ملخص كلمة الدكتور علي رمضان الأوسي في الذكرى السنوية 39 لتغيبب الامام موسى الصدر

(الامام موسى الصدر القائد، المعلّم، القدوة)

 

ملخص كلمة الدكتور علي رمضان الأوسي في الذكرى السنوية 39 لتغيبب الامام موسى الصدر

 بدعوة من مكتب حركة أمل في لندن 17/9/2017م

 

البيئة التي تصنع القائد:

تربى الامام موسى الصدر في الحوزات العلمية في قم والنجف وجمع الى ذلك الدراسة الاكاديمية من جامعة طهران وفي رعاية كبار العلماء، فعاد استاذاً للفلسفة، والعلوم الدينية فيها، وكان جيله  جيل المتنورين الكبار، وقد أسس مجلة (مكتب اسلام) برؤى تصحيحية نافذة، كما أسهم في النجف بتأسيس جمعية منتدى النشر.

ارتبط والده (صدر الدين الصدر) بالسيد حسين القمي والمجدد الشيخ عبد الكريم الحائري اللذين تتلمذا على يد المجدد الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق وبقائد ثورة التنباك وبالشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب المشروطة ومن هذه الاجواء انطلق الامام موسى الصدر حيث شهدت ستينيات القرن العشرين الميلادي تحولات وانتفاضات وثورات تحررية كما شهدت تيارات فكرية منحرفة تعارض القيم الدينية العليا.

 

رؤيته للكون والحياة:

انطلق الامام موسى الصدر من نظرته المبدئية: ان العالم قائم على أساس الحق والعدل… ولا معنى للقول بعبثية الحياة بدليل قوله تعالى: (وما خلقنا السماء والارض وما بينها لاعبين)، فالدقة الكونية تحكي عن نظرية العدالة في الحياة، وان الباطل والظلم والخيانة مفاهيم زائلة وفانية مهما كانت قوتها: (والسماء رفعها ووضع الميزان، ألا تطغوا في الميزان) وان عدم التنظيم وعدم النظام في الحياة الاجتماعية يعني الفناء المحتّم، فلابد من الانضباط والتنظيم.

فالامام موسى الصدر يؤكد في فكره وطرحه العلمي على الموائمة بين الكون والحياة فلا فوضى ولا عبثية مطلقاً.

الفطرة قوة مسدّدة:

يقول الامام موسى الصدر: الانسان مجبول على الفطرة الطاهرة النقية، وحتى حين يدفع الانسان الصالح الى ان يظلم احيانا فأن الفطرة تدعوه للتوقف والعودة الى الطريق السليم، ثم ان في الانسان قوى غيبية كثيرة تدفع الرجال الكبار لتحقيق أهدافهم السامية المهمة في الحياة.

 

نظرته نحو بعض المفردات الدينية:

1-الايمان: يقول الامام موسى الصدر: الايمان هو ذلك الشيء الذي يمنع الانسان ان يقف محايداً أمام عذابات الآخرين، ويقول: نحن لا نقيم وزناً لإيمان من يبيت شبِعاً وجاره جائع.

2-الصلاة: ليست الصلاة تدفعك الى الابتعاد عن خدمة الجار والتقصير بحقّه فهذه صلاة تورد النار لا الجنة، وليست الصلاة تمنع من الاعتراض على الظالمين.

3-الزهد والتقوى والصبر: كلها معان أصيلة واقعية وليست وسائل للارتزاق والتكسب.

هذه نظرات عملاقة كاشفة عن حقيقة هذه المفاهيم والممارسات وهي دعوة للوعي وتدبّرها كما أراد الله لعباده لتكون أدوات تحرير النفس من الأنا والمجتمع من التخلف.

 

الاستعمار الفكري:

حذّر الامام موسى الصدر من تداعيات الهجمات الفكرية والثقافية وقد عبّر عنها بالاستعمار الفكري الذي هو أشد وأخطر من الاستعمار السياسي والعسكري والاقتصادي –على حد تعبيره- حيث ان فقدان الهوية يعني الموت المحتّم، ويضيف: (اني لأعجب كيف ان أمة تمتلك كل هذه الكنوز الثقافية الاصيلة وتلهث خلف ثقافات غريبة عن واقعها وتاريخها وأصالتها).

