لماذا كل هذا التهجم على الكورد ؟

عماد علي
لقد استوضح في الايام القليلة الماضية ان السياسيين العراقيين بما فيهم من المثقفين و بعض من الموتورين ومن ازلام النظام السابق الذين دخلوا العملية السياسية و لهم القوة التي يمكن ان يفرضوا ارادتهم بشكل و اخر على القيادات المتنفذة، متسغلين اصوات الشعب كاحد جوانب السلبي للديموقراطية في غض الطرف عن هؤلاء، عدا من هو تابع للجوار و لا يتحرك خطوة بعيدا عن اوامرهم و مصالحهم التي تكون في اكثرها بعيدا عن ما يهم مستقبل العراق و الشعب العراقي . ان كانت ايران استغلت المذهب في الحفاظ على القومية الفارسية طوال تاريخها، فان من يتبع سياسيات ايران من عرب العراق و دقق فيما يفعلونه في وضح النهار فيتاكد بانها ضد قوميته و عرقه سواء علم به او لم يعلم، فان التاريخ يؤكد لنا ماذا حدث منذ الغزوات و الفتوحات و مجيء الخلافات و من ثم العصور المختلفة من الاموية الى العباسية و ما جرى في ثنايا عروش السلاطين الى الامبراطورية العثمانية و الصراع المديد من اجل فرض هيمنة الذات على الاخر وفق ما تلائم مع المراحل المتتالية المختلفة في المنطقة هذه .
اننا الان نعيش في القرن الحادي و العشرين و ما جلب معه من التغييرات التي نلمسها على الارض، اليس من المفروض ان يعتمد هؤلاء على ما سيفرضه العصر، فهل يعلم هؤلاء ان المصالح العالمية تفرض سياسات ربما تكون لصالحهم مؤقتا في ايامها الا انهم سوف يبقون فيما هم فيه من غصتهم نتيجة التغيير الذي يحصل و من ثم ينفذ الاخرون ما يريدون لتحقيق مرامهم وعلى حسابهم و عليه الخاسر هم شعوب المنطقة و المكونات العراقية في مقدمتهم، و الا فهل امريكا او روسيا او حتى دول المنطقة هم من دفعوا فاتورة داعش ام هذه الشعوب المغلوبة على امرها جراء ما فعله داعش و حرق الاخضر و اليابس . ادارة الصراع اليوم تختلف عن ما كانت عليه ابان الحرب الباردة و الشعوب او بالاحرى القادة الجدد تخلفوا عن معرفة ما يجري و هذا ما تستغله الراسمالية العالمية لصرف سلعه و في مقمدتها الاسلحة و الشعوب هي من تدفع الفاتورة الصعبة جراء الفقر المدقع المنتشر في بلاد البترول و كيف يستغلون الاوضاع لسحب الدولارات الى مكان ما جاءت منها، و كما شاهدنا في السعودية و غدا سيحصل في العراق على الرغم من ارتفاع اسعار النفط طال العقود.
من البديهي ان تستغل امريكا الوضع الحالي في المنطقة و تتعامل مع الموجود بناءا على ما تدير به صراعها مع الاخرين و تضع التوازن في المعادلة السياسية على حساب حقوق المنطقة من اجل ضمان مصالحها البعيدة المدى، وكانت كذلك في كل مراحل تاريخها، ودورها في اتفاقية الجزائر و دور كيسنجر لازال في الاذهان فلم يكن من اجل عيون الدكتاتورية في حينه بقدر مصالحهم و من كان يواليهم في حينه، و ربما اليوم يؤدي ماككَورك الدور ذاته، من اجل فرض اتفاقية اخرى بشكل هاديء و بمراحل, و خططت امريكا لها بشكل مدقن و ربما ستكون سعوبضحية ما يجري .
اننا ربما لا نتعجب من توجهات القوى المصلحية و لكن تسغرب من عدم فهم و اعتبار القادة و الاحزاب العراقية من التاريخ، افلا يتذكرون بان العراق قد خسر نصف شط العرب و بخط تالوك المرسوم مع اراضي بمساحة تقريبا نصف لبنان لايران، الم يهب الدكتاتور ارضا الى الاردن و خسر كل ما كان يمتلكه العراق من الاحتياطي المالي مع ما وضع البلد في حال و هو يان تحت ثقل الديون الى ان دخل الكويت, و كل ذلك جاء نتيجة القضية الكوردية و عدم حلها و الثورات التي اندلعت و فرض الاخرون على العراق هضم حقوق الكورد من اجل بقاء المشكلة مستديمة كما فعلوها منذ تاسيس الدولة العراقية و معاهدة سايكس بيكو و تقسيم الكورد على الدول الاربع . فهل يفكر القادة في ساعتهم فقط و في اطار ما يؤمنون من العقيدة و الفكر الضيق الافق و منه البالي الذي يصر الاستعمار الجديد على بقاءه قبل هؤلاء، فهل امريكا تريد مصلحة العراق عندما تريد منع الاستفتاء عن كوردستان، ام تريد لقمة و كعكة اكبر من حصة روسيا و المحور الاخر. هل من مصلحة الشعب العراقي ان تئن اجيال اخرى نتيجة معاناتهم من اشعال فتنة عرقية كما حصلت فتنة مذهبية طوال العقد و النصف و هي مستمرة لحد اليوم . فهل تريد ايران مصلحة العراق اكثر من اصحاب البلد انفسهم ام لا تساوي كافة مكونات الشعب العراقي ذرة تراب عند فرد فارسي، و هكذا لتركيا و العرق التركي . انهم استغلوا الاسلام بطرق شتى و في مقدمتها المذهب من اجل بقائهم على راس المنطقة، و اليوم يستغلون العرق في سبيل بقاء سطوتهم و يضمنون مصالحهم على حساب الشعب العراقي بجميع مكوناته .
