكر وجود الله بهذه الحجة ؟! هل هذه حجة ؟؟ هذه سفسطة هذا فراغ هذا بطلان ) .
مقتبس من المحاضرة الثانية والثلاثين ضمن سلسلة محاضرات تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي.
السيد الصرخي الحسني (دام ظله)
4/ 1/ 2015م
ويستدل اصحاب الفكر المنحرف بقضية هدم القبور على هذا الرواية ((أمّا البناء على القبور فهو ممنوع إجماعاً، لصحة الأحاديث الواردة في منعه، ولذا أفتى كثير من العلماء بوجوب هدمه، مستندين بحديث علىّ (رضي اللّه عنه) أنّه قال لأبي الهياج:
«ألا ابعثك على ما بعثني عليه رسول اللّه، أن لا تدع تمثالا إلاّ طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلاّ سويته»(۳) .
فأخذ هؤلاء القوم الحجة على الرغم من أن هذا الحديث ضيف سنداً لوجود كثير من الرجال الذين هم ضعفاء وغير مأخوذ بهم في علم الرجال وهذا هو أصل الحديث((روى مسلم في صحيحه قال: حدّثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن الحرب، قال يحيى: أخبرنا، وقال الآخران: حدّثنا وكيع عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي عليّ بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله.. أن لا تدع تمثالاً إلاّ طمسته ولا قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته(1).
وقد استعمل في المعنى الثاني أي فيما يكون وصفاً للشيء بلا علاقة له بشيء آخر فيكتفي بمفعول واحد، قال سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} (الأعلى/2)، وقال سبحانه: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} (القيامة/4)، وقال سبحانه: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (الحجر/29)، ففي جميع هذه الموارد يراد من التسوية كونها وصفاً للشيء بما هو هو، وهو فيها كناية عن كمال الخلقة بعيدة عن النقص والاعوجاج.
هذا هو مفهوم اللفظ لغةً، وهلمّ معي ندرس الحديث وأنّه ينطبق مع أيٍّ من المعنيين.
نلاحظ أنّه تعدّى إلى مفهوم واحد، ولم يقترن بالباء، فهو آية أنّ المراد هو المعنى الثاني، وهو تسطيح الأرض في مقابل تسنيمه، وبسطه في مقابل اعوجاجه لا مساواته مع الأرض، وإلاّ كان عليه (عليه السلام) أن يقول: سوّيته بالأرض، ولم يكتف بقوله سوّيته.
أضف إلى ذلك أنّ ما ذكرناه هو الذي فهمه شرّاح الحديث ويكون دليلا على أنّ التسطيح سنّة والتسنيم بدعة وأمر عليّ (عليه السلام) أن تكافح هذه البدعة ويسطّح كلّ قبر مسنّم، وإليك ذكر نصوصهم:
قال القرطبي في تفسير الحديث: قال علماؤنا: ظاهر حديث أبي الهياج منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون واطئة(1).

نعيم حرب السومري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here