 

أسباب في التخلف:

يستعرض الامام موسى الصدر أبرز هذه الاسباب التي أدت الى تخلّف الأمة عن دورها الريادي وأوعزها الى:

1-الكسل: حين تكسل الأمة عن واجباتها.

2-الكذب: حين لا تصدق الأمة مع نفسها وقضيتها.

3-الاستعمار: الذي يستلب الهوية ويدمر البنى التحتية.

 

مؤلفاته وآثاره:

لقد اختار الامام موسى الصدر عناوين مؤثرة في الحياة الاجتماعية فتحدث فيها وكتب عنها وهذا النوع من التناول يكشف عن اتجاه فكري واع وعن نوع من الهموم التي كان يحملها أمام شعبه ومخاطبيه  والانسانية ومن هذه العناوين:

المذهب الاقتصادي في الاسلام – الاسلام ومشكله الطبقية- الاسلام وثقافة القرن العشرين- دراسات في تفسير القرآن الكريم- كتب حول الاسلام والتربية والتطور والمرأة والعبادات – كتاب المعاملات الجديدة في ضوء الفقه الاسلامي، وعشرات المقالات والمحاضرات المؤثرة.

 

مثال من جهده التفسيري:

هناك تفسير للامام موسى الصدر لسورة الاخلاص ولسورة العلق يتحدث  في الاولى عن (الله أحد، الله الصمد) يقول: الأحدية ترفض التمييز العنصري، وان الافكار العنصرية والعائلية مرفوضة في مفهومي الأحدية والصمدية.

وان السعادة الاجتماعية والشقاء الاجتماعي هما نتيجة عملنا المباشر ولا يُفرض علينا شيء أبداً اذا نحن لم نرد، وهذا هو معنى التوحيد في قوله تعالى: (الله احد الله الصمد) فليس هناك سعد أو نحس كما يظن البعض، وان الله سبحانه لا يريد لفئة التأخر دون فئة أخرى (ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم).

 

لماذا اختطف الامام موسى الصدر؟

دخل الامام موسى الصدر ليبيا بتاريخ 25/8/1978م، باقتراح من الرئيس الجزائري هواري بومدين وغيّب تماماً بتاريخ 31/8/1978م، اي بعد ستة أيام اثناء توجهه للقاء القذافي، وكانت سفرة الامام من اجل ايجاد ضغط ورأي شعبي ورسمي لاخراج المحتل الصهيوني من لبنان، فاختطف في ليبيا بسبب انجازاته الكبيرة ومشاريعه الاجتماعية والاقتصادية التي أنعشت الطائفة الشيعية في لبنان، وبسبب مواجهته للمشكل الطائفي المعقّد في لبنان بطرحه مشروع المواطنة وكذلك بمواجهة المحتل الصهيوني بالمقاومة وحركة المحرومين, وحركة أمل وها هي اليوم المقاومة الشجاعة والشريفة في لبنان تحقّق أروع الانتصارات على داعش والنصرة وامتدادات الاستكبار العالمي وذيوله المنبطحة في دول المنطقة.

 

الحوار والوحدة:

انطلاقاً من رؤيته الفكرية نحو الكون والحياة وضرورة ان يسعد الانسان إياً كان دينه او مذهبه راح الامام الصدر يفتح الحوار مع الآخر مسلماً كان او مسيحياً لانه لا يعتقد بحقيقة هذه الحواجز النفسية التي تعمقت عبر تاريخ كتبه الاقوياء وطلاب السلطة بعيداً عن طموحات الانسان والدين التوحيدي الخالص.

الامام موسى الصدر هو المعلّم والمصلح والقائد القدوة ترك مدرسة فكرية لا زلنا بحاجة البحث فيها وفي مفرداتها الراقية.

 

 

د. علي رمضان الأوسي

مدير مركز دراسات جنوب العراق

[email protected]

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here