المحزن في الامر ان القادة العراقين الجدد المستندين على الدين و العقيدة لا يتذكرون ما حصل بالامس القريب و لا يخرجون من الاطار الفكري العقيدي المحدد، و لم يكتسبوا ما هو الملائم للشعب العراقي و الانسانية جمعاء ايضا، بل بقوا على حالتهم المتزمتة كما كانت اجدادهم عليه منذ عقود . اما الصراع السياسي الدائر، فهو في ادنى مستوياته، فان المصلحة الحزبية الكتلوية الشخصية هي الحاكم و الفصل الحاسم لاداء كل منهم، فانهم يوغلون في متاهات سياسية حتى داخل الحزب الواحد، و يسيرون منذ سقوط الدكتاتورية على المزايدات الحزبية من اجل نيل مقعد هنا و منصب هناك . و لم يفكروا في امر الشعب و ما يحصل له في المستقبل القريب و البعيد، و اصبحوا اداة بيد بقايا الامبراطوريات الساسانية و العثمانية و المصلح العالمية و صراع القوى من الاقطاب التي تداخلت و لم يحلل اي منهم ما تفرضه المعادلات المتشابكة المعقدة، و هم غارقون في وحل الحزبية و المصلحة الشخصية، و لم ينظروا الى ما نصل اليه حتى غدا . و ينفذون ما يخطط له هؤلاء الذين اتوا من باقي صقاع العالم بحذافيره سواء علموا او لم يعلموا بهذا .
فهل من المعقول ان يعيد هؤلاء ما حصل بالامس و لم يفكروا في الامر مليا، هل الشعب العراقي و ما الموجود في المنطقة هكذا هو و لا يمكن ان يتغير، و عليه يسهلون امر الاخر و هو يلعب بحرية و يستغل و ينفذ ما يريد ببساطة . فهل من المعقول ان يعيد هؤلاء ما فعله من كانوا يعتبروه عدوهم في التعامل مع الاخر، انه تاريخ قريب و بائن للعيان، و لا يمكن ان يكون القائد قائدا اذا لم يتذكر ما حصل في حياته، و لم تحصل كل هذه القضايا في وقت يمكن ان نعتبره تاريخا بعيدا و يمكن ان يكون قيد النسيان . فهل من المعقول ان لم يشهد العراق و المنطقة قائدا تاريخيا يمكنه ان يتعامل مع الموجود بتوجهات و افعال استراتيجية عصرية وليس تكرارا لما حصل من قبل، اليوم اثبت هؤلاء انهم حتى اكثر شراسة و عداوة من ما كان قبلهم، لانهم يخضعون للاخر الاجنبي و صاحب الفضل عليهم، و هذه هي الماسآة بعينها .
انهم قادة الصدفة و الارضية لم تتغير من التعصب العرقي المذهبي، انهم اصحاب نفسيات تحس بالنقص ازاء الاخرين، لم يصدقوا ما وصلوا اليه، و ليس لهم عمق تاريخي سياسي يمكن ان يتعاملوا مع المواضيع و القضايا بعقليات ستراتجية صحيحة مدركة لما يجري . و عليه يجب ان لا نتعجب من الخطوات و الاقوال و التصريحات و الافعال الصبيانية و الكلمات البذيئة من هؤلاء الذين انفلقوا من فوضى العملية العسكرية التي نفذتها امريكا بدقة في العراق و المنطقة التي اختارتها بشكل دقيق . و الا يجب ان يسالوا لماذا تصر دول العالم على الوقوف ضد امنيات شعب كان ضحية عدم وضع الحجر الاساس بشكل صحيح لهذا البلد، فهل يحبون ويقدرون الشعب العراقي و الحكومة العراقية و مستقبلها ام انهم يلبعون على الحبال الكثيرة التي وقعت في ايديهم جراء الاخطاء التي ارتكبتها و ترتكبها القادة العراقيين و من اصبح مصدرا لاهدار الدماء و الاموال اكثر من الدكتاتور العراقي السابق . فهل من المعقول ان من كان حتى الامس خادما مطيعا و اخرى خادمة مطيعة للبعث و قياداته يتهجم الكورد شعبا، فهل من المعقول من نفذ عمليات ضد الكورد و الشيعة في الجنوب ان يكون احرص على مصلحتهما من الشعبين و القادة التي انبثق منهما، فهل يدلنا هؤلاء الذين اعمت عيونهم الضربات السياسية التي تلقوها نتيجة اخطائهم و خسروا و لطخوا تاريخهم بايدهم على الطريق الصحيح . فاننا هنا يمكن ان نتامل و ببصيص من الامل في من يفكر و يتمعن و يتعمق في تاريخ الامس القريب و ما حصل، فان القوة و الحيل و الخطط التي تبنيها الاعداء لن تكون نتيجتها مضمونة لاحد و انهم سيجعلون المنطقة اكثر تعقيدا و تستمر الخلافات و تهدر الدماء و الاموال و تذهب لجيوب هؤلاء بطريقة و اخرى، كما يلعبون اليوم بسياساتهم الاقتصادية و التجارية بالذات من اجل مص ما لدى العراق حتى اخر قطرة منه . اعقلوا ايها الشعب العراقي و القادة لا يغركم الاداعاءت العقيدية الدينية و المذهبية التي هي في الاساس من اجل العرقية لقوميات السائدة في هذه البلدان من جوار العراقي و ما تلعبه الراسمالية باهم جميعا من اجلها فقط .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here